الرئيس الأوكراني في موسكو وسط ضغوط داخلية وخارجية
ناقش الرئيس الأوكراني فيكتور ياكونوفيتش في إطار زيارته الحالية لروسيا سبل تعزيز التعاون بين البلدين أثناء اجتماعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك بالتزامن مع تظاهرات تشهدها كييف هي الأكبر على الإطلاق منذ اندلاع الثورة البرتقالية في أوكرانيا.
ويتضمن جدول أعمال اجتماع ياكونوفيتش وبوتين عدة قضايا مهمة أبرزها حاجة أوكرانيا الماسة إلى قروض ومساعدات مالية بالإضافة إلى الخصم الذي من المتوقع أن تخضع له الفواتير المستحقة على أوكرانيا مقابل الغاز الطبيعي الروسي.
وتأتي هذه الزيارة وسط مخاوف من المعارضة الأوكرانية بشأن إمكانية توقيع الرئيس الأوكراني على اتفاقية لانضمام أوكرانيا للاتحاد الجمركي بقيادة روسيا، وهي المخاوف التي تزداد حدة في أعقاب اندلاع تظاهرات حاشدة تستمر للأسبوع الثالث على التوالي في كييف احتجاجًا على رفض ياكونوفيتش التوقيع على اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي.
وهنا يقع الرئيس الأوكراني بين شقي الرحى، حيث اعترف قبيل الزيارة بأن قرار العدول عن إتمام اتفاقية الشراكة الأوروبية جاء جراء ضغوط روسية، بينما ترفض المعارضة الأوكرانية فكرة الانضمام إلى الاتحاد الجمركي أو أي تحرك يدعم العلاقات مع روسيا رفضًا قاطعًا.
تأتي زيارة ياكونوفيتش لروسيا في وقت تحتاج فيه أوكرانيا إلى مساعدات مالية عاجلة حتى تتمكن الحكومة من تسيير أمور البلاد بعد تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بخصوص الدعم المالي لكييف بالإضافة إلى حاجة ماسة لـ 17 مليار دولار هي قيمة فواتير الغاز الطبيعي المستحقة على أوكرانيا لصالح روسيا.
يُضاف إلى ذلك حالة الغضب الشديد في الشارع الأوكراني التي أثارها تراجع الرئيس ياكونوفيتش عن توقيع اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، حيث تلقي التظاهرات المستمرة في كييف الضوء على أن الوقت غير مناسب على الإطلاق لزيارة روسيا حيث كان ميل الرئيس إلى تعزيز التعاون مع روسيا على حساب الاتحاد الأوروبي هو الشرارة التي أشعلت الاحتجاجات.
وقال زعيم المعارضة الأوكرانية فيتالي كليتشكو: الهدف من زيارة الرئيس إلى روسيا غير معلوم لا لوسائل الإعلام ولا للمواطن الأوكراني. فنحن لا نعلم أي شيء إلا بعد انتهاء السلطة مما تقوم به من أعمال.
وأضاف أنه متأكد من أن زيارة موسكو خطوة في الاتجاه الخاطيء حيث لا يعلم أحد ما هي الشروط التي تقوم عليها المفاوضات هناك .
وقال أرسيني ياتسينيوك، أحد قادة المعارضة في أوكرانيا إنه من الأفضل أن يبقى ياكونوفيتش في موسكو ولا يعود إلى كييف مرة ثانية إذا وقع على اتفاقية الانضمام إلى الاتحاد الجمركي بقيادة روسيا .
تزامنت تصريحات زعماء المعارضة مع إطلاق دعوة لتظاهرات حاشدة في كييف في وقت لاحق من اليوم الثلاثاء.
كان وزير الخارجية الأوكراني نفى أن يكون التوقيع على اتفاقية الانضمام إلى الاتحاد الجمركي مدرجًا على جدول أعمال الزيارة وذلك قبيل اجتماع موسكو بين ياكونوفيتش وبوتين.
رغم ذلك، جاءت تصريحات أندريه بيلوسوف، مساعد الرئيس بوتين، لتؤكد أن جدول أعمال الاجتماع بين الزعيمين يتضمن مناقشة توقيع أوكرانيا على اتفاقية تنضم بموجبها إلى الاتحاد الجمركي بقيادة روسيا.
ويزيد من الضغوط التي تدفع بالرئيس الأوكراني نحو الانضمام إلى الاتحاد بقيادة روسيا ذلك التشابك في العلاقات الاقتصادية بين البلدين؛ حيث تعتمد أوكرانيا على الغاز الطبيعي الروسي بصفة أساسية لتشغيل صناعاتها التي تعتمد على استهلاك عالٍ للطاقة في شرق البلاد. كما تُصدر أوكرانيا 75 في المئة من منتجاتها الهندسية إلى روسيا.
وتستغل روسيا عمق العلاقات الاقتصادية بين البلدين في ممارسة ضغوط على أوكرانيا للدفع بها نحو الانضمام إلى الاتحاد الذي تهيمن عليه روسيا والتي تتضمن تأخير الصادرات الأوكرانية في الجمارك الروسية وحظر استيراد الشيكولاتة من أوكرانيا، وهي الضغوط التي من الممكن تصعيدها من الجانب الروسي ما لم تنضم أوكرانيا إلى الاتحاد.
كان وزراء الخارجية بالاتحاد الأوروبي قد عقدوا اجتماعًا رفيع المستوى ليأكدوا لروسيا أن الشراكة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي في إطار اتفاقيات تجارة حرة لن تمس المصالح الاقتصادية الروسية. كما رأى المؤيدون للاتحاد الأوروبي من الجانب الأوكراني أن التوسع في الشراكة مع أوروبا سوف يزيد الاقتصاد الأوكراني شفافية وازدهارًا، علاوةً على توفير قدر أكبر من المنافسة وحماية المستثمرين.
في المقابل، يرى المنحازون لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع روسيا أن الشراكة الأوروبية تتطلب إصلاحات اقتصادية بعيدة المنال تكلف أوكرانيا الكثير، وهو ما سيلحق الضرر بالعديد من المشروعات الاستثمارية الروسية في أوكرانيا.
يُذكر أن الاتحاد الجمركي بقيادة روسيا يضم بيلاروسيا وكازاخستان، مما يزيد من مخاوف المعارضة الأوكرانية حيال إمكانية أن يكون ذلك الاتحاد نسخة مستحدثة من الاتحاد السوفيتي القديم.
فيديو قد يعجبك: