البنك المركزي يحسم مصير سعر الفائدة الخميس المقبل.. فما التوقعات؟
كتبت- منال المصري:
تبانيت توقعات مصرفيين لقرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة خلال الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية بالبنك، وذلك بعد إعلان أرقام التضخم خلال يوليو الماضي أمس الأربعاء.
وتعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي يوم الخميس المقبل اجتماعها الخامس هذا العام لبحث مصير أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض أخذا في الاعتبار عدة عوامل منها تحركات معدل التضخم، والحفاظ على جاذبية الاستثمار في الجنيه، ومدى التأثر بتداعيات قرارات رفع الفائدة الأمريكية، إلى جانب انخفاض أسعار البترول والسلع الغذائية في الآونة الأخيرة.
وكانت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي قررت في اجتماعها الأخير في 23 يونيو الماضي تثبيت أسعار الفائدة دون تغيير عند 11.25% للإيداع و12.25% للإقراض.
ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمجموع 3% خلال اجتماعي اللجنة في مارس ومايو الماضيين.
وتوقع محمد بدرة، الخبير المصرفي، أن يرفع البنك المركزي بنسبة تتراوح بين 1% إلى 2% في اجتماع لجنة السياسة النقدية يوم الخميس المقبل لكبح جماح التضخم خاصة بعد تسجيله معدلا إيجابيا خلال شهر يوليو.
وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في بيان له أمس الأربعاء، تراجع معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية للشهر الثاني على التوالي في يوليو الماضي، مسجلا 14.6% مقابل 14.7% في يونيو.
وفي المقابل ارتفع معدل التضخم السنوي في المدن خلال يوليو الماضي إلى 13.6% مقابل 13.2% في يونيو، وفقا لبيانات الجهاز.
ولا يزال معدل التضخم السنوي في المدن متجاوزا النطاق المستهدف الذي وضعه البنك المركزي لمعدل التضخم السنوي عند مستوى 7% (بزيادة أو نقصان 2%) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2022.
وسجل التضخم الشهري لإجمالي الجمهورية معدلا موجبا 0.9% في يونيو مقابل معدل سالب -0.3% في يونيو الماضي.
كما سجل التضخم الشهري في المدن 1.3% خلال يوليو مقابل معدل سالب -0.1% في يونيو الماضي، وفي الريف سجل 0.6% في يونيو مقابل معدل سالب -0.4% في يونيو.
يرى بدرة أهمية لرفع البنك المركزي سعر الفائدة في الاجتماع المقبل للجنة من أجل الاستمرار في جذب مدخرات المصريين العاملين بالخارج للاستثمار في الجنيه، خاصة بعد زيادة الفائدة على الدولار في الولايات المتحدة، وهو ما يجعل من المهم رفع الفائدة تجنبا لأضرار أكثر من قرار التثبيت.
وأضاف بدرة أن رفع البنك المركزي الفائدة سيسهم في مواجهة تداعيات الأزمة الحالية كما حدث عقب قرار تحرير سعر الصرف في 2016 بطرح شهادة الادخار ذات العائد 20% ثم وقفها بعد ذلك وخفض الفائدة حتى مستوى 11% على الشهادات بعد استقرار وتحسن الأوضاع الاقتصادية.
كان بنكا الأهلي ومصر طرحا شهادة ادخار بفائدة مرتفعة 18% سنويا أجل عام في مارس الماضي تزامنا مع أول رفع للفائدة بالمركزي في أكثر من 4 سنوات، وأوقف البنكان الشهادة نهاية مايو الماضي بعد ما جمعت الحصيلة المستهدفة 750 مليار جنيه خلال 71 يوما من طرحها.
وذكر بدرة لمصراوي أن رفع البنك المركزي للفائدة سيكون دعما للمودعين، فضلا عن كونه سلاحا ضد بعض الظواهر بالمجتمع مثل "المستريح" استغلالا لأطماع البعض.
ورجحت سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية، تثبيت البنك المركزي أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي في الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية خاصة بعد ارتفاع معدل التضخم السنوي في المدن بوتيرة منخفضة خلال شهر يوليو الماضي وتراجع أسعار السلع الغذائية عالميا وهبوط سعر البترول مما يدعم قرار التثبيت.
ووصلت أسعار البترول خلال الأيام الأخيرة إلى مستويات ما قبل حرب روسيا على أوكرانيا لتدور حول مستوى 95 دولارا للبرميل لخام برنت بشكل حاد، وذلك بعد أن ارتفعت عقب اندلاع الحرب بشكل ملحوظ ووصل سعر البرميل إلى حدود 140 دولارا قبل أن يبقى طويلا أعلى من مستوى 100 دولار.
وقالت سهر الدماطي، لمصراوي، إن رفع الفائدة سيكون لها أضرار سلبية على الشركات المقترضة من البنوك من خلال زيادة عبء التكلفة وهو ما يزيد من حجم التحديات التي تواجهها هذه الشركات نتيجة معاناة الاقتصاديات العالمية.
وأضافت أنه من الصعب مجاراة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في رفع الفائدة خاصة، فأمريكا تعاني من تضخم مرتفع ومخاوف من الدخول في ركود تضخمي، كما أن زيادة الفائدة في مصر سيزيد من أعباء زيادة عجز الموازنة.
وكان الاحتياطي الفيدرالي قرر خلال اجتماعه الأخير في يوليو الماضي رفع أسعار الفائدة للمرة الرابعة على التوالي بنسبة 0.75% إلى نطاق 2.25-2.50% لمواجهة معدلات التضخم المرتفعة والتي وصلت إلى أعلى مستوياتها في أكثر من 40 عاما عند 9.1% في يونيو مقابل 8.8% في مايو الماضي.
ويتوقع عضو مجلس إدارة في أحد البنوك الخاصة، لمصراوي، أن يثبت البنك المركزي أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل للجنة، ولكنه لم يستبعد أن يلجأ البنك المركزي لرفعها كعامل نفسي فقط في مواجهة التضخم المرتفع، ومع اتجاه الفيدرالي لرفع الفائدة على الدولار من جديد في سبتمبر.
وقال لمصراوي إن رفع الفائدة لن يؤدي إلى تداعيات سلبية كبيرة على مستوى الشركات المقترضة في ظل استمرار المبادرات المدعمة بفائدة 5% للمشروعات الصغيرة، و8% للشركات الصناعية والمقاولات والزراعة، المتوسطة، والسياحة لكن المتضرر الأكبر هو الخزانة العامة للدولة وزيادة عجز الموازنة.
وكان البنك المركزي أتاح مبادرة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في 2015 مخصصا لها شريحة تمويلية 200 مليار جنيه قبل أن يرفعها إلى 360 مليار جنيه ملزما البنوك بأن يستحوذ هذا القطاع على 25% من إجمالي محافظها التمويلية بنهاية العام الجاري 2022 لما يحققه هذا القطاع من معدل نمو سريع وتشغيل أيدٍ عاملة.
كما أتاح المركزي مبادرة للصناعة في ديسمبر 2019 بفائدة 8% بعد تخفيضها من 10% لمساعدة الشركات على واجهة تبعات فيروس كورونا مخصصا لها شريحة بقيمة 200 مليار جنيه قبل رفع الحدود المسموح بها إلى نحو 450 مليار جنيه وإدراج قطاعي الزراعة والمقاولات بها وهي مستمرة حتى الآن.
وطرح المركزي أيضا مبادرة لدعم قطاع السياحة في أول عام 2020 مخصصا لها شريحة تمويلية بقيمة 50 مليار جنيه بفائدة 10% قبل أن يخفضها إلى 8% لمساعدة هذا القطاع الذي يعد المورد الأساسي في جذب النقد الأجنبي على مواجهة تبعات كورونا.
وأضاف عضو مجلس إدارة أحد البنوك، أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لن يساعد في جذب الأموال الساخنة مجددا في ظل وجود فائدة مرتفعة على الدولار في أمريكا بجانب تراجع حجم مخاطرها مقارنة بالدول الناشئة.
فيديو قد يعجبك: