لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

سوريا: ممارسات القاعدة الوحشية تجبر المعتدلين على الفرار

10:50 ص الخميس 28 نوفمبر 2013

سوريا: ممارسات القاعدة الوحشية تجبر المعتدلين على

لندن - بي بي سي
''قيدت وعصبت عيناي حينما نقلوني إلى قاعدتهم، مثل المتعقلين الستة الآخرين معي، كنا نتعرض للجلد 70 مرة يوميا''.
''معظمنا اتهم بتأسيس مجالس صحوات ضد الدولة''.

قد لا تبدو رواية محمد المروعة عن التعذيب غير معتادة إذا كانت ''الدولة'' التي يشير إليها خاطفوه هي حكومة الرئيس السوري بشار الأسد.
لكن هؤلاء الخاطفين كانوا ينتمون إلى الدولة الإسلامية في العراق والشام المرتبطة بالقاعدة والتي أصبحت تمثل قوة يخشى جانبها بنفس القدر في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة.

''ديكتاتورية جديدة''
انضم محمد، وهو مهندس في أوائل الخمسينات من العمر وأب لأربعة أبناء، إلى الحركة الاحتجاجية السلمية ضد الرئيس الأسد حينما بدأت الانتفاضة في سوريا عام 2011.
وحينما سقطت الرقة تحت سيطرة المعارضة، ساعد محمد في إنشاء مجلس محلي لتوفير الخدمات الأساسية في غياب الدولة.

لكنهم لم يكونوا يعلمون بأن الأمر لن يستغرق طويلا لتكوين ديكتاتورية جديدة تحل محل تلك التي حرروا أنفسهم منها.
في التاسع من يوليو/تموز عام 2013، الذي وافق أول أيام شهر رمضان المعظم، اعتقل أعضاء من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام محمد وستة من أعضاء المجلس وتم تقييدهم وعصب أعينهم ونقلوا إلى مدينة الرقة.

وخلال الأيام ال33 التالية، تعرض محمد للتعذيب بصورة يومية على يد العناصر الجهادية.
لكن وحتى بعد إطلاق سراحه، لم يكن محمد في مأمن، حيث أدرك سريعا أن حياته في خطر، ولذا فق فر شمالا على قدميه إلى تركيا.

يقيم محمد حاليا في غازي عنتاب ويحاول ضمان مرور آمن لزوجته وأبنائه، حتى يمكنهم بدء حياة جديدة معا بعيدا عن سوريا.

''كافر''
يقيم محمد في شقة في المدينة التي أصبحت تضم العديد من اللاجئين الآخرين، ويملؤه شعور بالمرارة وهو يصف أنه يعتقد بأن الثورة في بلاده خطفتها جماعات متشددة لا تمثل السوريين.
ويقول محمد بصوت منخفض وهادئ ''إنهم في الغالب أجانب يأتون لفرض أيديولوجيتهم علينا''.

ومحمد هو مسلم لا يلتزم ممارسة الشعائر الإسلامية ويعتقد بأن سوريا يجب أن تحافظ على طبيعتها العلمانية، ويبقى الدين مسألة شخصية.

لكن هذا الموقف كان كافيا لدفع تنظيم القاعدة في العراق والشام لوصف محمد بأنه ''كافر'' يجب معاقبته.
واستخدمت الجماعة مثل هذا الوصف لطرد المعتدلين في الأماكن الواقعة تحت سيطرتها، سواء كانوا أعضاء مجالس محلية أو نشطاء في المعارضة أو حتى زملاء من مسلحي المعارضة.

''أمراء الظل''
لكن محمد يقول إن الأيديولوجية المتشددة للجهاديين ليست فقط السبب الوحيد للقيام بذلك، حيث يرى أنهم يعملون مع الحكومة لتقويض المعارضة المسلحة.
وقال ''في الرقة احتلوا منزل المحافظ وغيرها من مباني حزب البعث سابقا، لكن حينما تعرضت المدينة للقصف، استهدفت فقط المدارس والمستشفيات والأماكن السكنية، وليس الأماكن التي تحتلها الدولة الإسلامية في العراق والشام''.

قول محمد إن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام يقوده مزيد من ''الأمراء'' السوريين والأجانب، وأن 11 من الأعضاء السوريين اعتقلوا في سجن صيدنايا العسكري بجنوب دمشق قبل اندلاع الانتفاضة في مارس/آذار عام 2011، وأفرج عنهم لاحقا بالإضافة إلى العديد من الإسلاميين الآخرين في الشهر التالي حينما أصدر الرئيس الأسد عفوا عاما''.

وأضاف محمد ''كان السوريون يمارسون ضدنا نفس أساليب التعذيب التي خضعوا لها في السجن''.

وتابع ''لكن النفوذ يتركز في يد أمراء الظل، العراقيين والتونسيين بشكل رئيسي، كانوا هم الذين يقطعون الرؤوس ويفرضون تفسيرا متشددا للإسلام لا يقبله حتى الأشخاص الملتزمين دينيا في سوريا''.

وأردف قائلا ''إنهم لا يصلون ولا يصومون، لكنهم يجبروننا على القيام بذلك، ويزعمون أنهم يريدون دولة إسلامية''.

''تعذيب حتى الموت''
يتذكر محمد كيف أن مقاتلي دولة الإسلام في العراق والشام اعتقلا اثنين من أشقائه ثم قتلوهما، وأحدهما مات من التعذيب، وأطلق النار على الآخر في الرأس، فقط لأنهما كانا من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس الأسد التي تمثل أقلية في البلاد.

وقال ''كانا يعيشان في الرقة لسنوات، وكانا جزءا من الثورة، وحينما سيطرت كتائب مختلفة (من مقاتلي المعارضة المسلحة) على المدينة، حصلوا على وثائق منهما تثبت أنهما لم يكونا عميلين للنظام''.

وأضاف ''لكن هذه الوثائق، من بينها واحدة من جبهة النصرة (المرتبطة بالقاعدة) لم توفر لهما الحماية من الدولة الإسلامية في العراق والشام''.
وقال محمد أيضا إن أحد تجار زيوت التدفئة ويدعى أبو وائل تعرض للتعذيب بعد أن رفض البيع بسعر مخفض لأعضاء دولة العراق الإسلامية، وأخبرهم على ما يبدو بأن اتفق على السعر مع أميرهم، لكنهم طالبوه بخفض السعر إلى النصف.

وفي إحدى الليالي، اعتقل أبو وائل ثم تعرض للتعذيب لستة أيام متتالية.
وقال محمد ''كان قميصه ملتصقا بلحمه تماما (جراء تعرضه للجلد)، حتى اضطررت لحشر أصبعي إلى عمق جروحه لإخراج القماش''.
وأضاف ''تمكنا من إقناعهم لاحقا بأن نتحمل عنه باقي العقوبة، وتلقينا 70 جلدة يوميا لإنقاذه من المزيد من التعذيب''.

أصدر أحد القضاة في محكمة شرعية لاحقا قرارا يقول إن أبو وائل اعتقل وعوقب بطريق الخطأ، وأمر بالإفراج عنه، ومن غير المعروف ما إذا كان لا يزال على قيد الحياة أم لا.
لكن محمد لم يفقد الأمل، وبالرغم من مساعيه لنقل عائلته إلى غازي عنتاب، فإنه يعقد العزم على العودة إلى سوريا في نهاية المطاف.

وقال ''لدي إيمان في الناس الذين انتفضوا ضد الاستبداد الذي استمر 50 عاما للثورة ضد فرع القاعدة المرفوض في سوريا''.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان