لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

محاولة ''تبادل ثقافي'' بين ملحد وإسلامي متشدد

08:12 م الأحد 16 فبراير 2014

محاولة ''تبادل ثقافي'' بين ملحد وإسلامي متشدد

مومباسا - غابرييل غيتهاوس (بي بي سي) :

ليس أبوبكر شريف أحمد بالشخص الذي يصعب الوصول إليه، فبمجرد أن تسأل عن الرجل في منطقة ماجينغو في مدينة مومباسا الكينية تجد من يدلك عليه من المواطنين، لكن عادة ما يذكي السؤال عنه حالة من الريبة.

يشتهر أحمد باسم ''مقبوري'' وهي كلمة تعني باللغة السواحيلية (مقبرة).

ويندرج اسمه على القائمة الأمريكية وقائمة الأمم المتحدة للأشخاص المشتبه بتورطهم في ارتكاب أعمال إرهابية، وهو متهم بتجنيد شباب مسلم في كينيا للانضمام إلى صفوف حركة الشباب المتمردة في الصومال.

كما يعتقد أن الشرطة الكينية ستسعى يوما ما لقتله، لذا فهو يتوخى الحرص الشديد على أمنه الشخصي.

حددنا موعدا لمقابلته مؤخرا، تركت سيارتي خارج مبني سكني وردي اللون أمام ورشة لتصليح السيارات.

دخلت إلى فناء بدا خاليا، وفجأة سمعت صوت أحذية تخطو على أرض أسمنية وصياح صبية يلعبون كرة القدم. سألت أحدهم ما إذا كان يعرف مكان (مقبوري) فهز كتفيه قائلا: ليس هنا.

عدت إلى الخارج مرة أخرى للانتظار. فوجدت شابين ملتحيين وملامحهما تتسم بالجدية. كانا يجلسان في مواجهة حائط إلى جانب ثلاجة معطلة عليها بقايا ملصق لشعار كوكاكولا.

سألت أين مقبوري؟ لكني لم أتلق ردا.

جلست دون حديث، أستمع إلى أصوات حركة الناس في هواء المساء الذي لا يزال مليئا بالرطوبة. وأخيرا ظهر مقبوري.

رجل ضخم متماسك وبطئ الحركة، لكنه سريع الابتسام ويتعامل بطريقة ودودة ملؤها الثقة بالنفس.

سجلنا المقابلة الخاصة في شقته بالطابق الرابع وأتى معنا الشابان الملتحيان يشاهدان ما يحدث بحالة من الريب والعداء.

معتقدات ثابتة

ربما توصف أخلاق مقبوري بالطيبة، لكن معتقداته ثابتة لا تتزعزع، وقال لي إن جيش ''الله'' سينهض من الصحراء حاملا علما أسود ليؤسس خلافة إسلامية عالمية.
وينفي مقبوري أنه يجند الشباب في صفوف حركة الشباب الصومالية المتمردة، أو أنه يدعو أتباعه للسفر إلى الصومال للقتال هناك.

وقال لي خلال المقابلة: ''ليس لدي أي أتباع''، حينها نظرت إلى الشابين الملتحيين وسألته: ''من هذان إذن؟'' فكان جوابه: ''إنهما يطلبان مني النصيحة''.

وتنطوي نصيحته على أنه إذا كان الإسلام يتعرض لهجوم، وهو ما يعتبره يجري بالفعل، فمن الواجب على كل مسلم أن يعلن ''الجهاد''.

وبعد المقابلة جلسنا سويا على سطح المنزل حيث بدأت نسائم الهواء في التحسن، وقال لي : ''دعني أدعوك إلى (اعتناق)الإسلام'' ورددها مرة أخرى بابتسامة جميلة.

فابتسمت وقلت: ''للأسف أنا ملحد''. فتغيرت ملامح وجه الرجل وأشار باتجاه الشابين اللذين كان يقفان عند قفص للحمام بالقرب منا، وقال لي: ''انظر إليهما، كل منهما من قبيلة كينية مختلفة وأنا من قبيلة أخرى لكننا بفضل الإسلام صرنا أخوة، الدين يجمعنا''.

فرددت عليه بقصة كنت قد سمعتها في برنامج لبي بي سي خلال حرب البوسنة في تسعينيات القرن الماضي، حيث سأل المراسل هناك رجلا مسنا قائلا: ''هل أنت كرواتي أم مسلم؟''

فكانت إجابة الرجل مفاجأة: ''أنا موسيقي''، فالموسيقى يمكن أن تجمع ما قد يفرقهم الدين. لكن مقبوري لم يكن مقتنعا بالرد.

وقال: ''أينما توجد الموسيقى، توجد المعصية''، لكني تحديته قائلا: ''ما هو تعريف المعصية'' وبدأت حينها استمتع بنقاشنا.

تبادل ثقافي

حكى لي مقبوري قصة بحَار يعرفه قضى وقتا طويلا في البحر على متن سفينة شحن، ووفقا لعاداته كان يذهب إلى المرحاض لقضاء حاجته بعدها يغتسل بالماء بدلا من استخدام المنديل.
كان المسلم الوحيد على ظهر السفينة، وفي النهاية واجهه زملاؤه بتناثر المياه حول المرحاض. وطلبوا منه أن يتوقف عن ذلك معتبرين أن سلوكه غير صحي.

وفي ذات صباح جلس البحارة لتناول الإفطار وكانت هناك عبوة من اللبن مفتوحة على الطاولة، فأخذ البحَار صديق مقبوري يد أحد زملائه ووضع عليها قليلا من اللبن وقال له: ''الآن حاول إزالة هذه المادة بالمنديل ثم تذوق يدك وأخبرني ما إذا كان طعم اللبن المحلَى لا يزال موجودا بها؟''

وفعل البحَار ما طلب منه وأقر بأن طعم اللبن المحلَى لا يزال موجودا بيده. ثم كرر البحَار الأول العملية مرة أخرى وطلب من زميله أن يغسل يده بالماء. ثم سأله هل لا يزال طعم اللبن المحلَى موجودا؟ فرد عليه الآخر قائلا: '' لا''. هذه هي الفكرة.

وحينها اعترضت قائلا: ''لكن الأمر لا يتلخص كله في هذه النقطة''، فأشار مقبوري قائلا: ''بالطبع نعم، لكن دعني أعطيك نسخة من القرآن إقرأها وسترى''.

ووعدته بأن أفعل لكني اشترطت عليه في المقابل أن يستمع هو إلى ألبومي المفضل من موسيقى الجاز ويخبرني بأمانة عن رأيه فيه.

لكنه نظر حينها باشمئزاز وقال: ''لا، مستحيل أنا لم أستمع إلى الموسيقى منذ أكثر من عشر سنوات''.

وافترقنا حينئذ دون أن يكتمل هذا التبادل الثقافي بين ملحد وإسلامي متشدد

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان