صحف عربية تحذر من "عشرية سوداء" جديدة في الجزائر
لندن (بي بي سي)
علّقت صحف عربية بنسختيها الورقية والإلكترونية على تطورات الأوضاع في الجزائر بعد تراجع الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة عن الترشح لولاية خامسة واتخاذه حزمة من القرارات للإصلاح السياسي في البلاد.
وانتقد كُتّاب ما اعتبروه دعوة "استفزازية" من الفيلسوف الفرنسي المثير للجدل برنارد هنري ليفي، الذي حثَّ الشعبَ الجزائري على مزيد من الاحتجاجات لإسقاط الرئيس بوتفليقة والنظام الحاكم.
وحذر آخرون من أن تنجر البلاد إلى "عُشرية سوداء" أخرى، وهو المصطلح الذي يشير إلى سنوات التسعينيات من القرن الماضي التي شهدت فيها الجزائر أعمال عنف واسعة النطاق راح ضحيتها حوالي مائتي ألف شخص.
"إذكاء نار الفتنة"
تقول صحيفة "النهار" الجزائرية إن ليفي دخل على "خط الحراك في الجزائر، محرِّضًا لإسقاط النظام وبعث الفوضى في البلاد"، معتبرة دعوته "محاولة لإذكاء نار الفتنة".
ويقول عبد الباري عطوان، رئيس تحرير صحيفة "رأي اليوم" الإلكترونية اللندنية إن دعوة ليفي "الذي يُعرِّفه البعض بأنه 'عرَّاب' ثورات الربيع العربي... يشكل تدخلا غير بريء في الشأن الداخلي الجزائري وفي توقيت 'محسوب' يسيء لهذه الثورة، ويحاول تشويهها وبذر بذور الفتنة لزعزعة الاستقرار الداخلي، وبما يؤدي إلى فوضى دموية في نهاية المطاف تحقق طموحاتهم".
ويشير الكاتب إلى أن "الشعب الجزائري يتمتّع بحساسيّة خاصة رافضة لكل أنواع التدخل الخارجي في شؤونه، وخاصة إذا جاءت من فرنسا، المستعمر القديم أو الولايات المتحدة المُستعمر الجديد، وكل من يستقوي بالخارج يعتبر في نظره 'عميلاً' و 'مدسوسًا'، ولا يريد الخير لبلاده، مهما تستّر خلف شعارات الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان على أهميتها".
وتحت عنوان "البحث عن غوايدو جزائري"، قال محمد كعوش في جريدة "الرأي" الأردنية إنه على غرار النموذج الفينزويلي حيث تريد أمريكا تغيير النظام الاشتراكي "أعلنت واشنطن أنها تريد مسارًا جديدًا في الجزائر".
ويقول: "لذلك نخشى على الجزائر من التلاعب الأمريكي المدعوم من التبعية الأوروبية".
ويرى أن تراجع بوتفليقة عن الترشح لولاية خامسة "لن يوقف الحراك في الجزائر، لأن هناك من يسعى لاختطاف الحراك الشعبي وتحويله إلى 'ربيع عربي' جديد لقلب نظام الحكم بكامله".
ويضيف: "هذا الفريق قد ينتج 'غوايدو جزائري' بدعم أجنبي تحت عناوين كثيرة، خصوصًا بعد الإطلالة الجديدة لبرنارد هنري ليفي وتصريحاته الاستفزازية حول الجزائر".
"العودة إلى العشرية السوداء"
ويحذر صالح القلاب في "الشرق الأوسط" اللندنية من "مخاوف حقيقية من العودة إلى 'العشرية السوداء'" في الجزائر.
وأثنى الكاتب على القرارات التي أعلنها الرئيس بوتفليقة بإقالة الحكومة، وتكليف وزير الداخلية بتشكيل حكومة كفاءات، وتحديد فترة انتقالية لمدة عام، وتشكيل ندوة يرأسها الدبلوماسي المخضرم الأخضر الإبراهيمي لإعداد دستور جديد تُجرى على أساسه انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة.
ويرى أنه كان من المتوقع بعد هذه القرارات "أن تتحول المظاهرات الشبابية إلى مظاهرات احتفالية وتأييدية، وألا يكون هناك تحريض منظم على الاستمرار في التظاهر والتجمعات، ولا تشكيك في هذه الخطوة التي من المنتظر أن تنقل هذا البلد العظيم من شرعية الثورة إلى شرعية دولة المؤسسات والأحزاب السياسية الاجتماعية البرامجية غير العقائدية".
لكنه يحذر من أن "جبهة الإنقاذ الإسلامي" ومعها قوى أخرى "مقنعة بقناع إسلامي زائف ستواصل التصعيد لتسديد حسابات قديمة مع عبدالعزيز بوتفليقة، وغير مستبعد أن تلجأ إلى استخدام السلاح لتغرق البلاد فيما كانت قد أغرقتها فيه عام 1992".
من ناحية أخرى، يرى علي الصراف في "العرب" اللندنية أن ما يحاول أن يقوم به بوتفليقة بهذه القرارات "هو أن يجعل كتلة الفساد تكسب المزيد من الوقت لكي تحافظ على نظامها، أو أن تجد منفذًا للهرب بما كسبت".
ويقول: "بعبارة أخرى، فإنه يريد أن يمنح نظام المنتفعين الفرصة لكي يصبح أنظف شكلاً"، مؤكدًا أن "سوف تظهر طبقة الحكم ذاتها بمظهر آخر، يشبه قيام 'الإسلاميين' برمي السيف وارتداء ربطة عنق".
فيديو قد يعجبك: