رغم رأس الحكمة.. مصر تواجه فجوة تمويلية بـ28.5 مليار دولار فكيف تغطيها؟
كتبت- منال المصري:
تواصل مصر بضراوة الخروج من أزمة الفجوة التمويلية من النقد الأجنبي المقدرة بنحو 28.5 مليار دولار لكن بشكل أقل شراسة من الأزمة السابقة التي عانت من تفاقمها على مدار عامين وذلك بعد انفراجة النقد الأجنبي التي تقدر بنحو 57 مليار دولار.
وقال 6 خبراء اقتصاديين ومصرفيين لمصراوي، إن مصر أصبح لديها القوة والأدوات المختلفة لتغطية الفجوة التمويلية من النقد الأجنبي، مثل العمل على جذب استثمارات أجنبية مباشرة والالتزام بسعر صرف حر وتقليص دور الدولة في الهيمنة على الاقتصاد لصالح القطاع الخاص.
وقدر صندوق النقد الدولي الفجوة التمويلية لمصر بقيمة 28.5 مليار دولار بعد احتساب التدفقات الواردة من صفقة رأس الحكمة وتعزيز الاحتياطي النقدي، بسبب تأثر الاقتصاد بالصدمات الخارجية وتأخر الالتزامات ببرنامج الإصلاح الاقتصادي بما أدى إلى إضعاف المركز الخارجي لمصر وتراكم كبير للعملات الأجنبية ومتأخرات خارجية، وفق ما ذكره في تقرير صادر له يوم الجمعة.
الفجوة بين التدفقات والالتزامات
يرى هاني جنينة، كبير الخبراء الاقتصاديين في شركة كايرو للأوراق المالية، أن الفجوة التمويلية يرجع سببها الأساسي في رغبة صندوق النقد الدولي بزيادة احتياطي النقد الأجنبي لمصر إلى نحو 60 مليار دولار مع نهاية فترة البرنامج.
وأوضح أن الصندوق يرى رغم تدفق النقد الأجنبي الأخير على مصر أن هناك متطلب إضافي للدولار ليس له علاقة بمدفوعات الديون أو الاستيراد وأنما بوجود مخزون من الدولار لدى مصر.
ارتفع احتياطي النقد الأجنبي بنحو 5 مليارات دولار خلال الشهر الماضي ليصل إلى نحو 40.3 مليار دولار بنهاية مارس وهو أعلى مستوى وصل له خلال آخر عامين، بفضل استثمارات رأس الحكمة.
ووقعت مصر خلال فبراير الماضي مع الإمارات على صفقة استثمارية بقيمة 35 مليار دولار تم وصفها بالأكبر في تاريخها لتطوير مدينة رأس الحكمة، تسلمت منها 15 مليار دولار ومن المقرر تلقيها الدفعة الثانية 20 مليار دولار خلال الساعات القادمة.
كما خصص الاتحاد الأوروبي تمويلات لمصر بنحو 8 مليارات دولار تصرف خلال 3 سنوات قادمة فيما رصدت مجموعة البنك الدولي 6 مليارات دولار من 2024 إلى 2027.
ورفع صندوق النقد الدولي القرض المخصص لمصر بنحو 5 مليارات دولار ليصل إلى نحو 8 مليارات دولار ليصل بذلك الإجمالي نحو 57 مليار دولار أكثر من نصفها استثمارات مباشرة .
وقال محمد عبد العال، الخبير المصرفي، إن فجوة النقد الأجنبي ليست مخيفة ويمكن تغطيتها، مع جدية الحكومة في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والالتزام بسعر صرف حر.
وأضاف أن هذا يرجع في الأساس إلى وجود فجوة بين التدفقات الداخلة لمصر- من الموارد الرسمية للعملة- مقابل الالتزامات الخارجية أهمها سداد عبء خدمة الدين- فوائد وأقساط القروض- وهو ما أكدت عليه سهر الدماطي نائب رئيس بنك مصر سابقا.
زاد إجمالي الدين الخارجي بنحو 3.5 مليار دولار خلال الربع الأخير من 2023 ليصل إلى نحو 168 مليار دولار بنهاية ديسمبر الماضي، وفق بيانات البنك المركزي.
عانت مصر خلال آخر عامين من تراجع موارد النقد الأجنبي أهمها تحويلات المصريين العاملين بالخارج والاستثمار الأجنبي المباشر والصادرات، بسبب تفاقم أزمة العملة وانتشار السوق السوداء للعملة.
ولكن تلاشت السوق السوداء بعد أن أعلن البنك المركزي تحرير سعر الصرف في مارس الماضي، وعودة الثقة في القطاع المصرفي.
إطفاء الفجوة بالاستثمارات
بحسب هاني جنينة، أن زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر بجميع صوره بشكل يفوق التوقعات هو الطريق الأمثل لسد الفجوة التمويلية.
وأوضح أن الاستثمار الأجنبي المباشر لا يشترط بالضرورة بيع أصول ولكن يمكن يكون في صورة استثمارات جديدة الذي يعد هو الأساس لجذب دولارات بزخم من خلال وجود حوافز.
كما موارد السياحة بشكل يفوق توقعات صندوق النقد الدولي يعد المصدر الثاني لجذب نقد أجنبي لتغطية الفجوة التمويلية، وفق ما قاله جنينة.
وقال مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، إن الدولة لديها جدية في الخروج من الأزمة وتغطية الفجوة من خلال سعيها التخارج من الاقتصاد لإفساح الطريق للقطاع الخاص.
وأضاف أن قدرة الدولة على تنمية مواردها الرسمية من النقد الأجنبي من خلال خطة محددة سيكون حلا مستدام لسد الفجوة.
وتستهدف مصر، وفق تقرير صندوق النقد الدولي، في العام المالي المقبل 2024-2025 بيع 4 أصول على الأقل في قطاعي الطاقة والتصنيع والتي ستدر عوائد بقيمة 3.6 مليار دولار.
قروض بحكمة
وقالت سهر الدماطي نائب رئيس بنك مصر سابقا، إن الاقتراض من مؤسسات تمويل دولية بسعر فائدة منخفض سيكون أحد البدائل المتاحة في يد الحكومة لسد فجوة التمويل بجانب الاستمرار في برنامج الطروحات.
وأوضح مصطفى بدرة، أن اللجوء لطلب قرض لتغطية الفجوة يعد حلا مناسبا بشرط حسن استخدامه وتوظيفه في مشروعات إنتاجية.
فيديو قد يعجبك: