هل يمكن أن تساعد روسيا في إرساء دعائم السلام في سوريا؟
لندن (بي بي سي)
تواجه روسيا انتقادات حادة في الغرب بسبب عمليتها العسكرية في سوريا.
ويتعرض سلاح الجو الروسي للاتهام بممارسة القصف دون تمييز. وتقول منظمة العفو الدولية إن هناك "أدلة لا يمكن دحضها" على قيام القوات الروسية وقوات الحكومة السورية "بالاستهداف بشكل عمدي ومنتظم للمستشفيات والمنشآت الطبية الأخرى" في حلب في الشمال.
ولكن أثناء رحلتنا لسوريا خلال هذا الأسبوع، حاول الجيش الروسي إقناعنا أنه يلعب دورا بناء كصانع سلام.
فقد تم اصطحابنا إلى قريتين لمشاهدة الجيش الروسي وهو يوزع مساعدات إنسانية في حقائب بلاستيكية تحوي معلبات أسماك ولحوم، وبازلاء مجففة وبسكويت.
ومطبوع على الأكياس علما روسيا وسوريا وكلمات "روسيا معك!" (مع أنها مكتوبة بالروسية وليس العربية).
وفي قرية معرزاف قرب حماة، شاهدنا قرويا عجوزا يوقع على إعلان للسلام مع ضابط روسي. وتعهدت القرية بدعم عملية المصالحة والرضوخ لسيطرة قوات الحكومة السورية مقابل ضمانات أمنية.
ونصبت خيمة كبيرة بهذه المناسبة التي حضرها العديد من القرويين. وبعد ذلك قدم الجيش الروسي حلوى وبسكويتا روسيا لأطفال القرية.
مفاوضات "صعبة"
وفي معرزاف التقينا أحمد مبارك، وهو شيخ موال لموسكو يعمل مع الروس على إقناع القرى في محافظة حماة بتوقيع تعهدات مماثلة.
وللشيخ جيشه الخاص، فالعديد من "جنوده" المدججين بالأسلحة الثقيلة كانوا في القرية من أجل المراسم، واتخذ بعضهم مواقعه على أسطح المنازل، وتجول آخرون - وقد تدلت أسلحتهم على أكتافهم – بين الحشود.
وأحضرنا الجيش الروسي إلى القرية في مركبة مدرعة ونصحنا بارتداء الدروع الواقية خلال الزيارة. ورغم اتفاق السلام في هذه القرية، فإنك لا تشعر بأن السلام منتشر في سوريا.
ويعترف الروس بأن البلدات والقرى لا تتدافع لتوقيع اتفاقيات السلام.
وقال لنا المقدم الروسي جيرمان رودينكو "إن المفاوضات مع القرى صعبة للغاية." ويترأس رودينكو مجموعة المصالحة التابعة للجيش الروسي بمحافظة حماة.
وأوضح قائلا "إن الناس يخشون أن يؤدي تعاونهم معنا لتعرضهم لضغوط من قبل الجماعات الإرهابية."
ووقع الروس إعلان سلام مماثل مع ضاحية التل، شمالي دمشق. ولكن ذلك لا يعني أن جميع معارضي الرئيس بشار الأسد قد ألقوا السلاح.
وأبلغتني إحدى القاطنات في البلدة أنه مازال هناك "متمردون"، ولكنها لم تحدد أي من الجماعات المقاتلة يتبعون.
وأضافت قائلة "إنهم الآن يفكرون، إنهم لن يكونوا ضد جيشنا، وبعضهم يحاول أن يجنح للهدوء، والبعض ينتظر، لم يتضح الأمر تماما، ولكن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح."
وتقول الأمم المتحدة إن هناك التزام بتوقف الأعمال العدائية في سوريا، والتي تفاوض بشأنها روسيا والولايات المتحدة. ولكن الأمم المتحدة تصف هذا الالتزام بـ "الهش" وتحذر "من أن النجاح ليس مضمونا".
"أسرعوا، أسرعوا"
يوم الثلاثاء، وخلال زيارتنا قرية كنسبا، سمعنا أصوات انفجارات على مرتفع مجاور. وقد قمنا وصحفيين آخرين بالانبطاح أرضا، ثم أخذنا ساترا خلف جدار.
وطلب الجنرال الروسي الذي يصحبنا تعزيزات بجهاز اللاسلكي، فهرعت إلينا مركبة مشاة مدرعة عبر الطريق الرئيسي.
وأمرنا الجنرال الروسي باتخاذ ساتر وراء المركبة فيما كانت تتحرك صوب السيارات التي تنتظرنا. ولكن لم ينجح الجميع في الاحتماء بمركبة المشاة المدرعة.
وسمعنا المزيد من الانفجارات. فصاح الجنرال "أسرعوا، أسرعوا!" فعدونا بشكل متقطع الـ 100 متر الأخيرة للسيارات والأمان.
وزعمت وزارة الدفاع الروسية أننا تعرضنا لقصف مدفعي، وأن 8 قذائف مدفعية أطلقت علينا من ناحية الحدود التركية - السورية.
لا أستطيع أن أجزم بمكان الانفجارات أو من أين أتت. وتعرض عدد من الصحفيين في مجموعتنا لإصابات طفيفة، ولكن ليس من قذائف المدفعية والشظايا، وإنما كانت جروحا وكدمات أصيب بها بعضنا خلال عدونا بسرعة في حالة من الفوضى خلف مركبة المشاة المدرعة.
وأيا كان ما حدث في كنسبا، فإنه يتوافق مع رواية موسكو الحالية، وهي أنه بينما تسعى روسيا للسلام في سوريا، فإن هناك آخرون يريدون استمرار النزاع.
فيديو قد يعجبك: