بعد رفع الفائدة وطرح شهادات.. توقعات بهبوط تدريجي للجنيه مقابل الدولار
كتبت- منال المصري:
توقع مصرفيون، تحدث إليهم مصراوي، ارتفاع سعر الدولار خلال الأيام القادمة مع هبوط الجنيه لكن بوتيرة مرنة متوازنة تجنبا لحدوث صدمات سعرية وبما يعكس حجم التدفقات من النقد الأجنبي المرتقب دخولها من استثمارات خليجية متوقعة، مع عودة فتح سقف الاستيراد لتمويل الطلبات المعلقة في البنوك.
وتأتي هذه التوقعات بعد إعلان البنك المركزي يوم الخميس رفع سعر الفائدة بنسبة 2% في ثاني اجتماع له 2023 وطرح بنكي الأهلي ومصر شهادتي ادخار جديدتين بأسعار فائدة أقل من المتوقع من جانب السوق، ليعكس رؤية السياسة النقدية في العمل على تجنب تزايد معدلات التضخم، أي الحذر من حدوث صدمات سعرية قادمة.
وخلال نحو عام، سجل سعر الدولار ارتفاعا مقابل الجنيه بنحو 96%، وذلك بعد السماح للجنيه بالهبوط على 3 موجات تحرك كبيرة إلى جانب تحركات تدريجية أقل، ليرتفع متوسط سعر بيع الدولار في البنوك من 15.76 جنيه في 20 مارس 2022 إلى 30.94 جنيه اليوم.
وجاءت التحركات في سعر الدولار بسبب التبعات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية، وتزامنا مع لجوء مصر للتفاوض ثم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على برنامح للإصلاح الاقتصادي يتضمن قرضا بقيمة 3 مليارات دولار لسد الفجوة التمويلية، حيث يطلب الصندوق من مصر الحفاظ على سعر صرف مرن للجنيه بشكل دائم.
تمويل الاستيراد ودخول مستثمرين خليجيين
توقع محمد عبد العال، الخبير المصرفي، تحرك سعر الدولار خلال الفترة القادمة مع هبوط الجنيه تحت ضغط زيادة الطلبات المعلقة للاستيراد في البنوك من السلع الغذائية ومستلزمات الإنتاج والمواد الخام، لكنه يتوقع أن يحدث ارتفاع الدولار بوتيرة مرنة متوازنة.
وأوضح أن مصر تطبق سعر صرف مرن للجنيه مقابل العملات الأجنبية الأخرى وفقا للاتفاق المبرم مع صندوق النقد الدولي سواء في برنامج التعاون الأول (2016-2019) أو الحالي، ولذلك فإن زيادة الطلب على العملات الأجنبية ستؤدي إلى زيادة سعر الدولار مقابل الجنيه، لكن ذلك سيكون في نطاق ضيق للغاية ومحسوب.
وعاود البنك المركزي خلال العام الماضي التأكيد على اتباع سعر صرف مرن للجنيه أمام العملات الأجنبية الأخرى في تحديد سعره دون تدخل وذلك بعد ثباته على مدار عامي 2020 و2021 بما ساهم في حصول مصر على موافقة نهائية من صندوق النقد الدولي على القرض الجديد الذي يصرف على مدار 46 شهراً مشروطا باستمرار مصر في اتباع سعر صرف مرن وبيع حصص الدولة في بعض الشركات لمستثمرين استراتيجيين وفقا للاتفاق.
وأضاف عبد العال أن اتباع البنك المركزي سعر صرف للجنيه بدرجة مرنة متوازنة يعكس حجم التدفقات من سيولة النقد الأجنبي الذي تسعى له الدولة لجذبها يعد الطريق الأفضل للأوضاع الاقتصادية الراهنة بدلا من اتباع سعر صرف فائق المرونة بما له من تبعات سلبية محتملة لانفلات التضخم، أي المزيد من زيادة الأسعار.
كما أن سعي الدولة لجذب موارد نقد أجنبي من حصيلة بيع حصص مملوكة لها في 32 شركة لمستثمرين استراتيجيين خاصة الخليجيين غير واضح حاليا فيما يتعلق بسرعة التنفيذ وذلك بسبب الأوضاع الاقتصادية العالمية شديدة الصعوبة، مما يحتم الحذر واتباع سعر صرف مرن متوازن، وفق ما قاله عبد العال.
ورجح محمود نجلة، المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت في شركة الأهلي للاستثمارات المالية، ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه خلال الفترة القادمة مدفوعا بدخول مستثمرين خليجيين وفتح تمويل الاستيراد- المكبوت حالياً- لسد احتياجات السوق خاصة من السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج.
وقال نجلة، لمصراوي، إن تحرك سعر الدولار سيكون مربوطا بوجود تدفقات من النقد الأجنبي من مستثمرين خليجيين لتمويل عمليات الاستيراد وليس تدبيره من احتياطي النقد الأجنبي.
كانت الحكومة أعلنت قبل شهرين طرح حصص للبيع مملوكة لها في 32 شركة سواء بيع مباشر لمستثمرين استراتيجيين أو طرح في البورصة، بهدف تعزيز مشاركة القطاع الخاص وتقليص دور الدولة وجذب موارد من السيولة الأجنبية للخروج من أزمة ضغط العملة.
واتفقت سهر الدماطي، نائب رئيس بنك مصر سابقا، مع التوقعات بتحرك تدريجي محتمل لسعر الجنيه مقابل الدولار لتجنب حدوث صدمات سعرية وانعكاساتها على ارتفاع الأسعار.
وذكرت الدماطي لمصراوي أن سعر صرف الجنيه في مصر يتم تحديده مقابل الدولار أو أي عملة أخرى وفقا لسياسة العرض والطلب، ولذلك لابد من مراعاة تمويل طلبات الاستيراد بشكل يتناسب مع التدفقات من النقد الأجنبي وتجنب الضغوط التضخمية.
وسجل المعدل السنوي للتضخم الأساسي 40.3% خلال شهر فبراير الماضي (في أعلى مستوى تاريخي له) مقارنة مع 31.2% في يناير الماضي، بحسب بيانات البنك المركزي.
وقفز معدل التضخم السنوي في المدن المصرية خلال فبراير الماضي إلى 31.9% مقابل 25.8% في يناير الماضي، بحسب بيان سابق من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الشهر الماضي.
وتوقع محمد بدرة، الخبير المصرفي، تحرك سعر الدولار مقابل الجنيه قليلا ليقترب من سعره الحالي في السوق السوداء الذي وصل إلى حدود 36 جنيها، بزيادة نحو 5 جنيهات عن السعر الرسمي في البنوك والصرافات.
وأوضح بدرة، لمصراوي، أن تحرك سعر الدولار خلال الفترة القادمة قد يواكبه بدء دخول تدفقات من النقد أجنبي عبر شراء مستثمرين خليجيين حصصا مملوكة للدولة في عدد من الشركات.
شهادات ورفع فائدة أقل من التوقعات
قال محمود نجلة، إن طرح بنكا الأهلي ومصر شهادات ادخار بسعر فائدة أقل من المتوقع ورفع البنك المركزي لسعر الفائدة بوتيرة أقل من بعض التوقعات يوجه رسالة طمأنة بعدم حدوث قفزات سعرية في سعر الدولار مقابل الجنيه تجنبا لتسارع معدل التضخم خلال الفترة القادمة.
كان بنكا الأهلي المصري ومصر أعلنا، في بيان مشترك أمس الأحد، إصدار شهادتي ادخار لمدة 3 سنوات بعائد مرتفع في أول تحرك بعد قرار المركزي رفع سعر الفائدة 2% يوم الخميس.
الشهادة الأولى في البنكين بعائد ثابت لمدة 3 سنوات بسعر 19% سنويا ويصرف العائد شهريا، والثانية؛ بعائد متناقص لمدة 3 سنوات بسعر سنوي 22% لأول سنة، و18% للسنة الثانية، و16% للسنة الثالثة ويصرف العائد شهريا.
وقال البنكان إن الشهادتين تعكسان الرؤية الإيجابية لانخفاض أسعار الفائدة خلال الفترة القادمة مع الانخفاض التدريجي المتوقع في معدلات التضخم مع استقرار الأسواق في ظل المتغيرات الدولية والمحلية وسياسة البنك المركزي المصري لاستهداف التضخم، فيما أرجع المركزي في تقريره الأخير تسجيل التضخم معدلا تاريخيا إلى 5 عوامل منها انخفاض الجنيه.
وقد تعكس الفقرة المذكورة من بيان البنكين رؤية السياسة النقدية بتجنب حدوث صدمات سعرية بسبب انخفاض سعر الجنيه الذي يعد السبب الرئيسي في تسجيل معدل التضخم الأساسي رقما تاريخيا في فبراير الماضي.
وجاء إعلان البنكين إصدار الشهادتين الجديدتين بعد يومين من تأكيد يحيى أبو الفتوح نائب رئيس البنك الأهلي المصري عدم طرح شهادات جديدة بسعر فائدة 25% للجنيه المصري و30% مقابل بيع الدولار، ووصف ذلك بالمعلومات المضللة.
واتفق محمد عبد العال مع ما يراه محمود نجلة، بأن رفع البنك المركزي سعر الفائدة بدرجة متوازنة وطرح بنكي الأهلي ومصر شهادتين بسعر فائدة معقولة نوعا ما مقارنة بتوقعات السوق، يعكس اتجاه البنك المركزي لاتباع سياسة نقدية تيسيرية أي لا تقوم على رفع الفائدة بل دعم الإنتاج.
وأوضح أن طرح بنكي الأهلي ومصر شهادة بسعر عائد متدرج متناقص، عبر تطبيق معدل عائد مقلوب، يعكس الثقة في قدرة المركزي على كبح التضخم وبداية تراجع معدلاته قبل نهاية العام الجاري.
التضخم المستهدف
يكافح البنك المركزي المصري لكبح جماح التضخم مستهدفا متوسط للتضخم 7% (±2%) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024، على أن يتراجع إلى 5% (±2%) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026، بحسب بيان للجنة السياسة النقدية في ديسمبر الماضي.
فيديو قد يعجبك: