من هم "حماة قطط الشوارع" في سنغافورة؟
(بي بي سي)
في كل مدينة قطط ضالة في الشوارع، لكن في سنغافورة تختلف أوضاع القطط قليلا عن مثيلاتها في العالم.
فقطط الشوارع في سنغافورة ليست هزيلة أو ذات رائحة كريهة، ولكنها نظيفة جميلة المظهر ومعروفة بمودتها وأنها "قطط منطلقة".
في الصباح يقوم جيش صغير من المتطوعين المخلصين على رعاية القطط وإطعامها وسقايتها، وفي الليل يجوب محبو القطط الشوارع للاعتناء بها.
"هذه القطة مميزة جدا"، عبارة قالها شخص نحيف يرتدي قميصا فضفاضا ونعلا، أسفل برج سكني في منطقة ييشون شمال البلاد.
وأضاف" تجعلني أشعر بوجودها، لكن عندما أذهب نحوها تفر بعيدا، ثم عندما أهم بالذهاب تعود لتطاردني."
وتسمى هذه القطة برتقالة، وتركض خلفنا عندما نسير بعيدا في الظلام.
سفاح القطط؟
وقالت إحدى المتطوعات "نحمل هواتفنا فقط ونجوب الشوارع، وإذا ما تمكنا من إنقاذ قطة واحدة فقط كل ليلة فهذا كافي".
وينظر إلى قلق هؤلاء حيال القطط على انه أمر واقعي جدا، حيث جاء عقب موجة الموت الغامض للقطط في ييشون مطلع العام الحالي.
وطوال أسابيع ضجت وسائل الإعلام في سنغافورة بالقصص التي توثق أخر الاكتشافات البشعة لجثث القطط الميتة.
وعُثر على الحيوانات مكسورة الأطراف، وغارقة في البرك، وبها إصابات داخلية شديدة وتتشابه جميعا في اقتلاع عينيها. في بعض الحالات كان من المؤكد تعرضها لعملية عنف متعمد.
وإجمالا بلغ عدد القطط المتوفاة 39 قطة خلال أشهر قليلة.
الحصول على بصمة القطة؟
ووقف الشخص في القميص الفضفاض، والذي لم يكشف عن اسمه، وصمت لبرهة في مدخل بين برجين سكنيين.
وقال :"هذا هو المكان المحدد الذي عثروا فيه على جثة القطة."
وأظهر صورة على هاتفه المحمول لقطة شاحبة صغيرة، ملقاة في مجرى لتصريف المياه وعليها آثار دماء.
وقال من الواضح إن هذه القطة قتلت عمدا.
وأكدت هيئة الأغذية الزراعية والخدمات البيطرية (أفا)، المسؤولة عن التحقيق في قضايا الاعتداء على الحيوانات، وجود حالتين قتل متعمد فقط في ييشون.
بينما كان هناك 13 حالة وفاة لقطط في حوادث مرورية أو نتيجة السقوط من أعلى، وظلت بقية الحالات الأخرى غير معروفة الأسباب.
وفي الوقت الذي ظلت فيه الجثث تتزايد، كان هناك حديث بين النشطاء بأن الهيئة لا تقوم بما يكفي للتحقيق ومعرفة الحقيقة.
أخبرني أحد النشطاء أنه في بلد مثل سنغافورة، حيث يوجد العديد من كاميرات المراقبة، يجب أن يكون من السهل الوصول للجاني.
وقال لويس نغ، أحد محبي الحيوانات ونائب برلماني عن ييشون، لبي بي سي في وقت سابق من هذا العام، أن المشكلة تتمثل في نقص الأدلة.
وقال "لا يمكنك الحصول على بصمات القطط. لا يمكن معرفة الأشخاص المقربين منها، ويمكن مقابلة عدد محدود من الأشخاص".
وأشاد السيد نغ، الذي ساهم في إعداد فريق الاستجابة السريعة للتحقيق في وفيات القطط، بما سماه "روح المجتمع المذهلة" لدى المتطوعين، ووصفها بأنها الشيء الإيجابي الوحيد المستفاد من هذه القضية.
وألقي القبض على اثنين على صلة بقتل القطط في ييشون.
وأدين أحدهما وحُكم على الآخر هذا الأسبوع فقط بالسجن 18 شهرا مع وقف التنفيذ بعد الاعتراف بإلقاء قطة من الطابق السادس عشر في برج سكني.
ويبدو أن وفيات ييشون قد انتهت، على الرغم من القبض على مشتبه به في جريمة قتل قطة أخرى، هذا الأسبوع.
عاطفة نحو القطط
وأخبرني الرجل في القميص الفضفاض أنه لا يستطيع أن يشرح لعائلته وأصدقائه لماذا يجوب الشوارع كل ليلة، بالإضافة إلى عمله بدوام كامل.
ويقول :"هذا أمر لا يدركه كل شخص، إنه يتعلق فقط بعاطفة نحو القطط."
وبينما يتجول طوال الليل، فإنه يبحث عن القطط التي يعرفها، وإذا اكتشف غياب إحداها يسارع بتحذير شبكة حراسة القطط.
ومن بين القطط التي التقيناها أثناء الجولة كانت بوشي، وجاء الإسم من ذيلها الرائع، ويشير الطوق الموجود حول رقبتها والجرس إلى أنها كانتتعيش لدى عائلة تربي القطط.
بينما يمر القط السمين واسمه فاتي، بجوارنا يتهادى في الليل، بينما يستكشف والد بوشي المشهد، في حين أن بوشي نفسه كان متغيبا الليلة.
وفي هذه الأثناء اقترب منا القط الأسود والأبيض كولي، دون تردد واستلقى قرب أقدامنا.
وبحلول الرابعة فجرا أصيب الرجل بخيبة أمل عندما ابتعدت عنه قطته الرمادية المفضلة ليتل مولان.
لكنه كان يفكر أيضا في أن قلقها من البشر سوف يبقيها في مأمن.
ويقول إن أتعس فكرة تجول برأسه، أثناء مغادرته، هو أنه ربما لا يراها مرة أخرى على قيد الحياة.
فيديو قد يعجبك: