كيف دفع اليأس شابّة بريطانية إلى ابتلاع فرشاة أسنان؟
لندن- بي بي سي:
"كانت تعاني من حالة يأس شديد، فابتلعت فرشاة أسنان".
تتحدث جين هينيس عن ابنتها آيلا التي كانت تعالج، على مدى سبع سنوات، في مصحة تضم مرضى يعانون من صعوبات التعلم.
ويقول نشطاء إن البرنامج الحكومي في بريطانيا الذي يهدف إلى انتشال الأشخاص من هذه المصحات بعد فضيحة اعتداءات بحقهم "كان فاشلا".
وقالت الحكومة في 2015 إنها ملتزمة بخفض أعداد المرضى في المصحات في إنجلترا بواقع 35 في المئة على الأقل، على الرغم من أنها نقلت 20 في المئة فقط حتى الآن إلى أماكن أخرى.
"تلف المخ"
دخلت ابنة جين إلى وحدة التقييم والعلاج وهي في سن 19 عاما بعد معاناة من فقدان الشهية ومشاكل أخرى مرتبطة بصحتها العقلية.
وتعالج هذه المصحات الصغار الضعفاء الذين يشكلون خطرا على أنفسهم.
ومن المفترض أن يدخل المرضى لمدة تصل من 9 إلى 18 شهرا، غير أن متوسط مدة الإقامة في تلك المصحات قد يمتد إلى أكثر من خمس سنوات.
وقضت آيلا السنوات السبع الماضية كمريضة مقيمة في المصحة، وهي تعيش حاليا في نورثامبتوشاير، التي تبعد أكثر من 200 ميل عن منزلها الكائن في كارمارثين.
وتقول جين لبي بي سي إن ذلك قادها إلى سلوك يائس، من بينه ابتلاع فرشاة أسنان، ظلت في جسدها لمدة عشرة أشهر.
وأضافت: "أصيبت برقعة صلعاء في رأسها تسببت في عدم نمو الشعر فيها على الإطلاق. وقال أحد الأطباء إن ذلك ربما سبب لها المزيد من أضرار في الدماغ".
وتقول جودي هينس، جدة آيلا :"نحن عاجزون ونجلس نشاهد معاناتها".
وتضيف جين إنها لا تنتقد المكان الذي تعالج فيه آيلا، بقدر انتقادها للنظام.
وتقول وحدة التقييم والعلاج التي تقيم فيها آيلا إنها غير قادرة على التعليق على حالات فردية. بيد أنها قالت إنها "تتعاون مع جميع الأفراد لتصميم برامج رعاية لهم، والحفاظ على سلامتهم ومساعدتهم في إحراز تقدم والعودة إلى المجتمع".
"لابد من غلقه"
خضعت وحدة التقييم والعلاج لتحقيق في عام 2011 بعد أن كشفت بي بي سي عن حدوث انتهاكات بشعة طالت بعض المرضي.
وتعهدت الحكومة بإنهاء فترة علاج القادرين على العيش في المجتمع بتقديم دعم مناسب من خلال برنامج يعرف باسم "رعاية التحول" بتكلفة 10 مليون جنيه استرليني.
وقال دان سكورر، المسؤول عن السياسات بمؤسسة مينكاب الخيرية: "يقضي الناس سنوات كثيرة هناك، لا ينبغي قضاء مثل هذه الفترات. كما تحدث أفعال مروعة للناس هناك ولا ينبغي أن تحدث".
وأضاف: "بنفس الطريقة التي أغلقت بها مصحات علاجية، يجب إغلاق هذه الأماكن ودعم الناس في المجتمع".
وتشير أرقام هيئة التأمين الصحي البريطانية إلى زيادة أعداد من يلجأون للأدوية وإجراءات فصل وحتى ضبط النفس حال التعامل مع المرضى. وتشير التقارير إلى أنه من بين 2500 حادثة سجلت في ديسمبر العام الماضي وحده، كانت 800 حالة لأطفال دون سن 18 عاما.
وتعيش ابنة لينا وكريس، البالغة من العمر 27 عاما، في مصحة داخلية في إيست ميدلاندز. وأجريت لها عملية جراحية وهي في سن 14 عاما بعد أن كانت تعاني من اضطرابات في الأكل وإحباط.
وتقول أمها: "كنت استيقظ من نومي في منتصف الليل، وأبكي، لأني حزينة. في أحد المستشفيات (غير التي تعالج فيه حاليا) حُبست في غرفة لمدة تسعة أسابيع، وكان شيئا فظيعا لها، لم يكن هناك أي شيء باستثناء تلفزيون فوق حامل مرتفع معلق على الحائط".
وأضاف كريس: "هل يمكنك تصور أي موقف آخر غير حبس إنسان يُفترض أنه مذنب؟ على ما يفعله بالنسبة لآخرين؟ تفقد هذا الحق الأساسي في الحرية".
وقال مجلس مدينة برمنغهام، المسؤول عن رعاية ابنتهما، إنه لا يستطيع التعليق على حالات فردية، مضيفا: "توجد دائما معايير حماية معمول بها عندما تكون حرية الشخص محدودة بسبب مرض أو إعاقة".
ويقول خبراء إن متوسط تكلفة إقامة شخص في وحدة تقييم وعلاجه تتجاوز ثلاثة آلاف جنيه استرليني في الأسبوع.
وتقول بارابرا كيلي، وزيرة الظل لشؤون الرعاية المنتمية لحزب العمال، إن الحكومة تسمح للشركات الخاصة بتكوين الملايين، لأن تكاليف وحدات التقييم والعلاج تسجل خمسة أضعاف تكلفة الإقامة العادية.
وأضافت: "إنها مثل مستشفيات المجانين في العصر الفيكتوري. إنها الرعب الخفي. وقعت 40 حالة وفاة في هذه المصحات عام 2015، تسع حالات لأشخاص دون سن 35 عاما".
وقالت ينبغي للحكومة أن تتعهد من جديد بغلق مثل هذه المصحات.
وقال متحدث باسم وزارة الصحة: "نحن مصممون على تقليل عدد الأشخاص الذين يعانون من التوحد والذين يعانون من صعوبات التعلم في مستشفيات الصحة العقلية، وقد أدى الاستثمار الكبير في الدعم المجتمعي بالفعل إلى تسجيل تراجع في النسبة بواقع 20 في المئة".
وأضاف: "مؤسسة التأمين الصحي ملتزمة بخفض أعداد المرضى المقيمين بواقع 35 في المئة بحلول عام 2020".
ويقول بعض الآباء إن الدعم الصحيح يجعل برامج رعاية التحول التابعة للحكومة فعالة.
وقضت فوزية حسين، التي تعاني من متلازمة توريت والتوحد، 22 شهرا في مصحة رعاية.
وتقول أسرتها إن الأطباء وصفوا لها جرعات عالية من الدواء، بما في ذلك العقاقير المضادة للذهان وقضت معظم الفترة في حالة عزل عن باقي المرضى.
وتقول عمتها شاهانا :"كان مكانا بائسا. أنا طبيبة نفسية للأطفال، ولم أستطع الاستفادة من الدعم الصحيح".
وأضافت :"أنا على علم بالكثير من الأسر التي لم تكن محظوظة. أعيش في حالة خوف من أن تنتهي فوزية في مكان كهذا".
فيديو قد يعجبك: