ضغوط الامتحانات: رأي معلم في ظاهرة الدروس الخصوصية
يتعاظم إحساس الطلبة بالقلق مع انتظارهم ورقة الامتحان التي تبدأ معها المحنة.
وتعد هذه اللحظة الدافع وراء إقدام العديد من الأسر على التفكير في الحصول على مساعدات الدقيقة الأخيرة، والبحث عن خدمات طارئة في عالم التعليم والاستعانة بمدرس خصوصي.
وتعتبر الدروس الخصوصية من بين القوى غير المرئية الكبيرة في قطاع التعليم، إذ يصعب قياس تأثيرها لكونها تقع خارج منظومة التعليم الرسمية الخاضعة للوائح الدولة.
لكن هذا القطاع، أو تعليم الظل ، ما هو إلا نشاط تجاري كبير. ففي أماكن مثل كوريا الجنوبية وهونج كونج تلجأ نسب كبيرة من الطلبة إلى الدروس الخصوصة، كما يتمتع الكثير من المدرسين الخصوصيين بمكانة نجوم الروك ولديهم حملات دعاية خاصة.
وإن كان ذلك غير عادل، فالدروس الخصوصية تعد وسيلة لا مفر منها بل تنطوي على ميزة تنافسة داخل منظومة التعليم في جميع أنحاء العالم.
لكن كيف تبدو الصورة على الجانب الآخر؟ وما الذي يراه المعلمون عندما تستأجرهم الأسر لتقديم المساعدة؟ ومن هم المعلمون السوبر الذين يظهرون مع كبار الأثرياء؟.
ربما لا يحب موراي موريسون، وهو معلم خاص، لقب المعلم السوبر ، وقال إنه سيكون متحفظا جدا حال ذكر أي من الأسر من الفئة الأولى التي سبق وقدم لها خدماته.
لكنه بعد 15 عاما في مهنة التدريس وإعطاء الدروس الخصوصية في لندن، أصبحت لديه نظرة ثاقبة لما يبدو عليه الوضع عندما يقرع المعلم جرس الباب ويخطو داخل المكان.
هل يتعلق الأمر بالفعل بالآباء؟ هل هم من يسعون إلى النجاح من خلال أطفالهم؟.
يقول موريسون : الآباء لديهم طموح، والجميع يرغب في أن يصبح ابنه الأفضل. إنهم يرغبون في أن يغادر أبناؤهم المدرسة بعد أن يحصلوا على أفضل الدرجات، وذلك لأن النظام يقيس الأداء بناء على هذه الدرجات الكبيرة.
قد لا يكون الآباء هم من يرتبون عملية الاستعانة بمدرس خصوصي.
وأضاف موريسون : قد تعثر على وظيفة مدرس خصوصي من خلال وكيل يقوم بعملية الاستئجار، إذ ربما يرغب رجل أعمال دولي أو أحد النخبة في الاستعانة بمدرس خصوصي (سوبر) لأطفاله.
وقال : كما تصادف أطفالا يشعرون بالوحدة، لأنهم يقضون أوقاتهم مع المعلمين أكثر من الأصدقاء. وهناك أطفال في سن العاشرة يصطحبهم مدربون خصوصيون إلى الحديقة.
وأضاف : طلب مني ذات مرة أن أعثر على مدرس خصوصي لأطفال في سن الثالثة، إنه جنون بلا شك.
ويقول موريسون إنه قبل إتمام ترتيبات الاستعانة بمدرس خصوصي، يتحدث الآباء مع مدرس الطفل.
وأضاف : إن كان الأطفال غير راضين عن قدراتهم أو يعانون، فمن المهم التصدي لذلك ، لكن ينبغي للآباء الاستماع إلى نصائح المعلمين قبل الاستعانة بمدرس خصوصي.
وقال : الاستعانة المبكرة بمدرس خصوصي تؤكد فكرة أن الطفل ليس جيدا في مادة معينة. وسوف يكون التأثير النفسي سلبيا للغاية. لقد شاهدت ذلك كثيرا في الآونة الأخيرة، حيث طلب مني العثور على مدرس خصوصي لطفل يعاني (من فقدان الثقة). لكن تعاطي الكثير من الدروس الخصوصية قد يكون هو نفسه السبب في فقدان الثقة.
وأضاف أن الآباء إن رغبوا في الاستعانة بمدرس خصوصي، فمن المهم أن تكون هناك خطة واضحة للمهمة مع تحديد الأهداف المطلوب إنجازها.
وسوف يعتمد أي تحسن في الأداء على ما بذله الطفل من جهد في التحصيل، فأمام كل ساعة تدريس خصوصية ينبغي أن تكون هناك خمس ساعات للتحصيل العملي.
وأكد موريسون أن التطبيق العملي للطفل دوما ما يحدث الفرق وليس المدرس الخصوصي وحده.
يقول موريسون إن كبار الأثرياء يتمتعون بحالة من الهدوء النفسي تجاه نتائج أطفالهم في المدارس، لكن الضغط الحقيقي يقع على كاهل الآباء غير الأغنياء أو غير المشهورين.
وأضاف موريسون : إنهم ينفقون أموالهم من أجل حصول الأبناء على أفضل تعليم. إنهم يواجهون ضغوطا مالية كبيرة.
وربما تصبح هناك حاجة لحصول الطفل على مزيد من الدروس عندما يتعلق الأمر بتعزيز القدرات وزيادة الأداء، وهنا يقع هؤلاء الأطفال في براثن سباق تسلح للدروس الخصوصية يعاني منه الطفل الذي لا يتمتع بالذكاء.
وقال : تحدث المخاطرالحقيقية عندما تنجح الدروس الخصوصية قصيرة المدة والمكثفة في دفع الطفل للالتحاق بمدرسة أكاديمية، وهنا يقع الأطفال في مأزق يتمثل في مواجهة ضغوط هائلة من أجل الاستمرار ومواكبة التحصيل.
وأضاف : الآباء هم من يختارون المدرسة لأنفسهم وليس من أجل الأبناء. فترى أطفالا يعودون إلى المنزل بعد يوم دراسي شاق مفعم بالأنشطة يحتاجون إلى المزيد من الدروس الخصوصية، ومن ثم لا يستمتعون بحياتهم على الإطلاق.
قد يكون هناك بعض الرؤي الغريبة داخل الأوساط الثرية.
يقول موريسون : طلب مني ذات مرة عند وصولي إلى منزل أحدهم أن أرتدي زيا. كان ذلك الزي نوعا من كسوة المنزل ، فرفض موريسون وقال لهم إن من المهم ألا يعامل المدرس الخصوصي على أنه خادم أو مربية.
وأضاف : لابد أن يكون (المدرس) شخصا يقتدي به الطفل. ومن المهم غرس احترام الهيئة الأكاديمية في النفس.
وقال موريسون إنه طلب منه ذات يوم أن يقدم دروسا خصوصية لطالب في الجامعة يحتاج إلى اجتياز امتحان مادة الرياضيات، وعن إمكانية الذهاب والعيش معهم طوال الفصل الدراسي؟ وهو ما رفضته.
كما ينزعج موريسون من الآباء الذين يعتقدون أن المدرسين الخصوصيين وسيلة نافعة لتحقيق أفضل الدرجات في الواجبات المنزلية أو أنشطة الدورات التدريبية.
ونظرا لكون أعمال التدريس الخصوصية غير خاضعة لضوابط، تجد بعض المدرسين الخصوصيين يرفعون أتعابهم اعتمادا على قدرة العميل على الدفع.
ويرى موريسون أن أفضل المدرسين الخصوصيين ليس من يطلب منهم أداء المهام كثيرا، بل هم من يتأكدوا أنه لم تعد هناك حاجة لخدماتهم.
فيديو قد يعجبك: