كنوز امبراطور اليابان النفيسة التي يورثها لابنه
لندن (بي بي سي)
يجلس في الفاتح من مايو امبراطور اليابان الجديد ناروهيتو على العرش خلفا لوالده المتنحي أكيهيتو.
ويتم التنحي والجلوس في مراسم رمزية تعرف باسم شينتو، ويتسلم فيها الامبراطور الجديد ثلاثة أشياء أسياسية هي مرآة وسيف وجوهرة ويطلق عليها اسم كنوز الامبراطورية.
ولا يعرف أصل هذه المقتنيات أو مكان وجودها، ولكن الكثير من القصص والأساطير تروى عن هذا الأمر في التاريخ والثقافة اليابانية.
ما هي أهمية كنوز الامبراطورية؟
ديانة اليابان غير الرسمية شينتو تولي أهمية بالغة للطقوس لاستمرار الارتباط بالماضي وبالأرواح التي تتدخل في حياة الإنسان. وتعد كنوز الامبراطورية جزءا من هذه الطقوس. ويعتقد أنها جاءت من الآلهة إلى أجيال من الأباطرة، الذين يعدون من سلالة الآلهة. وهي رمز لسلطة الامبراطورية.
ولأن الكنوز مقدسة فإنها تحفظ في مكان خفي عن أنظار العالم.
ويقول البروفيسور هيديا كاوانيشي، من جامعة ناغويا لبي بي سي: "لا نعرف متى صنعت هذه المقتنيات لم نرها أبدا، حتى الإمبراطور نفسه لم يرها".
ولا تجلب الكنوز الأصلية في المراسم بل تقليد عنها وحتى الكنوز المقلدة لن يراها أحد. أما الكنوز الأصلية فتبقى مخفية في مزارات دينية في مناطق شتى من البلاد.
ياتا نو كاغامي أو المرآة المقدسة
يعتقد أن المرآة التي عمرها أكثر من 1000 عام موجودة في مزار بمقاطعة مي. وحسب شينسوك تاكي ناكا من معهد البحوث في الأخلاقيات فإن هذه المرآة أثمن قطع الكنز الثلاث. وهي القطعة الوحيدة التي لم تعرض في مراسم الجلوس على العرش الامبراطوري عام 1989.
وترتبط المرآة في التراث الياباني بقدرات إلهية وبأنها تكشف الحقيقة. وفي مراسم الجلوس ترمز المرآة ذات 8 أوجه إلى حكمة الامبراطور.
وتروي أقدم الأساطير اليابنية المكتوبة والمعروفة باسم كوجيكي أن ياتا نو كاغامي صنعتها الإلهة إيشيكوريدوم. بعدما تشاجرت إلهة الشمس أماتيراسو مع أخيها سوسانو إله البحار والعواصف، لجأت إلى كهف وأخذت معها نور العالم.
وأقام سوسانو حفلا بهدف إغرائها للخروج من الكهف فأذهلها انعكاس وجهها في المرآة. وأنهى الأخوان الخلافات بينهما بعدها وعاد النور إلى الكون.
وانتقلت المرآة والكنوز الأخرى إلى حفيد أماتيراسو، واسمه نينيجي.
وتقول الأساطير إن الإلهة قالت لنينيجي: "داوم على خدمة هذه المرآة باعتبارها روحي مثلما لو أنك تخدمني، بنقاء العقل ونقاء الجسم".
ويعتقد أن نينيجي هو من أحفاد جيمو الذي تروي الأساطير أنه كان أول إمبارطور لليابان في عام 660 قبل الميلاد.
كوساناجي نو تسوروجي أو السيف المقدس
لا يعرف بالتحديد مكان وجود كوساناجي نو تسوروجي،أو السيف الذي يقطع العشب، ولكن قد يكون في مزار أتسوتا في مدينة ناغويا.
وتقول الأساطير إنه نبت في ذيل ثعبان ذي ثمانية رؤوس، كان يلتهم بنات عائلة ثرية.
وقد طلب الوالد المساعدة من سوسانو، ووعده بتزويجه بإحدى بناته الناجيات من الثعبان إذا هو خلصهم منه. وقد أغرى سوسانو الثعبان بأن يسكر ثم قطع ذيله، ووجد السيف داخله.
ولكنه لم يحتفظ به طويلا. إذ استعمله أيضا للمصالحة مع أخته أماتيراسو.
يرمز السيف إلى شجاعة الامبراطور. ولأن القليل يعرف عنه وعن مكان وجوده، فالبعض يتساءلون إذا كان لا يزال موجودا.
وهو محفوظ في مكان سري. ويروى أن أحد القساوسة ادعى أنه رآه في الفترة ما بين القرن 17 و19 القرن وهو ما أدى إلى تجريده من صفة قس..
وهناك شائعات بأنه ضاع في البحر أثناء معركة في القرن 12 ولكن تاكينادا يقول ربما يكون السيف الذي ضاع مقلدا، وأن نسخة منه تستعمل حاليا في مراسم الجلوس.
وعندما وصل الامبراطور أكيهيتو إلى العرش عام 1989 أعطي سيفا يعتقد أنه كوساناجي نو تسوروغي ولكن العلبة التي وضع فيها بقيت مغلقة.
ياراسكاني نو كاغاتاما، الجوهرة المقدسة
ماغاتاما هي خرزة مجوفة بدات تصنع في اليابان منذ 1000 عام قبل الميلاد، وكانت تستعمل في التزيين، ثم اصبحت ذات قيمة رمزية.
وتروي الأساطير أن ياساكاني ماغاتاما كانت جزءا من عقد صنعه تامانويا نو ميكوتو. وقد ارتدتها إلهة المرح أمو نو أوكزمي التي أدت دورا كبيرا في جهود إغراء أماتيراسو بالخروج من الكهف.
فقد أدت رقصة مغرية وهي ترتدي الخرزات للفت انتباه إلهة الشمس.
وهي موجودة في القصر الامبراطوري في طوكيو.
هل يؤمن اليابانيون بالكنوز؟
يرجع اليابانيون أصولهم إلى أماتيراسو ولكنهم لم يعودوا يدعون أنهم آلهة. فقد تخلى الامبراطور هيروهيتو عن قدسيته بعد هزيمة اليابان في الرحب العالمية الثانية.
ويقول البروفيسور كاوانيشي إن الكثيرين في اليابان لا يزالون يؤمنون بالقدرات الآليهة لهذه المقتنيات. ولكن الكثيرين أيضا يعتبرونها مقتنيات للزينة.
وهي مهمة لأنها ترمز إلى الامبراطورية وما تحمله من أسرار، وإلى النظام الذي استمر قرونا من الزمن.
وهناك رأي منتشر بين الأكاديميين بأن هذه المقتنيات ترمز إلى الاتصال بين سكان اليابان الأصليين والمجموعات التي استوطنت البلاد بعدهم. وعلى هذا الأساس فإن الامبراطور عليه ان يوحد بين المجموعات العرقية دون تفريق.
فيديو قد يعجبك: