السوريون في مصر: محطة في رحلة البحث عن فرصة للاستقرار
دخل الصراع في سوريا عامه الرابع، ومعاناة الأسر السورية من التشتت مستمرة في الداخل والخارج، منذ بدء الأزمة السورية في مارس/ آذار 2011.
وتشير إحصاءات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إلى أن عدد السوريين الذي اضطرتهم الأزمة للنزوح في الداخل واللجوء الى الخارج بلغ ستة ملايين من بينهم 2.5 مليون خارج البلاد. وبلغ نصيب مصر من اللاجئين السوريين 320 ألفا منذ بدء الصراع بحسب تقديرات وزارة الخارجية المصرية.
وتقول المفوضية العليا للاجئين إنها تقدم خدمات اللجوء الإنساني لـ 104 آلاف لاجئ سوري في مصر، مع توقعات بارتفاع هذا العدد إلى 180 ألفا بنهاية العام المقبل حال استمرار الصراع. ولا تتجاوز قدرة المفوضية من حيث توفير خدمات إغاثة اللاجئين في مصر إلا لـ 160 ألف شخص.
كانت هناك صعوبة بالغة في إقناع السوريين الذين قابلناهم بالتحدث إلى بي بي سي عن أوضاعهم في مصر رغم تواجد عشرات الآلاف منهم في عدة مدن. وبرروا ذلك بالخوف على أنفسهم وذويهم في سوريا.
قال عبد العزيز، 23 سنة، سوري يعمل في محل تجاري، لبي بي سي: أتوق إلى العودة إلى سوريا. فالإحساس بأني مجبر على ترك بلادي أصعب من أن يحتمل. وحتى لو كان الباقي من العمر يوم واحد فأتمنى أن أموت على تراب الشام.
ولا يعتبر السوريون مصر محطة وصول، بل يعدها الكثيرون منهم محطة انتظار لحين الرحيل إلى بلد أفضل حالًا. لذا يرفض أغلبهم التسجيل في مكتب مفوضية اللاجئين بمصر، أملًا في الحصول على فرصة اللجوء إلى دول أوروبا.
وقال وليد، 42 سنة، صاحب مطعم سوي، لبي بي سي: أتمنى العودة إلى بلادي. ولكن لا مانع من التفكير في فرص أفضل لي ولأولادي في أوروبا.
وقال أنطونيو غوتيريس، المفوض السامي لشؤون اللاجئين في تصريحات نُشرت على الموقع الإليكتروني للمفوضية، إن الاتحاد الأوروبي تلقى 56000 طلب لجوء منذ مارس/ أذار الماضي، وهو عدد لا يتجاوز أربعة في المئة من إجمالي عدد الفارّين من الصراع في سوريا.
وظهر بين السوريين في مصر اتجاه إلى الهجرة غير الشرعية إلى دول أوروبا في قوارب غير مؤهلة للإبحار المأمون. وانتشر ذلك الاتجاه في أعقاب ما شهدته مصر في 30 يونيو/ حزيران الماضي.
وكان 12 سوريا قد لقوا حتفهم في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي قبالة السواحل المصرية أثناء محاولتهم التسلل إلى دول أوروبا، بالإضافة إلى إصابة العشرات وفقد آخرين. وكان القارب المنكوب يحمل بين ركابه 40 سوريا.
وعد أغلب السوريين في مصر الحصول على مسكن مناسب من أصعب المشكلات التي يواجهونها. فأصحاب العقارات يعتبرونهم أجانب ويضاعفون قيمة الإيجار.
يقول عبد العزيز إن الاستغلال هو سيد الموقف في ما يتعلق بالحصول على مسكن. ويتجاوز إيجار شقة مساحتها 70 مترا ثلاثة آلاف جنيه، وهو ما يفوق إمكاناتنا المادية. ونتغلب على ذلك بسكن ثلاث أسر على الأقل في كل شقة ليكون نصيب كل أسرة غرفة واحدة فقط.
ويلجأ البعض إلى إيجار مساكن متهالكة، نظرًا لانخفاض بدل إيجارها.
ويعاني السوريون أيضًا من تعقيدات حكومية لدى استخراج الأوراق الرسمية. فقد يستغرق تسجيل المولود، على سبيل المثال، أكثر من شهرين وفقًا لعماد، الشاب السوري المقيم بمصر، الذي سجل مولوده بعد مرور تلك الفترة.
ومنذ يوليو/ تموز الماضي أصبح لزاما على اللاجئ السوري أن يحمل تصريحا بالإقامة، وشهدت الفترة التي طبقت خلالها السلطات المصرية حظر التجوال عمليات ترحيل مكثفة للسوريين إلى تركيا ولبنان.
يقول أبو بكر، وهو طاهٍ سوري، لبي بي سي: تصريح الإقامة بمصر من الأمور شبه المستحيلة. وسبق أن ذهبنا إلى الجهات الرسمية لاستخراج التصريح، إلا أنهم طردونا. ونتحايل على الأمر بالسكن والعمل في المدن الجديدة ونخرج منها إلى قلب العاصمة في أضيق الحدود.
يلتحق الأطفال والشباب السوريون بالمدارس والجامعات المصرية الحكومية والخاصة دون تعقيد. فالمدارس والجامعات تقبل الطلبة السوريين بمجرد تأكد الإدارة التعليمية وإدارة الجامعة من أن الطالب سوري. علما أن هناك 56 ألفا و154 طفلا سوريًا في مصر حسب مفوضية اللاجئين، بينما يبلغ المجموع الكلي للأطفال السوريين اللاجئين 1.1 مليون، بينهم 75 في المئة دون الثانية عشرة.
أما في الأردن فقد بلغ عدد الأطفال السوريين 219,238 بينما يعيش 385,007 منهم في لبنان، وفقا للمفوضية.
وتتكفل مفوضية اللاجئين بالخدمات الطبية للسوريين بنسبة 100 في المئة. وتغطي احتياجاتهم من الغذاء في حدود 200 جنيه مصري شهريًا للفرد من خلال صرف قسيمة شراء مواد غذائية من سوبر ماركت مصري معروف.
ولكن الاستفادة من تلك الخدمات تتوقف على استخراج البطاقة الصفراء للاجئين من اللجنة، وهو ما يستدعي الانتظار ليوم عمل كامل في طوابير طويلة للحصول عليها مثلما هو الحال بالنسبة للحصول على القسيمة الشهرية للغذاء.
لكن القائمة لا تشمل حاجات ضرورية، مثل الصابون والمناديل الورقية ومواد التنظيف بأنواعها لأنها توضع تحت بند منتجات الرفاهية.
فيديو قد يعجبك: