إلى أين تتجه أسعار الفائدة في مصر خلال عام 2022؟
كتب- مصطفى عيد ومنال المصري:
توقع محللون وخبراء أن يتجه البنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة خلال عام 2022 بنسبة تتراوح بين 0.5 و1%، ولكن ذلك مرهون بتطور الأوضاع الخارجية وتداعياتها على معدلات التضخم في مصر وجاذبية استثمارات الأجانب في أدوات الدين.
ويأتي ذلك مع بدء البنوك المركزية في بعض الدول تطبيق سياسة التشديد النقدي والاتجاه إلى رفع أسعار الفائدة وتسريع إنهاء برامج التحفيز لاقتصاداتها، ومنها الولايات المتحدة التي تتوقع رفع أسعار الفائدة 3 مرات في العام المقبل، وأيضا المملكة المتحدة التي كانت أولى الدول المتقدمة التي رفعت أسعار الفائدة يوم الخميس الماضي.
وكان البنك المركزي ثبت أسعار الفائدة يوم الخميس الماضي للمرة التاسعة على التوالي وذلك خلال الاجتماع الثامن والأخير للجنة السياسة النقدية بالبنك هذا العام لتستقر عند 8.25% للإيداع، و9.25% للإقراض.
وأعلن الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي)، يوم الأربعاء الماضي، تسريع التخلص من برنامج التحفيز النقدي عبر زيادة قيمة التقليص الشهرية في البرنامج إلى 30 مليار دولار بدءا من يناير المقبل، وهو ما يجعل الانتهاء منه أسرع مما كان مخططا له عند منتصف العام المقبل.
كما توقع مسؤولون بالمركزي الأمريكي رفع أسعار الفائدة 3 مرات العام المقبل وبمجموع 8 مرات في السنوات الثلاث المقبلة، حيث يتيح إنهاء برنامج التحفيز إمكانية البدء في رفع الفائدة المتوقع في وقت أبكر مما هو معتقد.
وكأول بنك مركزي يتخذ هذه الخطوة المتوقع تنفيذها على نطاق واسع بين العديد من البنوك المركزية بالدول المتقدمة خلال العام المقبل، رفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة يوم الخميس الماضي من 0.1% إلى 0.25%.
إلى أين تتجه أسعار الفائدة في مصر؟
توقعت منى بدير، كبيرة الاقتصاديين بشركة برايم لتداول الأوراق المالية، أن يتجه البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة بين 50 و100 نقطة أساس خلال العام المقبل.
واتفقت معها إسراء أحمد محللة الاقتصاد الكلي بشركة الأهلي فاروس لتداول الأوراق المالية، حيث تتوقع أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة حوالي 1% خلال العام المقبل.
وقالت منى بدير، لمصراوي، إنه من المتوقع أن يشهد عام 2022 صعود الدولار ومعدلات تضخم مرتفعة واتجاه معظم البنوك المركزية لرفع أسعار الفائدة وتراجع قيمة عملات عدد من الأسواق الناشئة مقابل الدولار، وهي ما يعد بيئة غير مثالية لتدفقات الأجانب في أدوات الدين والاستثمار في أصول الأسواق الناشئة.
وأضافت أن ارتفاع تكلفة الاقتراض الخارجية مع الاتجاه لرفع أسعار الفائدة في الخارج سيدفع ذلك البنك المركزي المصري للحفاظ على أسعار الفائدة الحالية أطول فترة ممكنة طالما بقيت معدلات التضخم ضمن النطاق المستهدف منه.
وذكرت بدير أنه بالتالي في حالة رفع أسعار الفائدة سيكون في النصف الثاني من العام، إلا لو اتخذ البنك المركزي إجراءً استباقيا من أجل الحفاظ على شهية الأجانب في الاستثمارات غير المباشرة.
وفي المقابل ترى إسراء أحمد أنه من الصعب توقع توقيت رفع أسعار الفائدة خلال العام المقبل ولكنها ترجح أن يلجأ البنك المركزي إلى هذه الخطوة في النصف الأول من العام.
وقالت إسراء أحمد، لمصراوي، إن توقيتات ونسبة الزيادة في أسعار الفائدة بمصر تتوقف على عوامل عديدة، منها مدى سرعة تحرك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وغيره من البنوك المركزية الكبرى في العودة لمعدلات فائدة طبيعية، ومنها مدى سرعة وقوة خروج رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة إن حدث.
وأضافت أن هذه العوامل تتضمن أيضا مدى قدرة المصادر الهيكلية المستدامة للعملة الأجنبية في الاقتصاد المصري على تخفيف الضغط الذي يمكن أن يحدث على العملة، كالتعافي المأمول في السياحة، وزيادة تحويلات المصريين، وغيرها.
وذكرت إسراء: "نرى أن المركزي سيحاول أن يكون مقتصدا في رفع الفائدة قدر الإمكان، ولن يلجأ إلى رفعها إلا إذا ارتأى تهديدا قويا ومستمرا للعملة أو ارتفاعا شديدا للتضخم، وستكون بقدر محسوب نظرا لكلفتها المرتفعة على أرقام الموازنة والدين العام التي تعتبر أولوية شديدة في الوقت الحالي".
وترى إسراء أحمد فرضة أخرى لرفع أسعار الفائدة 0.5% إضافية في النصف الأول من عام 2023، لتصل نسبة الرفع المتوقعة إلى 1.5% خلال فترة العام ونصف المقبلة.
واتفق تامر الصادق، نائب رئيس المعاملات الدولية في ميد بنك، مع التوقعات السابقة، على أن مصر لن تحتاج لرفع الفائدة في عام 2022، إلا في حالة الضرورة مرة واحدة فقط بنسبة زيادة 1% كحد أقصى، نتيجة ارتفاع العائد الحقيقي المقدم علي الاستثمار في الجنيه المصري مقارنة بفائدة صفرية في أمريكا أو أوروبا.
وقال الصادق، لمصراوي، إن مصر لن تتأثر ببدء اتجاه بعض الدول الأوروبية أو الأسواق الناشئة إلى رفع أسعار الفائدة، وكذلك إعلان البنك الفيدرالي الاتجاه لزيادة الفائدة وتسريع الانتهاء من برنامج تحفيز الاقتصاد، وذلك بسبب انفلات التضخم في هذه الدول مع وجود فائدة صفرية بها.
وقال محمد عبد العال، عضو مجلس إدارة في أحد البنوك الخاصة، لمصراوي، إن البنك المركزي لن يرفع أسعار الفائدة إلا في حالة زيادة معدل التضخم عند الحد الأقصى للمستهدف له، أي فوق 9%، وهو أمر مستبعد على المدى القصير والمتوسط، ومن الصعب الحكم على الأوضاغ قبل نهاية النصف الأول من 2022.
وتوقع محمود نجلة، مدير أسواق النقد والدخل الثابت في شركة الأهلي للاستثمارات المالية، أن البنك المركزي المصري لن يتجه لرفع الفائدة إلا بعد الربع الأول من العام القادم في حال وجود ارتفاع للتضخم عن الحد المستهدف من المركزي.
وأكد نجلة أن البنك المركزي يمتلك الأدوات الكافية للسيطرة على الضغوط التضخمية ومن بينها رفع أسعار الفائدة، ولكنه سيتريث قبل اتخاذ أي إجراء حتى تتضح تفاصيل الوضع الخارجي بعد الربع الأول من العام المقبل وبدء تحريك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة.
فيديو قد يعجبك: