اجتماع جديد لبحث مصير سعر الفائدة في مصر.. فكيف يتحرك البنك المركزي؟
كتبت-منال المصري:
يضع ارتفاع معدل التضخم المستمر في مصر، البنك المركزي في الأضواء مرة ثانية مع اقتراب اجتماعه المرتقب لبحث مصير سعر الفائدة يوم 23 يونيو الجاري.
وتباينت توقعات مصرفيون تحدث إليهم مصراوي بين احتمالات اتجاه المركزي لتثبيت سعر الفائدة بعد ما رفعها مرتين على التوالي في آخر اجتماعين له وامتصاصه صدمة الضغوط والمتغيرات العالمية، أو مواصلته لرفع سعر الفائدة ولكن بوتيرة أقل عن الاجتماع السابق.
وتعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري اجتماعها الرابع خلال عام 2022 يوم الخميس الموافق 23 من شهر يونيو الجاري.
وسجل معدل التضخم السنوي في المدن خلال مايو الماضي ارتفاعًا للشهر السادس على التوالي ليبلغ 13.5% مقابل 13.1% في أبريل الماضي، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
كما أعلن البنك المركزي المصري الخميس الماضي ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 13.3% خلال مايو الماضي مقابل 11.9% في شهر أبريل.
ويتجاوز معدل التضخم السنوي الأساسي أو العام في المدن بذلك النطاق المستهدف الذي وضعه البنك المركزي لمعدل التضخم السنوي عند مستوى 7% (بزيادة أو نقصان 2%) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2022.
تباين التوقعات
وتوقعت سهر الدماطي، نائب رئيس بنك مصر سابقا، رفع البنك المركزي للفائدة في اجتماعه القادم للمرة الثالثة على التوالي ولكن بوتيرة أقل من اجتماعاته السابقة بعد زيادة معدل التضخم، واتجاه الفيدرالي الأمريكي لرفع الفائدة في اجتماعه نهاية الأسبوع الجاري.
ورجحت سهر الدماطي رفع المركزي للفائدة بنسبة لن تزيد بين 1% و1.5% على أقصى تقدير وهي أقل من وتيرة زيادة الفائدة في آخر اجتماع له بهدف إيجاد عائد حقيقي على مدخرات العملاء بالجنيه المصري يفوق معدل التضخم.
وكان البنك المركزي رفع سعر الفائدة للمرة الثانية هذا العام يوم 19 مايو الماضي بنسبة 2% لتصل إلى 11.25% للإيداع و12.25% للإقراض.
وكان المركزي رفع أسعار الفائدة 1% يوم 21 مارس الماضي خلال اجتماع استثنائي، وذلك تزامنا مع طرح شهادة ادخار مرتفعة العائد بنسبة 18% ببنكي الأهلي المصري ومصر، والتي تم إيقافها مؤخرا بعد تحقيق الحصيلة المستهدفة منها ببيع شهادات بقيمة 750 مليار جنيه.
وأوضحت الدماطي أن المركزي يسعى إلى تحقيق معادلة صعبة وهي وجود عائد حقيقي للعملاء على مدخراتهم، لامتصاص السيولة ومحاربة التضخم، وفي نفس الوقت تفادي الآثار السلبية لزيادة الفائدة على تراجع وتيرة النمو.
وأضافت أن أي زيادة على الإقراض تحملها الشركات على سعر المنتج النهائي وبالتالي ستزيد الأسعار وينعكس ذلك على زيادة التضخم وترشيد المواطنين مشترياتهم وكل ذلك سيؤثر على تراجع معدل الإنتاج للقطاع الخاص.
وأشارت الدماطي أن تثبيت المركزي للفائدة هو قرار محتمل في الاجتماع القادم خاصة أن الهدف من رفع الفائدة امتصاص السيولة لضبط الأسعار ولكن ما نراه حاليا تضخم مستورد لن يفلح معه زيادة الفائدة.
وساهم اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في الأيام الأخيرة لشهر فبراير، والمستمرة حتى الآن، والعقوبات الغربية على روسيا بسبب هذه الحرب، في ارتفاع أسعار عدد من السلع العالمية خلال الشهور الأخيرة وعلى رأسها سلع أساسية غذائية والمعادن والطاقة وغيرها بشكل حاد وهو انعكس على أسعار بعض السلع في مصر ولا يزال يعكس بعض تأثيره على الأسواق.
وقال محمود نجلة، المدير التنفيذي الأسواق النقد والدخل الثابت، في شركة الأهلي لإدارة الاستثمارات، إن وتيرة زيادة معدل التضخم الشهري المنخفضة قد تساعد المركزي على تثبيت سعر الفائدة في الاجتماع القادم للحصول على مهلة لمراقبة الأوضاع القادمة وخاصة بعد ما رفع الفائدة 3% على مرتين.
وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، انخفاض معدل التضخم الشهري خلال مايو الماضي إلى 0.9% لإجمالي الجمهورية مقابل 3.7% في أبريل، كما انخفض معدل التضخم الشهري في المدن خلال مايو إلى 1.1% مقابل 3.3% في أبريل.
ولا يعني انخفاض معدل التضخم الشهري في مايو الماضي أن أسعار السلع والخدمات تراجعت، ولكن ذلك يعني أنها ارتفعت في المجمل بوتيرة أقل من ارتفاعها في أبريل.
وأوضح محمود نجلة أن البنك المركزي لن يضطر لرفع الفائدة الاجتماع القادم نتيجة نجاحه في امتصاص صدمة الفيدرالي الأمريكي بشكل استباقي سواء برفع الفائدة 1% في اجتماعه الاستثنائي في مارس الماضي أو رفع الفائدة 2% في اجتماعه التالي بشهر مايو الماضي.
ويعلن البنك الفيدرالي الأمريكي في اجتماعه يوم الأربعاء القادم قرارًا جديدًا بشأن سعر الفائدة مع ارتفاع التوقعات برفع سعر الفائدة بنسبة تتراوح بين 0.5% إلى 0.75% بعد أن رفعها 0.25% في اجتماع مارس ثم 0.5% في اجتماع مايو الماضي بهدف كبح التضخم الذي بلغ أعلى مستوياته منذ 40 عاماً عند 8.5%.
وعادة ما يؤثر قرار الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة على الدول الناشئة في اتباع نفس المسار للحفاظ على جزء من استثمارات الأجانب في أذون وسندات الخزانة (أدوات الدين الحكومية).
وقال عضو مجلس إدارة في أحد البنوك الخاصة، إن البنك المركزي من المحتمل أن يرفع سعر الفائدة في اجتماعه القادم بوتير أقل من السابقة وبنسبة لن تزيد عن 1% بهدف إعطاء حافز نفسي فقط لا غير بعد زيادة معدل التضخم.
ووصف تراجع وتيرة ارتفاع التضخم الشهري خلال شهر مايو الماضي بالخادعة حيث يتميز هذا الشهر بتقليل المصريين مشترياتهم بسبب ضغوط ومصروفات الدروس الخصوصية للطلبة في المدارس وسيظهر ارتفاع التضخم بوضوح خلال 3 شهور القادمة.
وأوضح أن رغبة البنك المركزي في رفع سعر الفائدة بهدف المحافظة على وجود عائد حقيقي على استثمار الأموال في البنوك وليس لامتصاص السيولة كون التضخم الحالي مستورد لن يفلح معه زيادة الفائدة.
والمعدل الحقيقي للعائد في البنوك، هو صافي ما يحصل عليه المدخرين في البنوك سواء في الشهادات أو أدوات الدين الحكومية بعد خصم معدل التضخم.
ويتفق عضو مجلس الإدارة أحد البنوك الخاصة مع سهر الدماطي ونجله في رأيهم أن رفع المركزي للفائدة سيكون أقل حدة عن الاجتماع السابق لتلاشي آثاره السلبية على زيادة التكلفة على الشركات المقترضين خارج المبادرات المدعمة، وانعكاس هذا على زيادة أسعار السلع وتراجع المشتريات ثم انخفاض معدلات الإنتاج.
فيديو قد يعجبك: