إعلان

ما هي دوافع إجراء الاستفتاء الدستوري في تركيا؟

02:17 م الخميس 13 أبريل 2017

الرئيس التركي رجب طيب اردوغان

لندن – (بي بي سي):

من المقرر ان يصوت الأتراك في الـ 16 من شهر أبريل الحالي على مسودة دستور جديد من شأنه تعزيز السلطات التي يتمتع بها الرئيس رجب طيب اردوغان. مراسل بي بي سي مارك لايون يفسر الأسباب التي حدت بمعارضي مسودة الدستور الجديد الى معارضته على طول الخط.

ففي إحدى الحوادث، قال نائب موال للحكومة إن أحد المعارضين عضه في ساقه، وفي حادثة أخرى رمى أحدهم أصيصة في البرلمان كما سرق ميكروفونا واستخدمه كسلاح. وقامت نائبة مستقلة بتقييد نفسها الى منصة الخطابة مما اثار شجارا بين النواب. خلاصة القول إن النقاش البرلماني حول تغيير دستور تركيا لم يكن بالأمر السلس على الإطلاق.

ظاهريا على الأقل، يبدو المشروع قابلا لأن يحظى بتأييد جميع الأحزاب، فهو يهدف الى تحديث الدستور الذي سن بمباركة الجيش عقب انقلاب عام 1980 الذي قاده كنعان أيفرين.

ولكنه اثبت أنه أكثر التغييرات السياسية اثارة للجدل منذ عقود، وتحول الى استفتاء على الرئيس اردوغان ذاته.

ومن شأن المشروع تحويل تركيا من النظام البرلماني الى النظام الجمهوري الذي يتمتع فيه رئيس الجمهورية بصلاحيات واسعة (أي أشبه بالنظامين الأمريكي والفرنسي).

ومن التغييرات المقترحة في مسودة الدستور الجديد:

· إلغاء منصب رئيس الوزراء، واستحداث منصبين أو ثلاثة لنواب الرئيس.

· رئيس الجمهورية سيصبح رئيس السلطة التنفيذية اضافة إلى صلاحياته كرئيس للدولة كما سيحتفظ بارتباطاته بحزبه السياسي.

· ستصبح لرئيس الجمهورية صلاحيات واسعة منها تعيين الوزراء واعداد الميزانية واختيار كبار القضاة وسن قوانين معينة بمراسيم رئاسية.

· سيحرم البرلمان من حقه في استجواب الوزراء أو المطالبة بتحقيقات في أدائهم، ولكن سيحتفظ بحقه في بدء إجراءات تنحية الرئيس أو التحقيق معه بموجب تصويت اغلبية النواب. وستتطلب إحالة الرئيس إلى القضاء موافقة ثلثي النواب.

· زيادة عدد نواب البرلمان من 550 إلى 600.

· تجرى الانتخابات الرئاسية والنيابية في نفس التاريخ كل 5 سنوات، وتحدد ولاية الرئيس بفترتين.

تحاجج الحكومة التركية، والرئيس اردوغان على وجه الخصوص، بأن هذه الاصلاحات ستسهل عملية صنع القرار وتجنب البلاد شرور الائتلافات البرلمانية التي قيدت تقدمها في الماضي.

ويقول مؤيدو المشروع إنه بما أن الرئيس لن ينتخب من قبل البرلمان بل مباشرة من قبل الشعب، لن يتعين عليه أن يتنافس مع زعيم منتخب آخر، وهو رئيس الوزراء، من اجل سن القوانين كما هو معمول به في النظام الحالي.

ويقول هؤلاء إن النظام المعمول به حاليا يعرقل تقدم تركيا، ويذهبون الى ابعد من ذلك إذ يدعون أن التغيير المنشود قد ينهي بطريقة ما الهجمات التي تعرضت لها البلاد والتي أودت بحياة نحو 500 شخص في الأشهر الـ 18 الأخيرة.

ولكن المنتقدين يردون على هذه الحجج بالقول إن النظام الرئاسي نظام جيد اذا طبق في بلد تعمل فيه ادوات فعالة للرقابة والتحقق كالولايات المتحدة، حيث برهن القضاء المستقل على استعداده للوقوف بوجه دونالد ترامب واثبتت الصحافة الحرة قدرتها على محاسبته حول سياساته المثيرة للجدل.

ولكن في تركيا، التي شهدت تدهورا في استقلالية القضاء والتي تقبع الآن في المرتبة 151 من 180 بلدا في سلم حرية الصحافة حسب منظمة مراسلون بلا حدود، يقول المنتقدون إن تمرير الدستور الجديد سيقضي على الديمقراطية.

يلوم معارضو اردوغان توجهاته التسلطية، ويقولون إنه يرأس بلدا يسجن الصحفيين اكثر من أي بلد آخر، وبلدا اعتقل او فصل فيه أكثر من 140 الف شخص منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة التي جرت في يوليو الماضي. ويقول حزب الشعب الجمهوري المعارض إن منح أردوغان سلطات مطلقة سيكون من شأنه "ترسيخ الديكتاتورية".

يقول أحمد قاسم خان أستاذ العلوم السياسية في جامعة قادر خاص إن "الأمر لم يحسم بعد، ولكنه لا يبدو بالسوء كما تحاول المعارضة تصويره، كما ليس بالجودة التي تحاول الحكومة تصويرها. إن نقطة الضعف الحقيقية تكمن في السرعة التي تحاول الحكومة تمرير المشروع بها، فلم تفصح الحكومة صراحة بأنه ينبغي تعديل الفين من القوانين، ولذا فالأمر لايبشر بالخير خصوصا مع سجل هذه الحكومة بالذات".

اضطر حزب العدالة والتنمية الحاكم الى الاعتماد على اصوات نواب حزب الحركة القومية اليميني المتطرف من أجل تمرير قانون اجراء الاستفتاء حول الدستور. كان زعيم هذا الحزب، دولت بهشلي، منذ زمن بعيد من معارضي النظام الرئاسي إذ قال مرة "لم تسمح الأمة التركية قط بظهور هتلر جديد، ولن تسمح لاردوغان بتحقيق ما يصبو اليه." ووصف بهشلي مشروع النظام الرئاسي بأنه "سلطنة دون عرش".

ولكن الضغوط التي تعرض لها والوعود التي يقال إنها قطعت له بتعيينه نائبا للرئيس جعلته يغير رأيه على ما يبدو، والسؤال الآن يتعلق بمدى تمكنه من اقناع حزبه بالسير في نفس الطريق، فقد استقال نائب أمين عام الحزب وعدد من مسؤوليه المحليين احتجاجا على موقف بهشلي المؤيد لمشروع الدستور الجديد.

يقول كريم خان "يبدو أن الأمور لا تسير كما يشتهي بهشلي، ولكن الرافضين قد لا يكونوا قادرين على تحدي ثقافة الحزب بمناقضة الزعيم".

أما المعارضة للمشروع فيقودها حزب الحزب الشعب الجمهوري (يسار الوسط) وحزب الشعب الديمقراطي الموالي للأكراد، الذي تصوره الحكومة بأنه مرتبط بالارهاب. ويقبع عدد من نواب وزعماء الحزب الأخير في السجون الآن.

قد يشعر مؤيدو هذين الحزبين بضغوط تجبرهم على التصويت بالايجاب في الاستفتاء من أجل تجنب وصفهم "بمؤيدين للارهاب"، خصوصا وان الاستفتاء سيجرى في ظل حالة الطوارئ التي اعلنت عقب المحاولة الانقلابية.

يقول الأستاذ قاسم خان، "إن إجراء الاستفتاء في ظل قوانين الطوارئ يعرضه (أي الاستفتاء) للاتهام بأن الناخبين لن يكونوا احرارا للتصويت بلا، ويلقي بظلال قاتمة على نتيجته."

وبالرغم من تناقض نتائج استطلاعات الآراء، والطبيعة المسيسة للمؤسسات التركية التي تجري هذه الاستطلاعات، تشير كل المؤشرات الى ان الفارق بين المؤيدين والمعارضين سيكون ضئيلا جدا.

وبما أن العديد من الأتراك غير ملمين بتفاصيل الاصلاحات الدستورية التي سيصوتون عليها، يصبح موضوع الاستفتاء متمحورا حول اردوغان شخصيا، وهو رئيس يجله عدد كبير من الأتراك ويبغضه آخرون.

وعلى أي حال، فإن منح أردوغان السلطات التي سعى اليها منذ زمن طويل سيقرر المستقبل السياسي لهذا البلد المضطرب والمهم في آن.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان