هل حان وقت إعادة النظر في مستقبل سوريا في ظل الأسد؟
لندن – (بي بي سي):
أوشكت الولايات المتحدة على شن غارات عسكرية تستهدف سوريا قبل ثلاثة أشهر.
وكانت نبرة خطاب واشنطن تجاه الرئيس السوري بشار الأسد تتزايد حدتها، إذ قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في أحد تصريحاته إن استخدام الرئيس الأسد للأسلحة الكيماوية ضد شعبه جعله يندرج على قائمة تضم أسماء من بينها أدولف هتلر وصدام حسين.
وبعد أسابيع من ذلك التصريح أشاد كيري بتعاون دمشق بشأن اتفاق دولي طموح يفضي إلى تخلص سوريا من أسلحتها الكيماوية، لكنه أصر على رحيل الأسد عن الحكم.
كما بدأت تقارير من شتى أرجاء البلاد في ذلك الوقت تركز بشدة على أعمال العنف التي ترتكبها جماعة جبهة النصرة وجماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وهي جماعة إسلامية متشددة ذات صلة بتنظيم القاعدة.
وما أن اقتربت نهاية العام الماضي وبدأ من اختار الغرب التحالف معهم في سوريا يعانون من انتكاسة تلو الأخرى، حتى بدأ صناع السياسة في التفكير في أشياء غير متصورة وإمكانية الحصول على مكاسب من خلال التعاون مع الأسد بدلا من اتخاذ موقف ضده؟
"لا خيار"
لم تعرب وزارتا الخارجية الأمريكية أو البريطانية عن هذا التفكير صراحة، لكن قبل أسبوع قال ريان كروكر، السياسي الأمريكي السابق الذي يحظى باحترام كبير، لصحيفة (نيويورك تايمز) إن الوقت حان "لبدء محادثات مع نظام الأسد من جديد".
وقال كروكر :"بقدر ما لديه من سوء، فهو ليس بقدر سوء الجهاديين الذين كانوا سيتولون السلطة في حالة غيابه".
وأوضح السفير السابق لدى العراق وسوريا أنه كان يتحدث عن حوار بشأن قضايا بعينها وقال إنه يتعين أن تجرى "بهدوء شديد".
لكن محللين أخرين ذهبوا إلى ما هو أبعد من ذلك.
وقال جوشوا لانديز، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما، وأحد مستشاري صناع السياسة في واشنطن، "قد يضطر أحد الأشخاص إلى أن يقر على مضض ببقاء الأسد. فليس لدينا لعبة أخرى".
وكان لانديز من المعارضين بشدة لتسليح المعارضة السورية، وقال إنها سياسة "ستنفجر في وجوهنا".
كما أنه لا يعتقد في أن إجراء اتصالات مبدئية مع الجبهة الإسلامية، وهو ائتلاف تشكل مؤخرا ويضم الجماعات الإسلامية غير المنحازة لتنظيم القاعدة، قد يفضي إلى نتائج أفضل.
ويقول لانديز إن السفير كروكر ربما يتحدث إلى نفسه، لكنه على علم بما تفكر فيه وزارة الخارجية.
كما يعرب المشرعون الأمريكيون عن قلقهم الخاص.
فقد تحدث مايك روجرز، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي، عن قلقه بشأن تجمع غير مسبوق لمقاتلي القاعدة في سوريا.
وقال خلال مؤتمر في جامعة جونز هوبكنز الأسبوع الماضي :"ليست لدينا طريقة جيدة لاختبار المعارضة على أرض الواقع".
جزء من الحل؟
وبناء على هذه الخلفية بدا الأسد كشخص لا يمكن الاستغناء عنه، فهو رجل يمكنه تسليم أسلحة بلاده الكيماوية، وربما هزيمة متشددي جبهة النصرة وجماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش).
وكان الجيش السوري أعلن سيطرته على الطريق السريع الرئيسي الواصل بين دمشق وحمص في وقت سابق هذا الأسبوع، غير أنه قال إنه بحاجة الى معدات ثقيلة إضافية لضمان وصول القوافل إلى ميناء اللاذقية على البحر المتوسط.
ويعتمد نجاح هذه المرحلة الحرجة من الاتفاق كليا على قدرة الحكومة السورية في السيطرة على الأحداث على الأرض.
وربما يصبح الهدف الثاني، وهو التعامل مع المتشددين الإسلاميين، أكثر أهمية على الأجل الطويل.
ولطالما كان قادة سوريا مخادعين ويقرعون أجراس الخطر قبل وجود تهديد حقيقي من القاعدة في سوريا وبوضوح أخفقوا في التصدي لجبهة النصرة و(داعش) عند ظهورهما على الساحة.
لكن معارضين لإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما يقولون إنه لا طائل من السعي إلى مساعدة الأسد.
وقال كورت فولكر، السفير الأمريكي السابق لدى حلف شمال الأطلسي: "اعتبرنا الأسد بمثابة شريك بدلا من النظر إليه على أنه المشكلة".
مشاركة محدودة
وعلى الرغم من وضوح فكرة عدم الاستغناء عنه، فإن الغرب لا يريد على نحو واضح الاعتماد بشدة على زعيم يده ملوثة بالدماء.
وقال دانيال ليفي، من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية :"سيكون من الصعب تحقيق ذلك"، معتقدا أن حدود اعتماد الغرب على بشار الأسد وصلت بالفعل إلى نهايتها.
وأضاف :"الولايات المتحدة لديها بالفعل مهمة شاقة مع السعودية بشأن إيران"، مشيرا إلى الاتفاق الأخير المبرم بشأن البرنامج النووي لطهران.
وربما لن يكون الأسد ذلك "الرجل" مرة أخرى، كما كان في أعقاب غزو العراق.
غير أن نجاحه الأخير في ميدان المعركة، الممتزج بحاجة الغرب الملحة لتأمين ما لديه من أسلحة كيماوية إلى جانب صعود المد الجهادي يعنى أننا سنتعامل معه بطريقة أو بأخرى لفترة من الوقت.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: