كيف تغير "رؤية السعودية 2030" من المملكة التي عرفناها؟
(بي بي سي)
وافق مجلس الوزراء السعودي، الاثنين 25 أبريل/ نيسان، على "رؤية المملكة 2030" والصادر بشأنها قرار مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، والذي يترأسه ولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان.
وتضمنت الموافقة كذلك تكليف مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية سالف الذكر بوضع الآليات والترتيبات اللازمة لتنفيذ تلك الرؤية ومتابعتها.
وعبر مقابلة مع قناة "العربية"، أفصح الأمير محمد بن سلمان عن الملامح الرئيسية لرؤية وأهداف المملكة فيما يتعلق بالتنمية والاقتصاد لـمدة 15 سنة مقبلة.
وقال ولي ولي العهد إن الرؤية كانت ستنطلق سواء بارتفاع سعر النفط أو انخفاضه. وتابع أنه وفقا للرؤية الجديدة بإمكان المملكة أن تعيش في عام 2020 دون حاجة للنفط.
وأشار ولي ولي العهد إلى أن السعودية تم تأسيسيها وإدارتها لسنوات طويلة دون وجود نفط، مضيفا أن المملكة تعيش الآن "حالة إدمان نفطية"، واصفا ذلك بالوضع الخطير.
وأكد الأمير محمد على ضرورة تنويع مصادر الدخل القومي للمملكة، وعدم الاعتماد على مصدر وحيد، واشراك القطاع الخاص في عملية التطوير، مشددا على أن ذلك يزيد من قوة ومكانة الدولة.
وفيما يتعلق ببيع جزء من القطاع العام، قال الأمير محمد إن ما سيتم طرحه للاكتتاب العام من شركة النفط السعودية "أرامكو" أقل من 5 في المئة من حجم الشركة. وأردف الأمير أن ما يخص "أرامكو" في رؤية التغيير يعد جزءا بسيطا، وأنه لا يجب اختزال الرؤية في "أرامكو".
وفيما يتعلق بالدعم الحكومي، قال الأمير محمد إن 70 في المئة من الدعم يذهب إلى الأثرياء، مؤكدا أن الدعم يجب أن يوجه لأصحاب الدخول المتوسطة وما دون المتوسطة، والذين يشكلون 30 في المئة ممن يتلقونه حاليا.
وأكد الأمير أن تحديد تلك الفئة يعد تحديا صعبا للغاية، وأنه على مدار عام كامل كانت تعد برامج من أجل تحديد تلك الفئة. وتوقع الأمير أنه مع نهاية عام 2016 ستكون الرؤية اتضحت بشكل أكبر، موضحا أنه لن يتم تحرير قوى في أسعار الطاقة إلا مع وجود برنامج واضح.
وصرح ولي ولي العهد أن المملكة، من خلال الرؤية الجديدة، تهدف إلى خفض معدل البطالة من 11.6 في المئة إلى 7 في المئة. وأضاف أن ذلك يتحقق من خلال إعادة تهيئة الموظف والعامل السعودي لدخول سوق العمل. وتابع أن ذلك يمكن تحقيقه عبر إنشاء شراكات مع شركات القطاع الخاص وشركات مملوكة بنسبة عالية للحكومة، إضافة إلى ربط مخرجات التعليم باحتياجات السوق والرؤية المستقبلية واحتياجات السنوات القادمة.
وأشار الأمير محمد إلى نية المملكة الاستثمار في الصناعات العسكرية مستنكرا أن تكون المملكة أكبر ثالث دولة تنفق عسكريا خلال عام 2015، وليس لديها تلك الصناعة. وأضاف أنه إذا استطاعت المملكة استيفاء طلبها العسكري داخليا بمعدل 30 أو 50 في المئة، فذلك سوف يخلق قطاعا صناعيا جديدا وسوف يدعم الاقتصاد بشكل قوي ويخلق وظائف كثيرة جديدة.
وبالنسبة للإسكان، أوضح الأمير أن الرؤية تهدف إلى زيادة نسبة تملك السعوديين لسكنهم الخاص من 47 في المئة إلى 52 في المئة بحلول عام 2020.
كما أشار الأمير إلى إمكانية دخول شركات القطاع الخاص في تمويل مرافق وخدمات على أن تقوم بإدارة تلك المرافق لعدد من السنوات مقابل ما تحملته من تكاليف الإنشاء.
وشدد ولي ولي العهد أن ما تم عرضه هو مجرد رؤية دون البرامج التنفيذية والتي ستنطلق لاحقا للإيفاء بمتطلبات الرؤية الجديدة. وأضاف الأمير أن أغلب البرامج ستكون لمدة خمس سنوات ثم يتبعها برامج أخرى.
وتهدف السعودية، تبعا للرؤية الجديدة، إلى رفع نسبة مساهمة القطاع الخاص من الناتج المحلي إلى 65 في المئة، إضافة إلى زيادة نسبة الاستثمار الأجنبي من 3.8 في المئة حاليا إلى 5.7 في المئة. كذلك تسعى المملكة إلى زيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية من 163 مليار ريال حاليا إلى تريليون ريال.
وكان المئات من المسؤولين السعوديين والمديرين التنفيذين، إضافة إلى استشاريين أجانب قد اجتمعوا، نهاية فبراير/ شباط الجاري، بأحد فنادق العاصمة الرياض، لبحث مستقبل الاقتصاد السعودي في ظل تراجع أسعار النفط.
ونقلت وكالة "رويترز" عن بعض ممن حضروا المناقشات أن برنامج الإصلاح يبدو غامضا ومحفوفا بالمخاطر. وأضافوا أنه يشتمل على بيع أصول، وزيادة في الضرائب، وخفض الإنفاق، إضافة إلى تغيير في أسلوب أدارة الدولة لاحتياطاتها المالية ودور أكبر للقطاع الخاص.
وليست هذه المرة الأولى التي يتم التحدث فيها داخل المملكة عن مشاريع وخطط للتطوير دون أن تترجم إلى أفعال ملموسة على أرض الواقع. لكن متابعين يرون أن هذه المرة قد تختلف عن سابقاتها لعدة أسبابها أهمها الظروف الاقتصادية التي تمر بها المملكة، إضافة إلى تركز سطلة اتخاذ القرار والتنفيذ في مجلس واحد، مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، والذي يترأسه الأمير محمد بن سلمان شخصيا.
ويرى مراقبون ان تلك الإصلاحات وجذب الاستثمارات الأجنبية يحتاج إلى قطاع خدمات مدني قوي غير متوفر حاليا في المملكة، كما يحتاج إلى إجراء تعديلات على القوانين الحالية. ويضيف هؤلاء أن ذلك التغيير قد يصطدم بمعارضة شريحة من فئات المجتمع السعودي.
وأنفقت السعودية عشرات الملايين من الدولارات على الاستشارات الأجنبية الخاصة ببلورة الرؤية الجديدة. وقال مركز أبحاث "سورس جلوبال ريسيرش" ومقره لندن، إن حجم الأنفاق السعودي من قبل الحكومة والهيئات المرتبطة بها على الاستشارات الأجنبية وصل عام 2014 إلى نحو 1.06 مليار دولار، وأضاف المركز ذاته أن حجم الانفاق ارتفع بنسية 10 في المئة خلال عام 2015.
وأعلنت السعودية نيتها اقتراض مبلغ 10 مليارات دولار من بنوك أجنبية لمساعدتها على سد عجز الميزانية الذي تسبب فيه تدهور سعر النفط. وتعد هذه المرة الأولى التي تقترض فيها السعودية من جهات أجنبية منذ 15 عاما. ويمثل النفط حاليا قرابة 90 في المائة من موارد الحكومة السعودية، وذلك حسبما أوردت مجلة "ايكونوميست" في تقرير لها عن رؤية ولي ولي العهد.
فيديو قد يعجبك: