شربات غولا الأفغانية ذات العينين الخضراوين تبحث عن حياة جديدة
(بي بي سي):
امرأة أفغانية شهيرة بفضل صورة نشرتها مجلة ناشيونال جيوغرافيك عام 1985 تحدثت حصريا إلى بي بي سي عن أملها في بدء حياة جديدة بعدما رُحِّلت من باكستان التي عاشت فيها 35 سنة لاجئة منذ أن كانت طفلة بسبب الحرب الطاحنة التي شهدتها أفغانستان.
تعيش شربات غولا برفقة ابنها البالغ من العمر خمس سنوات وبناتها الثلاث في العاصمة الأفغانية، كابول حيث تقول إنها ترغب في عيش حياة عادية بعد سنوات من المأساة والمعاناة.
لقد أصبحت الصورة التي التقطت لها عندما كان عمرها عشر سنوات رمزا لأزمة اللاجئين الأفغان الفارين من ويلات الحرب.
وكانت المرة الوحيدة التي تحدثت فيها لوسائل الإعلام قبل الآن في عام 2002 عندما أخذ الصحفي ستيف مكاري الذي التقط صورتها الشهيرة يبحث عنها ويتعقب أخبارها إلى أن وجدها لاجئة في باكستان.
لم تكن شربات غولا تعرف لمدة 17 سنة أن صورتها جعلتها مشهورة في أنحاء مختلفة من العالم.
ومثلما حال كثير من الأفغان، لجأت إلى باكستان حيث عاشت هناك لمدة 35 عاما لكنها سجنت ثم رحلت من البلد في الخريف الماضي بسبب حصولها على أوراق هوية باكستانية بطريقة "غير قانونية".
وقالت لي غولا في سكنها المؤقت في كابول "قضينا وقتا جيدا هناك (باكستان)، كان عندنا جيران طيبون، عشنا بين إخوتنا الباشتون. لكني لم أتوقع أن تعاملني الحكومة الباكستانية بهذه الطريقة في نهاية المطاف".
إن حالة غولا تبرز الاعتقال التعسفي والترحيل القسري الذي تعرض له اللاجئون الأفغان بسبب النزاع الحالي بين البلدين.
ولم يكن يُسمح لغير الباكستانيين بالحصول على هويات بعد إصدار هويات خاصة باللاجئين في السبعينات من القرن العشرين، لكن القانون لم يكن في الغالب يطبق على أرض الواقع.
"أيام قاسية" في السجن
أصبحت غولا امرأة مريضة وواهنة بعدما بلغت أواسط الأربعينات من عمرها، لكن عينيها لا تزالان تشعان حدة وقد امتلأتا بالخوف والأمل.
وأخبرت بي بي سي أنها باعت منزلها في باكستان لأنها خافت من اعتقالها بسبب "عدم حصولها على وثائق صالحة للبقاء هناك".
وقبيل يومين من تخطيطها للانتقال إلى أفغانستان، داهمت الشرطة منزلها في وقت متأخر من المساء ونقلت إلى السجن.
لقد أمرت الحكومة الباكستانية برحيل اللاجئين الأفغان البالغ عددهم مليوني شخص.
وتعتقد غولا أن الشرطة الباكستانية كانت مصممة على اعتقالها قبل أن تُرحل عن البلد.
وقالت شربات غولا "قلت للشرطة إنني حصلت على بطاقة الهوية لأمرين: لتعليم أبنائي وبيع منزلي ولم يكن ذلك ممكنا بدون بطاقة هوية".
وقضت في السجن 15 يوما، نصفها في الزنزانة ونصفها الثاني في المسشتفى حيث عولجت من مرض الوباء الكبدي.
ومضت قائلة إن "تجربة السجن كانت أسوأ وأقسى حادثة في حياتي".
ولما أدركت السلطات الباكستانية السمعة السيئة التي ستلحق بها، عرضت على شربات غول الإقامة فيها لكنها رفضت العرض.
وقالت "قلت لهم إنني ذاهبة إلى بلدي. سمحتم لي بالبقاء في بلدكم لمدة 35 عاما لكنكم في نهاية المطاف عاملتموني على هذا النحو، وهذا يكفي".
زوجها وابنتها الكبرى ماتا في بيشاور ودفنا هناك.
والتقط الصحفي مكاري الصورة الشهيرة لها عام 1984 في مخيم للاجئين ببيشاور عندما كانت غولا تدرس في مدرسة هناك.
وقد نُشِرت الصورة عام 1985 في مجلة ناشينونال جيوغرافيك وأصبحت أكثر صورة غلاف معروفة على الإطلاق. ولمدة سنوات، لم تعرف شربات غول أنها أصحبت مشهورة بفضل هذه الصورة.
وأضافت قائلة "عندما عرض علي أخي الصورة، تعرفت عليها وقلت له نعم هي صورتي".
ومضت قائلة "صدمت كثيرا لأنني لم أكن أحب الإعلام والتقاط صور من مرحلة الطفولة. في البداية، شعرت بالقلق بسبب الشهرة التي حازت عليها صورتي لكني عندما علمت أنني سبب في حصول العديد من اللاجئين على الدعم والمساعدة، غمرتني السعادة".
وقالت غولا إن جدتها من أمها كانت لها عينان خضروان مثلها.
وكانت غولا تعيش مع أسرتها في مقاطعة كوت بولاية نانجهار الشرقية عندما غزت القوات السوفيتية أفغانستان في عام 1979.
وتزوجت عندما كان عمرها 13 عاما لكن زوجها رحمات غول أصيب لاحقا بالوباء الكبدي ثم مات بعد خمس سنوات من تشخيص المرض. وماتت ابتتها الكبرى بالوباء الكبدي قبل ثلاث سنوات عندما كان عمرها 22 عاما وقد تركت وراءها ابنة عمرها شهران.
والتقت غول الرئيس الأفغاني أشرف غني في القصر الرئاسي عندما عادت إلى بلادها من باكستان ثم التقت فيما بعد بالرئيس الأفغاني السابق، حامد كرزاي.
وتعهدت الحكومة بدعمها ماديا وشراء منزل لها في كابول.
وقالت: "’آمل أن تفي الحكومة بوعودها".
والمنطقة التي تنحدر منها أصبحت الآن معقلا لتنظيم الدولة الإسلامية ولهذا لا يمكن أن تعود إليها. وقد هرب من المنطقة أخوها ومئات من سكانها خوفا من وحشية تنظيم الدولة.
وأصبحت أولوية غولا هي البقاء في بلدها وتحسين أحوالها وتعليم أبنائها وجعلهم يعيشون في سعادة.
واختتمت قائلة ""أتمنى تأسيس جمعية خيرية أو مستشفى لمعالجة الفقراء واليتامى والأرامل. أتمنى أن يعم السلام في هذا البلد حتى لا يصبح الناس بدون مأوى".
فيديو قد يعجبك: