تنظيم "الدولة الإسلامية": احتكار السلطة
(بي بي سي):
أمر تنظيم "الدولة الإسلامية" المتشدد المنشق عن تنظيم القاعدة الجماعات المسلحة السنية الأخرى التي انضمت للانتفاضة في العراق بقسم الولاء له وإلقاء السلاح.
وتأتي الخطوة بعد أن أعلن التنظيم إقامة الخلافة في مناطق في العراق وسوريا يسيطر عليها وغير اسمه إلى "الدولة الاسلامية" من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش).
ويضع ذلك الجماعات المسلحة الأخرى في مأزق بين تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر على مناطقهم وبين الحكومة التي يقودها الشيعة ويقفون ضدها.
يذكر أن تنظيم "الدولة الإسلامية" قمع جماعات أخرى في مناطق في سوريا يسيطر عليها، كما فرض احتكاره للحكم بالقوة إذا اقتضى الأمر.
وكان التنظيم قد استولى في الآونة الأخيرة على بلدة البوكمال المهمة ليسيطر بذلك على الجانب السوري للحدود الرئيسية مع العراق بعد ثلاثة أيام من اشتباكات عنيفة مع جماعات أخرى من قوات المعارضة السورية.
وتفيد بعض التقارير إنه إقام نقاط تفتيش وأخذ يعتقل الخصوم المشتبه بهم.
وتواجه جماعات سنية مسلحة أخرى - وبينها عسكريون سابقون، وعناصر من العشائر وموالون لحزب البعث الذي كان يقوده صدام حسين – موقفا شديد الصعوبة.
وتقول مصادر عشائرية ومصادر عسكرية تابعة للمتمردين إنهم أبلغوا في اجتماع عقد على مدى يومين في مدينة الموصل بضرورة قسم الولاء للخلافة الجديدة وأن المقاتلين الوحيدين الذين يحق لهم حمل السلاح هم المنتمون إلى تنظيم "الدولة الإسلامية". ولا يعفيهم قسم الولاء من تسليم السلاح.
ووصف مصدر بارز من المتمردين ما يحدث قائلا: "لقد اختطفت ثورتنا". لكنه أضاف أن الجماعات الأخرى لا تعتزم المشاركة في معركة تعتقد أنها خاسرة مع تنظيم الدولة الإسلامية التي سرعان ما عززت قبضتها في المناطق التي تقطنها غالبية سنية وسقطت قبل ثلاثة أسابيع.
ويشعر المسلحون غير المنتمين لداعش بامتعاض ومرارة من الأمريكيين، الذين سبقوا وقدموا 500 مليون دولار لجماعات مسلحة مشابهة لهم في سوريا، لكون الأمريكيين يعتبرونهم بمثابة إرهابيين لأنهم انضموا لتمرد ضد القوات الأمريكية هنا، على الرغم من أنهم قاتلوا بعد ذلك القاعدة وطردوا عناصرها.
تنظيم "قوي جدا"
وعد توجه تنظيم الدولة الاسلامية لاحتكار السلطة في الأجزاء السنية من العراق بمثابة خطوة لصالح الحكومة في بغداد، خصوصا أنها سعت إلى رفع الغطاء السياسي عن التمرد في المنطقة.
قال مصدر بارز من المسلحين السنة :"لن نقسم يمين الولاء ولن نلقي أسلحتنا وسوف نخبأها".
وأضاف :"لكننا لا نستطيع قتال تنظيم الدولة الإسلامية لأنه تنظيم قوي جدا وسوف تكون المعركة خاسرة. لكننا سنظل نشطين في بغداد، حيث لا وجود للتنظيم هناك".
وكان أبو بكر البغدادي زعيم التنظيم قد دعا المجاهدين في أنحاء العالم إلى السفر إلى العراق وسوريا للقتال وللمساعدة في بناء ما سماه بـ "الدولة الإسلامية".
وشدد البغدادي على أن هجرة المسلمين إلى ما دعاه بـ "الدولة الاسلامية" واجب عليهم.
ودعا البغدادي بصورة خاصة القضاة والأطباء والمهندسين وجميع من لديهم الخبرة الإدارية والعسكرية.
وتقول مصادر إن أعدادا كبيرة من الشباب يجري تجنيدهم محليا مقابل 500 دولار شهريا.
كما يجري إخضاعهم لتدريبات عسكرية تستغرق أسبوعين فضلا عن دروس إسلامية لمدة أسبوعين أخرين قبل انتشارهم.
لكن إذا ترسخ مشروع الخلافة، فسوف يحتاج ذلك إلى إداريين وخبراء في مجالات عديدة يأمل البغدادي في أن يلبوا دعوته.
واندلعت خلافات مع الجماعات السنية الأخرى في العراق مع إعلان بيان من رابطة علماء المسلمين في العراق الذي انتقد قرار اعلان الخلافة، ودعا البيان إلى إلغاء القرار.
وقالت الرابطة :"أولئك الذين أعلنوا (القرار) لم يتشاوروا مع أبناء العراق أو قادتها، إنه ليس في مصلحة العراق ووحدتها حاليا، وسوف يتخذ كذريعة لتقسيم البلاد والإضرار بشعبها".
وأضاف البيان :"ثمة متطلبات تفضي إلى تحقيق النجاح، فالفشل سيطول الجميع. وقسم الولاء وهذا الوضع غير ملزم لأي أحد".
سيناريوهات الانهيار
وبعد ساعات من نشر البيان تعرض الموقع الإلكتروني للرابطة لاختراق بمعرفة تنظيم الدولة الإسلامية التي نشرت رسائل وصورا تسخر فيها من زعيم الرابطة وتصفها بـ"رابطة المستسلمين المسلمين".
وكلما أحكمت الدولة الإسلامية قبضتها، كان من الصعب على نحو واضح زحزحتها.
ويواجه السكان في المناطق السنية، الذين لم يفروا بعد، مستقبلا مروعا غير واضح المعالم وحربا طائفية تزداد احتداما، أصبحت إيران والأمريكيون قوى لاعبة فيها إذا ما اشتدت.
وتجنح الاستراتيجية التي يتبناها العديد من السياسيين والأمريكيين والقوى الأخرى إلى تصحيح أخطاء الحكومة المركزية التي يهمين عليها الشيعة في بغداد ودمج المعتدلين من السنة في العملية السياسية وبذلك يحدث تقويض لمتشددي تنظيم الدولة الإسلامية وانعزالهم.
وتذهب النظرية إلى أن القوات المقاتلة من السنة غير المنتمية لتنظم "الدولة الإسلامية" ستتحول إلى مواجهة المتشددين بمساعدة بيشمركة الأكراد، وما تبقى من الجيش العراقي والأمريكيين وأخرين.
غير أن الانهيار الكبير للجماعات السنية الأخرى تجعل هذا السيناريو أقل قبولا. فهم يشعرون بالعزلة وعدم وجود أصدقاء، ويقول قادتهم إنهم يرغبون في مساعدة الأمريكيين، غير أن واشنطن تراهم بمثابة إرهابيين، ولم تفرق في العراق مثلما فعلت في سوريا بين جماعات المعارضة الإسلامية والمتشددين في داعش.
وفي ذات الوقت هناك مخاوف على مصير الأقليات في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" مثل الأيزيدية والشيعة.
كما تثار مخاوف إذا استطاع تنظيم "الدولة الإسلامية" السيطرة على مصفاة بيجي النفطية، فربما ترغب في الاستيلاء على حقول نفط كركوك التي يسيطر عليها الأكراد لتوفير الوقود لمصفاة التكرير.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: