اجتماع جديد في البنك المركزي الخميس لحسم مصير الفائدة.. فما التوقعات؟
كتبت- منال المصري:
توقعت بنوك استثمار محلية ومصرفيون، سيناريوهات قرارات البنك المركزي لحسم سعر الفائدة في اجتماع لجنة السياسة النقدية يوم الخميس المقبل بعد تسارع معدلات التضخم في شهر أغسطس الماضي، أي ارتفاع وتيرة زيادة الأسعار.
وتتضمن هذه السيناريوهات سيناريو، يتوقع البعض فيه رفع البنك المركزي سعر الفائدة بنسبة بين 1% و3% لاحتواء تسارع معدلات التضخم، بينما يتوقع آخرون في سيناريو ثانٍ إبقاء المركزي على سعر الفائدة دون تغيير لعدم جدوى الزيادة في امتصاص الضغوط التضخمية التي تتأثر أكثر بصدمة العرض- تداعيات هبوط الجنيه- وليس بزيادة معدلات الاستهلاك.
وتعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي اجتماعها السادس يوم الخميس 21 سبتمبر لحسم قرار رفع سعر الفائدة، وذلك بعد رفعه 1% في اجتماع 3 أغسطس الماضي ليصل إلى نطاق 19.25% للإيداع، و20.25% للإقراض.
كان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أعلن الأحد الماضي، ارتفاع المعدل السنوي للتضخم في أغسطس إلى 37.4% على مستوى المدن، وإلى 39.7% على مستوى الجمهورية مقابل 36.5% و38.2% على الترتيب في يوليو الماضي، مسجلا بذلك رقما قياسيا جديدا.
فيما أعلن البنك المركزي انخفاض معدلات التضخم الأساسي- الذي يستبعد فيها احتساب بعض السلع سريعة التغير مثل الخضروات والفاكهة- بشكل طفيف إلى 40.4% خلال أغسطس من 40.7% في يوليو الماضي، ليبقى قريبا من مستواه القياسي عند 41% والذي سجله في يونيو الماضي.
رفع الفائدة يدعم الاستثمار في الجنيه
توقع محمود نجلة، المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت في شركة الأهلي للاستثمارات المالية، رفع البنك المركزي سعر الفائدة في الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية بنسبة بين 1 و3%.
وقال نجلة، لمصراوي، إن التوقعات برفع الفائدة في الاجتماع المقبل للمركزي تأتي بعد استمرار تسارع معدل التضخم ومخاطر فجوة العائد الحقيقي على الاستثمار في الجنيه بالسالب.
وأكد أهمية استخدام أداة رفع الفائدة لكبح جماح التضخم المتسارع، وهو هدف أساسي لكافة البنوك المركزية على مستوى العالم والتي تلجأ لاستخدام هذه الأداة للسيطرة على مخاطر التضخم.
ورفع البنك المركزي سعر الفائدة بنسبة 11% على 6 مرات خلال عام ونصف منها 3% على مرتين خلال العام الجاري، في الوقت الذي أكد فيه صندوق النقد الدولي ومؤسسات التمويل الدولية أهمية استخدام أداة رفع الفائدة بما يتناسب مع مواجهة التضخم المتسارع.
وأوضح نجلة أن الأسواق الدولية تلقت رفع البنك المركزي سعر الفائدة 1% في اجتماعه الأخير بحالة من التفاؤل الإيجابي، بما ساهم في تراجع تكلفة مخاطر التأمين على الاستثمار في الديون الحكومية (أذون وسندات الخزانة)، بعد ما اتضح لهم عودة البنك المركزي إلى المسار التقليدي المأخوذ به حاليا على مستوى العالم في مواجهة التضخم.
وأضاف أن استمرار زيادة العائد الحقيقي على الجنيه المصري بالسالب يتطلب أن ينتهج البنك المركزي سياسة أكثر تشددية في رفع سعر الفائدة، بهدف تعويض شريحة العملاء من متوسطي الدخل (وهي من الشرائح الأكثر استثمارا في البنوك) من ارتفاعات التضخم وتبعاتها على تآكل قيمة العائد المستحق.
ويعرف العائد بأنه إيجابي أو سلبي بناءً على عملية حسابية يطرح خلالها سعر العائد من معدل التضخم، فإذا كانت النتيجة انخفاض العائد المقدم على المدخرات عن معدل التضخم يكون سلبياً بمقدار هذا الفرق أو العكس، وهو ما يعرف بالفائدة الحقيقية، والتي سجلت حاليا سالب 18.15% (بناءً على عائد على الإيداع 19.25% - 37.4% معدل التضخم).
واتفق محمد بدرة، الرئيس التنفيذي السابق في أحد البنوك الخليجية، مع نجلة، في ضرورة رفع البنك المركزي سعر الفائدة في الاجتماع المقبل للجنة، بهدف تقليل فجوة العائد الحقيقي بالسالب على الجنيه بما قد يدفع العملاء إلى التحوط من مخاطر الاستثمار في العملة المحلية بالاتجاه إلى ملاذات أخرى مثل الذهب والعملات الأخرى والعقارات.
ورجح بدرة أن تكون نسبة رفع الفائدة في البنك المركزي خلال الاجتماع المقبل 1%، على أن يرفعها بنفس النسبة في أي من اجتماعيه الأخيرين في العام الجاري، لكنه يرى أن من الأفضل رفع الفائدة بأكثر من ذلك، لكن قد تفضل السياسة النقدية الحالية القرارات الهادئة.
وأوضح بدرة أن رفع المركزي للفائدة يتطلب تحركا إيجابيا من البنوك من خلال طرح شهادات بأسعار فائدة مرتفع بهدف مساعدة السياسة النقدية على تنفيذ هدفها، لكن ما حدث في آخر مرة أن البنوك اكتفت برفع أسعار الفائدة على القروض وأحجمت عن طرح أوعية ادخار بأسعار مرتفعة وهو أمر يصعب من مهمة المركزي.
وما زالت أسعار الفائدة على الشهادات الثلاثية للعائد الثابت في بنكي الأهلي ومصر، أكبر بنكين حكوميين وذراعي البنك المركزي لتنفيذ سياسته النقدية، عند 19% منذ أبريل الماضي، وهو ما يراه بعض المصرفيين أنه مستوى غير كافٍ في ظل تفاقم معدلات التضخم.
ومعدل التضخم الحالي لا يزال أبعد بكثير عن المعدلات المستهدفة من المركزي والبالغة 7% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024 و5% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026.
ويتفق نائب رئيس المعاملات الدولية في أحد البنوك الخاصة، مع نجلة وبدرة، على التوقعات برفع البنك المركزي سعر الفائدة في الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية، على أن يكون الرفع بنسبة 2%، بسبب استمرار زيادة وتيرة التضخم.
وأوضح أن التضخم المرتفع يحتاج إلى أسعار فائدة مرتفعة تساعد المركزي في كبحه وكذلك في تعزيز قوة الجنيه كعملة مربحة للاستثمار فيها.
كانت لجنة السياسة النقدية توقعت، في آخر تقرير لها، أن تصل معدلات التضخم إلى ذروتها في النصف الثاني من عام 2023 وذلك قبل أن تعاود الانخفاض نحو معدلات التضخم المستهدفة والمعلنة مسبقاً، مدعومة بالسياسات النقدية التقييدية حتى الآن.
وتوقع تقرير، ضمن خدمة BMI" التابعة لشركة "فيتش سوليوشونز"، أن يرفع البنك المركزي المصري سعر الفائدة مرة أخرى بنسبة 1% خلال الربع الأخير من 2023، لمواجهة الضغوط التضخمية الأخيرة.
وأوضح تقرير شركة "فيتش سوليوشونز"، التابعة لمجموعة فيتش العالمية، أن البنك المركزي اتخذ عددا من القرارات لمواجهة التضخم خلال الفترة الماضية شملت رفع سعر الفائدة 11% خلال سنة ونصف، ورفع الاحتياطي النقدي الإلزامي على الودائع قصيرة الأجل في البنوك بنسبة 4% في سبتمبر 2022 ليصل إلى 18%.
وسعر الفائدة ونسبة الاحتياطي النقدي الإلزامي من بين أدوات البنوك المركزية على مستوى العالم التي تلجأ إلى استخدامها لكبح جماح التضخم.
ويتبقى للبنك المركزي اجتماعين للجنة السياسة النقدية خلال العام الجاري بعد اجتماع يوم الخميس في شهري نوفمبر وديسمبر.
تأجيل مؤقت لرفع الفائدة
وتوقعت سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية، ونائب رئيس بنك مصر سابقا، إبقاء البنك المركزي على سعر الفائدة دون تغيير بالأجتماع القادم بسبب عدم جدوى رفع الفائدة في كبح التضخم وتبعاته السلبية على زيادة أسعار السلع في السوق بما ينعكس على ارتفاع التضخم.
وأوضحت أن البنك المركزي قد يثبت الفائدة في اجتماعه القادم على أن يعيد النظر في رفع سعر الفائدة خلال آخر اجتماعين في العام الجاري بناء على قراءات معدلات التضخم.
وأضافت الدماطي أن البنك المركزي لديه حلول عديدة للسيطرة على الضغوط التضخمية بخلاف رفع الفائدة مثل تقييد الحد الائتماني للقروض الاستهلاكية للأفراد- قروض التجزئة المصرفية- وزيادة نسبة الحد الإلزامي على الودائع قصيرة الأجل في البنوك.
كان البنك المركزي لجأ في 2016 إلى تقييد الحدود الائتمانية القصوى على عملاء قروض التجزئة المصرفية بأن لا تزيد قيمة القسط الشهري للقرض عن 35% من إجمالي دخله الشهري قبل أن يرفعها إلى 50% في 2019 بعد سيطرته على الضغوط التضخمية.
وتوقعت شركة الأهلي فاروس لتداول الأوراق المالية أن يثبت البنك المركزي سعر الفائدة خلال الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية يوم الخميس القادم، وذلك رغم استمرار معدلات التضخم السنوية في الارتفاع.
وقالت إدارة البحوث في شركة الأهلي فاروس، خلال تقرير لها أعدته محللة الاقتصاد الكلي إسراء أحمد: "على الرغم من الضغوط، نعتقد أن البنك المركزي قد يفضل الضغط على زر الإيقاف المؤقت لاجتماعه المقبل في 21 سبتمبر، خاصة لتقييم تأثير رفع سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس الذي قرره في اجتماعه الأخير في 3 أغسطس".
وأضافت: "قد يكون زر الإيقاف المؤقت هذا مدعومًا بالتباطؤ المحتمل في تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما أشار إليه بعض المسؤولين مؤخرًا."
ومن المنتظر أن يعقد اجتماع الفائدة في مصر الأسبوع الجاري بعد يوم واحد فقط من انتهاء اجتماع آخر للاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) لحسم الفائدة هناك، وسط توقعات بدأت في الظهور مؤخرا بتثبيت الفائدة هناك خلال هذا الاجتماع بعد توقعات سابقة برفع الفائدة من جديد.
ورفع الفيدرالي في اجتماعه يومي 25 و26 يوليو أسعار الفائدة الأمريكية للمرة الحادية عشرة منذ مارس 2022 لتصبح في نطاق بين 5.25 و5.5%.
فيديو قد يعجبك: