لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"أخاف أن أنجب حتى لا يختلط عليّ الأمر"

08:50 م السبت 01 يونيو 2019

الأطفال يعتبرون إشي أباهم الحقيقي

لندن (بي بي سي)

يويتشي إشي شاب ياباني نحيل الجسم، ينظر إليك بعينين ودودتين، ووجه متعب.

والسبب مفهوم، فهو بعمر الثامنة والثلاثين، ولديه أطفال أكثر من أي شخص في سنه.

لكنه يقضي مع هذه العائلة أربع ساعات فقط في اليوم، مرتين أسبوعيا، حسب احتياج العملاء.

فمنذ عشر سنوات، أسس إشي شركة "فاميلي رومانس" لتأجير العائلة والأصدقاء.

وزادت شعبية الشركة وصاحبها منذ تأسيسها. واليوم، أصبح إشي "أبا" لـ 35 طفلا.

ويحكي هنا تجربته كفرد في 25 أسرة، ولكنه لا ينتمي لأي منها.

"مزيف لكن صادق"

يقول إشي إن فكرة تأسيس شركته ظهرت منذ 14 عاما، عندما تقدمت صديقة بطلب التحاق ابنها بروضة أطفال خاصة، لكن الأمر تطلب مقابلة الوالدين.

وكانت أما عزباء، فساعدها إشي بدور الأب.

"ولم يسر الأمر على ما يرام، إذ فشلت مع الصبي في أن نبدو كأسرة. لكنني فكرت في أن هناك شيئا مثيرا في فكرة الحاجة لأسرة."

وتابع: "فاميلي رومانس تلبي حاجة معينة للناس. أنا مزيف، لكنني مستعد على مدار ساعات قليلة أن أكون صديقا أو قريبا".

أصدقاء وعائلة للإيجار

تتباين احتياجات زبائن إشي بشكل كبير.

بعضهم يحتاج إلى رفقاء لمقابلة والديهم، لأنهم لا يقدرون على تقديم رفقائهم الحقيقيين.

وفي مثل هذه المناسبات، تعمل الشركة على توفير أشخاص متوافقين في الطول، والشعر، والعمر.

ويقول إشي: "يمكن لمن يجدون صعوبة في التعرف على أصدقاء أن يستأجروا واحدا. نحن نتصرف كالأصدقاء الحقيقيين، ونذهب للتسوق، أو المشي، أو حتى للدردشة."

ويستأجر البعض رفيق لحضور حفلات.

وفي حالات أخرى، يستأجر كبار السن من يقومون بدور الأبناء أو الأحفاد، لتعويض من فقدوهم، أو لم ينجبوهم.

دور الأب هو الأكثر شيوعا

وقال إشي إن الإقبال الأكبر يكون على دور الأب. فثمة مئتي ألف حالة طلاق في اليابان سنويا، والكثير من الأسر يعولها أحد الوالدين وحده.

ويرى إشي أن هذه الأسر في موضع احتياج، وأن خدماته تساعدهم في استكمال الواجهة الاجتماعية.

"والأمر يختلف من أسرة لأخرى. بعض العملاء يطلبون أبا حنونا، آخرون يطلبون أبا صارما، أو أبا أنيقا. يمكننا تنسيق هذه الأمور."

وفي حال كان الأطفال صغار السن، دائما ما يحتاج إلى اختلاق قصة تبرر غياب الأب في الماضي.

لكن الجزء الأصعب هو رحيل الأب ووداعه للطفل الذي لعب دور أبيه.

ويقول إشي: "ليس من السهل إقناع الأطفال. من المؤلم رؤية طفل يبكي. هذا هو الجزء الأصعب."

لابد أن أذكّر نفسي بأبنائي الحقيقيين

ينتمي العاملين في فاميلي رومانس إلى خمسة أسر على الأكثر. لكن إشي ينتمي إلى 25 كونه أسس الشركة وحده في الماضي.

ويؤدي دور الأب لـ 35 طفلا، كما أنه جزء من 69 علاقة مختلفة ما بين قرابة أو صداقة.

ويقول إشي: "يجب أن أتأكد من معلومات الأسرة قبل الوصول إلى المنزل. ولديّ دفتر فيه أسماء وتفاصيل أفراد الأسرة التي أحتاج إليها".

والأمر يشمل الواجبات الأبوية الأخرى، مثل التوصيل إلى المدرسة في الصباح، والاجتماعات من وقت لآخر، والمسابقات الرياضية في فترة بعد الظهيرة، ومقابلات العشاء في فترة المساء.

"فلدي الكثير من العمل، بدون أي عطلات. وقررت أن يكون وقتي الشخصي ما بين منتصف الليل والثالثة صباحا، مهما كنت متعبا. أشاهد الأفلام، وأرسم اللوحات. هذه هي عطلاتي. وأنام ثلاث ساعات فقط في اليوم."

العمل والمشاعر

إشي غير متزوج، وليس لديه أبناء، ولا يريد ذلك من الأساس.

ويرى أنه إذا أسس أسرته الخاصة، لن يتمكن من تجاهل المخاوف بشأن مشاعر الأسر الـ 25 الأخرى التي ينتمي إليها.

"كيف سيكون شعورهم إذا تزوجت في الحقيقة."

وأضاف: "لو أصبح لدي أبناء في الحقيقة، أخشى أن يتحولوا بالنسبة لي إلى أحد الأسر المزيفة ويختلط عليّ الأمر."

ويعتقد أن الشخصيات التي يقوم بها تتطلب نوعا من التواصل والعاطفة مع من يؤدي دور صديقهم أو قريبهم. فالشركة قائمة على التفاهم المتبادل بين الممثل والعميل في حدود الصداقة.

وتقدم الشركة 30 نوعا من الخدمات، كل منها له قواعده الخاصة. فمثلا لا يمكن تبادل القبل أو ممارسة الجنس، ويقتصر الأمر على مسك الأيدي.

ويدفع العميل 20 ألف ين (180 دولار) مقابل أربع ساعات، بالإضافة إلى مصاريف التنقل والخدمات. "وهي خدمة ليست رخيصة بالنسبة لأم عزباء" على حد وصف إشي.

الحقيقة المرة

شعار شركة فاميلي رومانس هو "السعادة فوق الحقيقة"، لكن يصعب إخفاء الحقيقة على المدى البعيد.

فمثلا، إحدى بنات إشي تبلغ من العمر عشرين عاما الآن، وما زالت تظن أنه والدها الحقيقي.

ويرى إشي إن الأسر عليها إخبار الأبناء بالحقيقة في مرحلة ما "لكن للأسف، الأمر ليس بيدي".

كما يرى أن الخدمات التي تقدمها شركته "مطلوبة" في مجتمع لا يتقبل الفردية.

"فالثقافة اليابانية ودودة وبها ترحاب، وتحترم الناس وتقدرهم. لكن الجانب القاسي يتعلق بالعقوبات المعنوية وما قد يظنه الآخرون بنا."

وتابع: "يصعب علينا أن نكون كما نريد أو أن نعبر عن أنفسنا بطريقتنا. وسيكون من الأفضل لو كنا في غير حاجة لهذه الخدمات في مجتمعاتنا. لكن الأمر ليس كذلك."

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان