أوروبا قد تواجه هجمات ارتدادية من الجهاديين الأجانب في سوريا
لندن - بي بي سي
استمع مجلس العموم البريطاني إلى تحذير بأن شن جهاديين عائدين من سوريا هجمات إرهابية في أوروبا أصبح ''أمرا حتميا لكنه قد لا يحدث قريبا''.
وجاء ذلك التحذير على لسان توماس هيغهامر من المؤسسة النرويجية لأبحاث الدفاع، وهو أحد خبراء الإرهاب وله مؤلفات عن تنظيم القاعدة.
وقال هيغهامر في جلسة لمجلس العموم إن ما لا يقل عن 1200 متطوع خرجوا من مختلف البلدان الأوروبية ليلتحقوا بالجماعات المتطرفة التي تقاتل في صفوف المعارضة في سوريا.
ومنذ فترة يترقب مسؤولو مكافحة الإرهاب في بريطانيا ما يسمونه ''الارتداد'' والمقصود به انخراط هؤلاء المقاتلين في عمليات داخل بلدهم إذا نجوا من المعارك في سوريا.
وقال مسؤول رفيع في الحكومة البريطانية لبي بي سي ''نعمل على أساس أن الجماعات الإرهابية في سوريا لديها النية لمهاجمتنا. ويعتبر توجههم الاستراتيجي عاملا مهما، لكن الأفراد يمكن أيضا أن تكون لديهم أسباب تدفعهم لشن هجوم ما.''
وبالنسبة للعديد من المراقبين، فإن ذلك يعتبر مصدر قلق لا داعي له. فعندما كانت القوات الأمريكية وغيرها من القوات الغربية في العراق في الفترة ما بين عامي 2003 و2010، كان المسؤولون في الحكومات الأوروبية يحذرون مرارا وتكرارا من مخاطر ارتداد ذلك الصراع.
وبالرغم من الحوادث التي وقعت وكان لها علاقة بالعمليات الإرهابية المستوحاة من الحرب في العراق، كالهجوم على مطار غلاسغو عام 2007 والذي اقتحم فيه طبيب عراقي يعمل في بريطانيا مبنى المطار بسيارة رباعية الدفع، ما أدى لاندلاع النيران في المبنى، فإن فكرة خطورة عودة المسلحين إلى بلادهم لم تكن واضحة تماما.
لكن مع اقتراب دخول الصراع في سوريا عامه الرابع، وتجاوز أعداد القتلى 100 ألف، يتركز الاهتمام على ما ينتظر بقية العالم من مخاطر تتهدده على المدى الطويل.
مخاوف غير مدركة
وأجريت دراسات مكثفة بشأن هذا الموضوع من قبل هيغهامر والمركز الدولي لدراسات التطرف والعنف السياسي - ومقره لندن - إلى جانب آخرين.
ويعتقد أن عددا يتراوح ما بين 200 إلى 400 مقاتل، من كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا قد توجهوا إلى سوريا، بينما تأتي النسبة الأكبر من جمهورية البوسنة والهرسك.
ويقول هيغهامر إنه من الناحية التاريخية، فإن نسبة من تطوعوا للسفر والقتال خارج بلادهم ثم عادوا بعد ذلك وانضموا إلى جماعات مسلحة في بلادهم كان واحدا من كل تسعة أشخاص.
وأضاف أنه من المعتاد في تلك الحالات أن تكون هناك فترة زمنية فاصلة لبضع سنوات ما بين بدء الصراع في منطقة ما وحدوث هجمة ارتدادية داخل بلاد أولئك المتطوعين، مثل ما حدث في أفغانستان واليمن، حيث كانت هذه الفترة أربع سنوات في حالة الأولى، وثلاث سنوات في حالة الثانية.
ويترك معظم المجاهدين ديارهم وهم لا يعتزمون الرجوع، بل يأملون أن يظفروا ''بالشهادة'' في سبيل ما يرونه أمرا مقدسا.
ومن بين أولئك المسلحين بريطانيٌّ تواصل مؤخرا من سوريا مع عائلته في بورتسموث ببريطانيا عبر برنامج الاتصال سكايب''، ليقول لهم إن جهاز الأمن البريطاني ''ليس في حاجة لأن يقلق بشأنه'' حيث انه لا يخطط للعودة إلى بريطانيا مرة أخرى
وحتى الآن، لم تتم إدانة أي شخص في بريطانيا بالضلوع في أعمال عنف إرهابية في سوريا.
إلا أنه ومع الضبابية في معرفة الطرف الرابح من الخاسر في ذلك الصراع بالإضافة إلى عدم ظهور أي نهاية له تلوح في الأفق، أصبحت سوريا حاضنة لما يتراوح بين 1600 و2000 من جماعات المعارضة المسلحة، ومن بين أكبر تلك الجماعات وأكثرها تأثيرا جماعة جبهة النصرة، والدولة الإسلامية في العراق والشام، وكل من هاتين الجماعتين لها ارتباط بتنظيم القاعدة.
ويعتقد العديد من الجهاديين في سوريا أن تردد الدول الغربية في المشاركة في هذا الصراع ضد نظام بشار الأسد يعتبر جزءا من اتفاقية سرية مع النظام لإبقائه في سدة الحكم.
وكان مسؤول غربي من مجال مكافحة الإرهاب قد حذر هذا الأسبوع من أن ''مصدر القلق يتمثل في أن انتباه تلك الجماعات المتطرفة في سوريا سيتجه نحو أوروبا''.
وقال ذلك المسؤول ''نحن قلقون من عودة أولئك المتطوعين إلى بلادهم بالتدريب والخبرة التي حصلوا عليها هناك لينشؤوا في بلادنا شبكات مسلحة، قد يكون لها علاقة بتنظيم القاعدة في سوريا. بل قد يرجعون أيضا حاملين أضرارا نفسية مما شاهدوه.''
بيد أن موجات العنف التي ترتد مرة أخرى نحو أوروبا من مناطق الصراع ليست حتمية في جميع الأماكن.
ويشير هيغهامر إلى أنه ومع قدوم بعض تلك الحالات من أفغانستان وباكستان، فإن ثمة حالات أخرى من الصومال التي تعتبر ساحة صراع لا يرجع منها سوى قليل من المقاتلين المتطوعين الأوروبيين.
إلا أن هيغهامر يرى أن ''سوريا ستعمل على تأخير وقوع مشكلة الإرهاب الجهادي في أوروبا لما يقرب من 20 عاما، بل يعتقد أن عدد الجهاديين الذين توجهوا إلى هناك يفوق مجموع من سبقوهم إلى مناطق صراع أخرى''.
فيديو قد يعجبك: