مذبحة النرويج: أهالي الضحايا يرفضون إقامة نصب تذكاري لإحياء ذكراهم
يواجه مشروع إنشاء نصب تذكاري، تعتزم النرويج إقامته في مكان المذبحة التي ارتكبها يميني متشدد، معارضة من جانب عائلات الضحايا ومواطنين، مما قد يؤدي لتأجيله.
وكان اليميني المتشدد، أندريس بيرينج بريفيك، قد نفذ هجمات إرهابية على مباني حكومية في العاصمة أوسلو، وكذلك معسكر صيفي لشباب حزب العمال في جزيرة يوتويا، مخلفا 77 قتيلا ومئات الجرحى.
وتسببت تلك الحوادث التي وقعت قبل ثلاث سنوات تقريبا، في صدمة عامة ووطنية، وكذلك قصص لم تروَ عن الحزن الشخصي الذي انتشر في عبر البلاد.
وأقيمت نصب تذكارية محلية، في المدن والقرى التي سقط منها ضحايا، سواء في المذبحة التي شهدتها الجزيرة، حيث أطلق المتهم النار على الشباب، أو أثناء الهجوم بالقنابل على المباني الحكومية.
وقررت الحكومة، التي كان يقودها حزب العمال وقتها، إقامة نصبين تذكاريين وطنيين، بالقرب من موقعي الهجمات.
لكن الآن قد يتغير الموقف، بعد إعلان سكان المناطق القريبة وكذلك أقارب الضحايا، عدم رغبتهم في إحياء ذكرى يوتويا.
وقالوا : إنهم يخططون لاتخاذ إجراءات قضائية إذا لم تتوقف خطط إقامة النصب التذكاري.
وذكرت كاثرين ليتكين لـ بي بي سي : أعتقد أننا لدينا عدد كافي من قبور أطفالنا، ولدينا أيضا مواقع لنصب تذكارية في مدننا.
وفقدت كاترين ابنتها إيفا كاثنيكا، التي كانت تبلغ 17 عاما، في المذبحة ، حيث أطلق عليها بريفيك الرصاص أثناء مشاركتها في المعسكر الصيفي، عام 2011.
وأضافت : لدينا أيضا يوتويا، تذكرنا كل يوم، يجب أن تتوقف، نحن نعاني من المرض.
وجاءت الأم بنفسها لرؤية المكان المقترح لإقامة النصب التذكاري الوطني للضحايا.
وقالت في تعليقها : أفكر في الحادث عدة مرات في اليوم، وأعاني من صعوبات في النوم ليلا.
وكشفت أن هناك الكثير من عائلات الضحايا مازالوا يعانون، الأمر مفزعا، حتى بعد مرور ثلاث سنوات مازال مفزعا.
والنصب التذكاري المقترح يتضمن شق قناة عبر حافة شبة الجزيرة التي تشير إلى اتجاه جزيرة يوتويا.
وستحفر الحكومة أسماء الضحايا على الصخور المقطعة على جانبي القناة.
يعيش نحو 400 شخص بمحاذاة المياه التي تطل عليها الجزيرة، وساهم العديد من هؤلاء في إنقاذ حياة الشباب، الذين سبحوا في المياه هروبا من الهجوم.
كما عمل آخرون على إنقاذ حياة الجرحى المصابين بإصابات خطيرة، بعد أن نجحوا في عبور المياه والوصول إلى الجزيرة.
وقدم مواطنون التماسا إلى الحكومة خلال الأسبوع الجاري، يؤكد أن أغلب سكان المنطقة يعارضون إقامة هذا النصب التذكاري.
وقال أولي مورتن جينسن الذي قدم الالتماس: سنرى ذلك كل يوم، هناك شيئ يذكرنا دائما بما حدث في ذلك اليوم .
وأضاف: كل الدماء والضوضاء وإطلاق الرصاص والصراخ. لا، لا أريد أن أتذكر ذلك
وأردف: أعتقد أنه من القسوة أن تذكرنا الحكومة بهذا الحادث، هذا ليس من الضروري. هناك العديد من الأماكن التي لا يعيش فيها أحد يمكنها أن تضع فيها هذا النصب التذكاري .
ووكَل جينسن ومواطنون آخرون من أهالي المنطقة محاميا ليقيم دعوى مدنية ضد الحكومة إذا ما استمرت في العمل على إقامة هذا النصب.
ولكي تتجنب الدعاوى القضائية والمزيد من الغضب الشعبي، دعت السلطة النرويجية المسؤولة عن الفنون العامة والمكلفة ببناء هذا النصب، الأسبوع الماضي، كل الأحزاب المعنية لجلسة مفتوحة لبحث حل هذه المسألة.
وتم اختيار تصميم النصب التذكاري من بين العديد من التصاميم المتنافسة عن طريق لجنة تحكيم ضمت ممثلين لذوي الضحايا.
ودافع تروند بالتمان زعيم جماعة 22 يوليو/ تموز ووالد أحد ضحايا المذبحة، عن هذا الاختيار خلال الجلسة.
وقال: أحداث 22 يوليو/ تموز كانت كارثة وطنية، وأنت تعلم مثلي أنه بخلاف الضحايا الذين فقدوا أرواحهم، فإن النصب يرمز للدولة بأكملها. وهذا هو السبب الذي يجعلنا بحاجة إلى مثل هذا النصب .
ويقول رئيس لجنة التحكيم جورن مورتنسن، من أكاديمية أوسلو الوطنية للفنون، إن الاعتراض لم يفاجئه، لكنه شعر أن النصب التذكاري المقترح هو الاختيار الصحيح.
وأضاف لبي بي سي: يكون هناك دائما أراء مختلفة حول مقترحات النصب التذكارية.
وأردف: لقد كان ذلك هو الحال أيضا، حينما قدمت مايا لين اقتراحها بإقامة نصب تذكاري في العاصمة الأمريكية واشنطن، للمحاربين القدامي الذين شاركوا في حرب فيتنام .
وأضاف: لذلك، فإن جزء من عملية إحياء الذكرى أن نوازن بين الأراء المختلفة بشأن هذا النصب.
والآن فإن الأمر يعود إلى الحكومة النرويجية الجديدة التي تنتمي لتيار يمين الوسط، في أن تقرر مصير النصب التذكاري.
وكان من المخطط أن يتم افتتاح النصب في يوتويا قبل 22 يوليو/ تموز من عام 2015، تزامنا مع الذكرى السنوية الرابعة للهجمات الإرهابية.
لكن ربما لا يتم الالتزام بهذا التاريخ، في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة ومعارضو النصب الاتفاق على حل لهذه المسألة.
ويقول الطرفان إنهما يتمنيان أن لا يصل الخلاف حول كيفية إحياء ذكرى ضحايا هجمات 22 يوليو/ تموز إلى ساحات المحاكم.
فيديو قد يعجبك: