هل تسريع عجلة الطروحات يعزز موقف مصر لدى صندوق النقد بعيدا عن خفض الجنيه؟
كتبت- منال المصري:
توقع مصرفيون وخبراء اقتصاد، تحدث إليهم مصراوي، أن يسهم تسريع الحكومة في تنفيذ برنامج الطروحات في إجراء صندوق النقد الدولي للمراجعتين الأولى المعلقة مع الثانية على برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري تمهيدا لصرف الشريحتين 700 مليون دولار دون ضرورة اللجوء إلى خفض الجنيه.
وفي تطور جديد وقعت أمس شركة "جلوبال للاستثمار القابضة المحدودة" الإماراتية على اتفاقية للاستحواذ على 30% من إجمالي أسهم الشركة الشرقية (إيسترن كومباني) بقيمة 625 مليون دولار بما يعادل نحو (19.3 مليار جنيه)، مع توفير المشتري بتوفير مبلغ 150 مليون دولار لشراء المواد التبغية اللازمة للتصنيع، بحسب بيان من رئاسة مجلس الوزراء على فيسبوك.
وتأتي هذه الخطوات ضمن عدد من الصفقات السابقة والمستقبلية للحكومة المصرية ضمن برنامج الطروحات من خلال بيع حصص مملوكة لها في شركات وأصول لمستثمرين بهدف جذب موارد دولارية للتغلب على فجوة النقد الأجنبي بحسب الاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يدعم تمويل برنامج مصر للإصلاح الاقتصادي بقرض قيمته 3 مليارات دولار.
كان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أعلن خلال مؤتمر صحفي في يوليو الماضي، إنجاز بيع حصص مملوكة للدولة ببعض الشركات بقيمة 1.9 مليار دولار ضمن برنامج الطروحات، وأن هناك 4 صفقات أخرى في الطريق للحصول على مليار دولار أخرى (لم تكن من بينها صفقة الشرقية للدخان).
وكشف تقرير لمركز معلومات مجلس الوزراء مؤخرا عن استهداف الحكومة جمع 5 مليارات دولار من خلال طرح حصصها بعدد من الأصول والشركات حتى نهاية العام المالي الجاري، إلى جانب بعض الشركات والأصول الأخرى لم تذكر القيمة المستهدفة منها والمقرر طرحها خلال نفس الفترة أيضا.
صفقات الطروحات محل تقدير من الصندوق
توقع محمد عبد العال، الخبير المصرفي، إعلان مصر تنفيذ صفقات جديدة من خلال بيع أصول مملوكة للدولة لصالح القطاع الخاص يساعد على إفراج صندوق النقد الدولي عن شريحتين بنحو 700 مليون دولار قبل نهاية العام الجاري من قرض الصندوق بعد الانتهاء من المراجعة الأولى المعلقة مع الثانية قريبا.
ورجح عبد العال، بحسب ما قاله لمصراوي، وجود تفاهم غير معلن بين الحكومة وصندوق النقد الدولي في إتمام القرض المخصص لمصر بدون شروط مسبقة (خاصة فيما يتعلق بخفض الجنيه والمداومة على المرونة الكاملة).
كما يرى عبد العال أن رفع البنك المركزي سعر الفائدة 1% في آخر اجتماع له لكبح جماح التضخم، وقبول وزارة المالية بيع أذون خزانة بأسعار فائدة تجاوزت 25% لجذب استثمارات غير مباشرة يدعم موقف مصر لدى الصندوق ويؤكد جديتها في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه بين الطرفين.
كان البنك المركزي رفع سعر الفائدة 11% على مدار سنة ونصف منها 3% خلال العام الجاري (2% في مارس و1% في أغسطس) ليصل إلى نطاق 19.25% للإيداع و20.25% للإقراض حاليا.
وقال فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب ومساعد المدير التنفيذي السابق لصندوق النقد الدولي، لمصراوي، إن صندوق النقد الدولي سيأخذ في اعتباراته أثناء تنفيذ المراجعة جدية مصر في إتمام العديد من سياسات برنامج الإصلاح الاقتصادي.
وأوضح أن الصندوق يرى أن مصر التزمت في تنفيذ بعض الإصلاحات المتفق عليها في برنامج الإصلاح الاقتصادي منها الخطوات التي نفذتها الحكومة ضمن برنامج الطروحات والتخارج من حصص مملوكة لها في بعض الشركات والأصول لصالح القطاع الخاص، مشيرا إلى أن هذه الإصلاحات تعد محل تقدير من صندوق النقد.
وأشار الفقي إلى أن المباحثات بين صندوق النقد ومصر لا تزال مستمرة بين الطرفين، ومن المتوقع أن تزور بعثة صندوق النقد مصر قريبا لإجراء المراجعتين الأولى والثانية على برنامج الإصلاح (المحدد لها 15 سبتمبر) خاصة بعد أن أبدى الصندوق تفهمه للأوضاع الاقتصادية التي تمر بها مصر وتأكده من جدية الحكومة في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي.
كان المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي وافق في ديسمبر الماضي على اتفاق تعاون مع مصر في تنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي وتمويله بقيمة 3 مليارات دولار يصرف على عدة شرائح على مدار عمر البرنامج البالغ 46 شهرا، وتم صرف أول شريحة من القرض لمصر بقيمة نحو 347 مليون دولار.
لكن الصندوق أرجأ إتمام المراجعة الأولى للبرنامج المتفق عليه مع مصر، والتي كان من المفترض إجراؤها منتصف مارس الماضي، واللازمة لصرف الشريحة الثانية من القرض، وهو ما أرجعه بعض المحللين ومؤسسات التمويل الدولية إلى تأخر مصر في إتمام بعض الإجراءات، وخلاف بين الجانبين بشأن تطبيق مرونة سعر الصرف.
فيما قالت سهر الدماطي، نائب رئيس بنك مصر سابقا، والخبيرة المصرفية، لمصراوي، إن مصر تعمل على تنفيذ برنامج الطروحات بهدف جذب موارد دولارية بغض النظر عن موقف الصندوق في الاستمرار في التعاون لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي.
وطالبت الدماطي صندوق النقد الدولي بتنفيذ تعهداته لمصر التي كشف عنها وقت إبرام الاتفاق وتتضمن جذب 14 مليارات دولار من مؤسسات تمويل دولية وإقليمية ودول خليجية.
غض الطرف عن خفض الجنيه
قال فخري الفقي إن صندوق النقد الدولي سيأخذ في اعتباراته أثناء تنفيذ المراجعة صعوبة وجود سعر صرف للجنيه أكثر مرونة مقابل العملات الأجنبية في الفترة الحالية بسبب عدم توفر تدفقات نقد أجنبي تكفي لضمان عدم وجود انخفاض مفاجىء للعملة المحلية.
وبحسب الفقي، فإن الصندوق يرى أن مصر التزمت في تنفيذ بعض الإصلاحات المتفق عليها في برنامج الإصلاح الاقتصادي منها التزام المركزي بعدم التدخل باحتياطي النقد الأجنبي وضخ دولارات للبنوك لتمويل العمليات الاستيرادية، واستمراره في تنفيذ عملية بناء الاحتياطي.
وأكد أن انتهاء مصر من بيع حصص مملوكة للدولة بنحو 1.9 مليار دولار ضمن برنامج الطروحات، مع طرح البنوك أوعية ادخار بالدولار بسعر فائدة جاذب سيساهمان في إقناع الصندوق في مضي مصر في البرنامج وتفهمه صعوبة وجود سعر صرف فائق المرونة، مع عدم وجود تدفقات تكفي لتحقيق هذا الإجراء.
"لا تحرير لسعر صرف الجنيه مقابل الدولار خلال الفترة القادمة بسبب تبعاته السلبية على زيادة معدلات التضخم والاقتصاد ككل" بحسب ما يتوقعه محمد عبد العال.
كانت مصر عادت في مارس 2022 إلى اتباع نظام سعر صرف مرن بعد تثبيت سعر الجنيه خلال عامي أزمة كورونا 2020 و2021، بما أدى إلى هبوط حاد في سعر الجنيه، وارتفاع سعر الدولار في مقابله بنحو 96% خلال عام، ليقفز متوسط سعره في البنوك من 15.76 جنيه في 20 مارس قبل الماضي إلى قرب 31 جنيها حاليا.
وأوضح عبد العال أن هناك العديد من المؤشرات الإيجابية حدثت خلال الفترة الأخيرة تعزز من قوة مصر أمام الصندوق تتمثل في حدوث انفراجة في تمويل الاعتمادات المستندية بغرض الاستيراد في البنوك، وتحسن عجز صافي الأصول الأجنبية للجهاز المصرفي في يوليو الماضي، وتراجع سعر صرف الدولار في السوق السوداء ونمو الاحتياطي النقدي.
وزاد احتياطي النقد الأجنبي لمصر خلال آخر 11 شهرا بنحو 1.737 مليار دولار مرتفعا من 33.1 مليار دولار في أغسطس 2022 إلى نحو 34.9 مليار دولار في يوليو الماضي.
واستبعدت سهر الدماطي، عودة مصر لخفض سعر صرف الجنيه بدون وجود حصيلة دولارية في يد المركزي تمكنه من إدارة سعر الصرف.
فيديو قد يعجبك: