بعد توقعات ستاندرد آند بورز.. هل يصل سعر الدولار في مصر إلى 40 جنيها؟
كتب- مصطفى عيد:
وسط توقعات بارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه لمحطة جديدة قد تتجاوز في تقديرات البعض مستوى الثلاثينيات، يترقب البعض بين الحين والآخر ما يصفونه بـ "تعويم رابع" أي خفض جديد للجنيه مقابل العملات الأجنبية، بعد أن انخفض بشكل كبير في 3 تحركات رئيسية خلال آخر 13 شهرا، بالإضافة إلى انخفاض تدريجي أقل حدة.
وبينما تتوقع بعض التحليلات أن يصل سعر الدولار في الفترة القادمة إلى مستوى 40 جنيها أو أكثر، يرى بعض المحللين أن هذا السيناريو غير قابل للحدوث، وأن سعر الجنيه لا يحتاج إلى المزيد من الهبوط.
ومنذ 20 مارس 2022 وحتى الآن ارتفع سعر الدولار بأكثر من 96% مقابل الجنيه مع التراجع الكبير والمستمر في سعر الجنيه والذي مر بمحطات ثلاثة رئيسية في مارس وأكتوبر 2022 ويناير 2023، ليقترب سعر الدولار من 31 جنيها حاليا في البنوك المصرية.
كانت الحكومة أعلنت في فبراير الماضي برنامجا لمدة عام لبيع 32 حصة وأصل من أصول وحصص في شركات تساهم فيها الدولة المصرية سواء لمستثمرين استراتيجيين أو في البورصة، وسط توقعات أن تتم أغلب هذه الصفقات مع مستثمرين من دول خليجية من أجل المزيد من تدفقات النقد الأجنبي.
ومنذ ذلك الحين لم يحدث أي جديد فيما يتعلق بهذه الصفقات وسط حديث عن اختلاف مع أطراف عربية عن تقديرات بعض هذه الأصول والضغط من أجل القيام بإصلاحات أخرى أو خفض سعر الجنيه والوصول به لما يسمى للمستوى العادل.
وتوقعت وكالة ستاندرد آند بورز، في تقرير حديث لها، أن يصل سعر الدولار في مصر إلى مستوى 40 جنيها في نهاية يونيو المقبل وذلك مقابل 18.75 جنيه في نهاية يونيو الماضي.
كما توقعت الوكالة أن يحقق سعر الدولار المزيد من الارتفاع خلال العام المالي المقبل لينهي العام عند مستوى 42 جنيها في نهاية يونيو 2024، ثم يرتفع إلى 43 جنيها في نهاية يونيو 2025 ويستقر عند نفس المستوى حتى نهاية يونيو 2026.
وقالت الوكالة: "نتوقع انخفاض الجنيه المصري بنحو 53% بنهاية السنة المالية 2023، مقارنة بالعام المالي السابق، يليه انخفاض متواضع في السنوات اللاحقة".
لكن المؤسسة قالت إن الإصلاحات الكبيرة التي أعلنت الدولة في ديسمبر 2022، تبنيها قد تؤدي إلى تدفق مستمر للعملة الأجنبية إذا تم تنفيذها بالكامل.
وتشمل هذه الإصلاحات، المدعومة ببرنامج بقيمة 3 مليارات دولار في إطار تسهيل الصندوق الموسع لصندوق النقد الدولي: الضبط المالي، وتنفيذ شروط كافية للسماح بسعر صرف مرن بالكامل، وخطة لبيع حصص أقلية (في الغالب) في شركات مملوكة للدولة تم اختيارها.
كانت الحكومة المصرية اتفقت مع صندوق النقد الدولي على برنامج للإصلاح الاقتصادي لمدة 46 شهرا مدعوما بتمويل من الصندوق بقيمة 3 مليارات دولار على عدة شرائح، ووافق المجلس التنفيذي للصندوق على البرنامج في ديسمبر الماضي.
لكن المراجعة الأولى التي كان من المفترض أن تبدأ منتصف الشهر الماضي، على ما يبدو رهن تحرك الحكومة نحو تحقيق تقدم في برنامج بيع أصول للحصول على تدفقات نقد أجنبية، إلى جانب الاستمرار في تبني نظام سعر صرف مرن، بحسب تصريحات لبعض مسؤولي الصندوق مؤخرا.
وقالت الوكالة إن الأدلة المحدودة نسبيًا على تنفيذ الإصلاح أدت إلى زيادة الضغط على الجنيه المصري، لا سيما بالنظر إلى ارتفاع احتياجات مصر من التمويل الخارجي.
لن يصل سعر الدولار إلى 40 جنيها
من جانبها، قالت علياء المبيض كبيرة الاقتصاديين في الشرق الأوسط لدى بنك الاستثمار الأمريكي جيفريز، في تصريحات لقناة الشرق اليوم الثلاثاء، إنها لا تتفق مع كل التحليلات التي تتوقع بأن سعر الجنيه سيستمر في الهبوط ليصل سعر الدولار إلى مستوى 40 جنيها أو 53 جنيها.
ووصفت علياء المبيض هذه التحليلات بأنها "كلام غير مسؤول" ويؤخر الصفقات المرتقب تنفيذها لبيع حصص حكومية بشركات لمستثمرين استراتيجيين.
وتابعت: "اليوم حتى اقتصاديا السعر الحقيقي للجنيه لا يتطلب المزيد من الخفض الاسمي للجنيه".
وعن أسباب تأخر تحقيق المزيد من الخطوات في برنامج الطروحات الحكومية، قالت علياء المبيض إن إعادة هيكلة اقتصاد كبير مثل الاقتصاد المصري وخاصة ما يتعلق بالمؤسسات العامة لا يمكن أن يتم بضغطة زر أو بشكل أوتوماتيكي.
وأضافت أن الظروف الخارجية حاليا ليست مواتية لبيع الأصول، إلى جانب أن هناك مشكلة متعلقة بسعر الصرف (رغم عدم اتفاقها مع حاجة الجنيه لهبوط كبير مثلما تروج بعض التحليلات الأخرى).
من جانبه، دعا هاني توفيق الخبير الاقتصادي إلى عدم إجراء أي إجراءات لخفض جديد في سعر الجنيه دون تنفيذ الإصلاحات الهيكلية الشاملة سواء المتفق عليها مع صندوق النقد أو المستثمرين المرتقب دخولهم في صفقات بيع حصص الحكومة في بعض الشركات.
وقال هاني توفيق على صفحته على فيسبوك: "في غياب الإصلاح الهيكلي الشامل، والمتفق عليه سواء مع صندوق النقد أو المستثمرين المرتقبين.. أي تعويم الآن دون هذه الإصلاحات سيدخلنا في دائرة مفرغة بين السعر الرسمي والسعر الموازي للدولار".
وعبر توفيق عن اتفاقه مع التصريحات الأخيرة لحسن عبد الله محافظ المركزي عن أن السياسة النقدية وحدها لا تكفي وحدها لمواجهة التضخم الحالي، وأن أن أي رفع لسعر الفائدة سيكون غير مؤثر وغير وارد في ظل غياب الإصلاحات الهيكلية الشاملة.
كان حسن عبد الله، خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين والتي عقدت في وقت سابق من هذا الشهر في العاصمة الأمريكية واشنطن، إن ارتفاع أسعار الفائدة لا يمكن أن يفعل شيئاً يذكر لاحتواء التضخم.
وتابع: "لن نتردد في فعل المزيد لكننا بحاجة إلى توخّي الحذر الشديد"، موضحا أن سعر الفائدة ليس الأداة الوحيدة التي تملكها مصر لمواجهة التضخم.
وأضاف أن جزءا كبيرا من التضخم لدينا مستورد، والكثير منه بسبب مشاكل الإمداد ليس فقط أسعار التوريد، ولكن مشاكل العرض؛ بما في ذلك التراكم الذي نتج عن بعض اللوائح السابقة وهذا في حد ذاته لا ولن يتم معالجته من خلال أسعار الفائدة.
وذكر المحافظ أن "البنك المركزي المصري لا ولن يتردد في استخدام السياسة النقدية للوصول إلى هدفه للتضخم". وأن "ما تم إنجازه اليوم ضخم للغاية ونحن مستعدون لعمل المزيد. ومع ذلك، يجب النظر إلى المسألة برمتها، وليس السياسة النقدية فقط".
كان البنك المركزي رفع سعر الفائدة بمجموع 10% على مدار عام خلال 5 اجتماعات أولها في 21 مارس 2022 وآخرها في 30 مارس الماضي والذي رفع المركزي سعر الفائدة خلاله بنسبة 2% ليصل إلى 18.25% للإيداع و19.25% للإقراض.
اقرأ أيضا:
ستاندرد آند بورز تتوقع ارتفاع سعر الدولار إلى 40 جنيها بنهاية يونيو
بعد تصريحات محافظ البنك المركزي.. هل وصل سعر الفائدة إلى ذروته في مصر؟
هل يعني تجاوز الدولار 41 جنيها في العقود الآجلة أنه سيصل لهذا المستوى؟
فيديو قد يعجبك: