هل يُمكن تبرير الحرب النووية أخلاقيا؟
لندن - (بي بي سي)
في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، اقترح روبرت فيشر، أستاذ القانون بجامعة هارفارد، طريقة جديدة، لكنها مروعة، للطريقة التي يمكن أن تُقرر بها الدول شن هجوم نووي.
إذ كتب فيشر في جريدة "علماء الذرة"، أنه بدلا من الاحتفاظ بالشفرة السرية لتفعيل ترسانة الأسلحة النووية في حقيبة يحملها رؤساء الجمهورية، يُفضل أن توضع وسائل إطلاق القنبلة الذرية في كبسولة تزرع بالقرب من قلب أحد المتبرعين، على أن يرافق هذا المتبرع الرئيس أينما ذهب، ويحمل معه سيفا ثقيلا.
وإذا وافق الرئيس، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، على شن هجوم نووي، فعليه أولا أن يقتل ذلك المتطوع وينتزع قلبه حتى يستخرج الشفرات.
وعندما عرض فيشر هذا المقترح على أصدقائه من وزارة الدفاع الأمريكية، أصيبوا بذهول، ورأوا أن هذا التصرف قد يؤثر على تفكير الرئيس وتقديره للأمور. لكن فيشر كان يريد من وراء هذا المقترح أن "يرى الرئيس القتل بعينه ويدرك حقيقة موت الأبرياء، قبل أن يقدم على قتل الآلاف. وأن تراق الدماء أولا على بساط البيت الأبيض".
لا أحد ينكر بالطبع أن ذبح شخص بسكين هو تصرف مستقبح أخلاقيا، لكن في الفضاء الجيوسياسي، برر زعماء سابقون هجمات نووية بأنها ضرورة سياسية أو عسكرية. فبعد إلقاء القنبلتين النوويتين على هيروشيما وناغازاكي، التي تحل ذكراها الخامسة والسبعين الشهر الحالي، وجد البعض أن التبعات الإيجابية للقصف تسوغ هذا القرار.
فقد أعلن القصف نهاية الحرب العالمية الثانية، وكان سببا في حقن دماء الكثيرين في خضم هذا الصراع طويل الأمد، وحال دون الانزلاق إلى حرب نووية أخرى طيلة القرن العشرين.
لكن هذه المبررات لا يمكن أن تخفي حقيقة واضحة وهي أن جسمين معدنيين من أكثر الأجسام تدميرا في تاريخ البشرية ألقيتا على مدينتين مدنيتين في السادس والتاسع من أغسطس/آب عام 1945، وقُتل 200 ألف شخص على الأقل من أثر الإشعاع والعواصف النارية واللهب، وأصيب عشرات الآلاف بجروح، كما خلفت القنبلتان إرثا ثقيلا يستعصي على الحصر من الإشعاعات والسرطان والصدمة النفسية توارثته أجيال بعد أجيال.
وقد نتذكر قصص أمهات وأطفال وكهنة وأطباء وأشخاص عاديين تبدلت حياتهم في لمح البصر، أو نستعيد ذكرى الأطلال التي خلفتها القنبلة وخلدتها قصيدة "لن تتكرر مأساة هيروشيما" عندما وصفت تلك الأحداث بكلمات مثل: "الملابس المحروقة والساعات المعطلة والقمصان الممزقة والأزرار المثنية".
لكن شيئا لا يمكنه تجسيد حجم المعاناة البشرية جراء القصف الذري. فهل هناك ما يبرر شن هجوم نووي على مدنيين؟ ومن أي منطلق يمكن تبرير هذا القرار أخلاقيا؟
وفي السنوات الأخيرة، سبر باحثون وفلاسفة أغوار هذه الأسئلة الأخلاقية التي أثارها تطوير الأسلحة النووية، وقد تدل استنتاجاتهم على أنه لا يوجد سوى القليل من الإجابات السهلة على هذه الأسئلة.
المنفعة العامة
في أعقاب إلقاء القنبلتين، أعلنت حكومة الولايات المتحدة، بقيادة رئيسها هاري ترومان، أن القرار كان شرا لا بد منه لتحقيق منفعة أكبر. وكتب هنري ستيمسن، وزير الحرب الأمريكي في عام 1947، أن الولايات المتحدة، "كان هدفها الرئيسي والسياسي والاجتماعي والعسكري في صيف 1945، هو أن تستسلم اليابان استسلاما كاملا وفوريا".
وأكد ستيمسون أن البديل كان الغزو البري، الذي قد يسفر عن مقتل أكثر من مليون جندي أمريكي، وقد يوقع عددا أكبر من القتلى في صفوف اليابانيين. ولهذا خلص استطلاع رأي لمؤسسة غالوب في عام 1945 إلى أن 85 في المئة من الأمريكيين كانوا راضين عن القصف.
ربما يكون ترومان قد شعر بشيء من الندم، لكنه لم يبده على الملأ. إذ كتب وزير التجارة في مذكراته أن ترومان دعا إلى إيقاف القصف على المدن اليابانية بعد قصف ناغازاكي لأنه "لم تعجبه فكرة إراقة دماء كل هؤلاء الأطفال".
لا شك أن الحرب طويلة الأمد بين الحلفاء واليابان كانت ستسفر عن خسائر ضخمة في الأرواح، لكن ربما كانت هناك مسارات أخرى بديلة حجبها التركيز فقط على النتائج المتمثلة في وضع حد للمعارك والحيلولة دون نشوب حرب نووية لمدة 75 عاما.
فماذا كان سيحدث لو استعرض الأمريكيون قوتهم في البداية بإلقاء القنبلة على خليج طوكيو بدلا من إلقائها على مدينتين؟ أو أن الإمبراطور الياباني قد عقد النية بالفعل على إصدار أوامر لحكومته بالاستسلام؟ وهل كانت أرقام ضحايا الغزو البري الأمريكي دقيقة؟
يقول الفيلسوف الياباني ماساهيرو موريوكا، إن المبررات التي تذرع بها ستيمسن في اتخاذ القرار لها أبعاد نفعية، بأن القصف منع معاناة عدد أكبر من الناس.
وشبّه موريوكا مبرر قصف هيروشيما بمعضلة العربة، التي أثارها الفيلسوف فيليبا فوت، عندما سأل بعض الناس عما إذا كانوا يوافقون على تغيير مسار عربة للتضحية بحياة شخص وإنقاذ خمسة أشخاص.
وعندما عرض موريوكا هذا السؤال على طلابه، أجابوا بأنهم قد يحولون مسار العربة للتضحية بحياة شخص واحد. لكن موريوكا يقول إنهم أصيبوا بالذهول فيما بعد عندما أدركوا أنهم اتخذوا نفس القرار الذي اتخذه كل من ترومان وستيمسن.
ويحذر موريوكا من أن رؤية قصف هيروشيما وناغازاكي من منظور نفعي محض لتحقيق منفعة أكبر، قد يجلعنا نسقط من الحسبان وجهة نظر القتلى والجرحى. ويقول موريوكا: "أرى أننا ينبغي أن نتخيل الأمور من منطور القتلى لو ظلوا أحياء بيننا".
وذكر موريوكا أن المبررات وراء القصف، رغم أنها تبدو منطقية، إلا أنها تفتقد للإنسانية. فقد استدرجتنا لغض الطرف عن وجهة نظر الضحايا، وهو ما يُعد خطأ أخلاقيا وروحانيا.
درجات الفصل
ربما كان هذا تحديدا ما يدور في خلد فيشر عندما عرض فكرته لإراقة الدماء على بساط البيت الأبيض.
وتناولت عالمة الأعصاب، ريبيكا سيكس، هذه المعضلة الأخلاقية التي تنطوي عليها فكرة فيشر في إحدى محاضرتها بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. وأشارت إلى أن الرئيس الأمريكي مادام مقتنعا بهذا المنطق النفعي بالتضحية بالبعض لتقليل حجم المعاناة أثناء الحرب، فإنه لن يتردد في انتزاع قلب شخص للحصول على الشفرة النووية. فهي مجرد روح إضافية تضاف إلى عشرات الآلاف من الأرواح التي لا يمانع في إزهاقها للمنفعة العامة.
ربما لا يجد بعض الرؤساء غضاضة في استخدام السكين، لكن قرب الحدث منهم ووقوعه أمام أعينهم قد يردعهم عن القتل. فإن قتل شخص للحصول على شفرة تتوافر فيه أركان الجريمة التي تستوجب العقاب. وتقول سيكس إن هذا القتل متعمد ولم يكن دفاعا عن النفس، واتخذ فيه إنسان وسيلة لتحقيق الغاية.
ويصف علماء النفس الاشمئزاز الذي يعترينا عندما نفكر في القتل بأنه "كراهية التصرف"، فعندما يُطلب من الناس أن يتخيلوا أنفسهم في موقع يتضمن دفع شخص أو طعنه أو إطلاق النار عليه، على سبيل المثال، سيكونون أقل ميلا لتأييد فكرة القتل لتحقيق منفعة أكبر.
وبينما قد يؤيد معظم الناس فكرة التضحية بشخص لإنقاذ خمسة، فإن الكثيرين يترددون أمام فكرة دفع شخص من فوق جسر لإيقاف عربة محملة بمواد قاتلة.
وفي عام 2012، أجرت مجموعة من علماء النفس تجربة طلبوا فيها من المشاركين ممارسة سلوكيات عنيفة، مثل ضرب ساق الباحث الاصطناعية بالمطرقة، أو تكسير دمية تشبه الطفل الرضيع على طاولة. ولاحظ الباحثون أن هذه التصرفات أثارت رد فعل نفسي قوي لدى المشاركين، رغم أنهم يدركون أنها لا تؤذي أحدا. وهذا يدل على أن البشر لديهم وازع أخلاقي يمنعهم من إيذاء الآخرين مباشرة.
لكن نتائج الدراسة تشير أيضا إلى أن هذه العوائق النفسية التي تردع المرء عن إيذاء الآخرين، تكون أقل تأثيرا في حالة انفصال الشخص عن الحدث، عن طريق الإيذاء غير المباشر.
وذكر الباحثون أن التوقيع على أمر تعذيب أو الضغط على ذر لإطلاق قنبلة، رغم ما له من تبعات معروفة وحقيقية على آخرين، فإنها كلها تصرفات تفتقر للسمات الواضحة التي تجعل الشخص يربط بينها وبين آلام الضحية ومعاناتها.
ولعل الانفصال الزمني والجغرافي عن معاناة سكان هيروشيما وناغازاكي عام 1945 يفسر أسباب هذا التأييد الكبير الذي لا يزال يحظى به قرار ترومان لدى الأمريكيين. وربما لا تزال المنفعة الأكبر، التي ذكرها ستيمسن، بإنقاذ هذا العدد الكبير من أرواح الأمركيين، تجد صدى في نفوس الأمريكيين.
وقد خلص استطلاع للرأي أجراه مركز بيو للأبحاث منذ خمس سنوات، إلى أن 56 في المئة من المشاركين الأمريكيين يقولون إن قرار قصف هيروشيما وناغازاكي كان مبررا.
وعلى النقيض، لم يوافق سوى 15 في المئة فقط من اليابانيين المشاركين في استطلاع مركز بيو على أن القرار كان مبررا. وأجرت هيئة الإذاعة اليابانية "إن إتش كيه" دراسة في عام 2016، ذكر فيها 40 في المئة من اليابانيين المشاركين أن قرار قصف المدينتين كان "حتميا"، في حين ذكر 49 في المئة منهم أنهم "لا يمكنهم الصفح حتى الآن"، رغم أن نسبة ضئيلة من الناجين من القنبلة النووية في اليابان "الهيباكوشا"، لا يزالون على قيد الحياة، ويتجاوز متوسط أعمارهم الآن 80 عاما.
وبخلاف اليابان، هناك دول أخرى أقل تأييدا للهجمات النووية مقارنة بالولايات المتحدة. إذ سأل استطلاع للرأي بعض الناس حول العالم إن كان استخدام "الأسلحة النووية خطأ أخلاقيا"، وكان عدد مؤيدي العبارة في الولايات المتحدة أقل من نظرائهم في المملكة المتحدة وفرنسا، رغم أنهما قوتان نوويتان.
وفي عام 2013، أجريت دراسة لاستكشاف آراء الأمريكيين عن استخدام الأسلحة النووية، وطلب فيها من المشاركين أن يضعوا أنفسهم في مكان قائد يوافق على قصف على قاعدة في الشرق الأوسط. وتساءل الباحثون عن مدى كراهية الأمريكيين لاستخدام السلاح النووي.
لكن معظم المشاركين في الدراسة اتخذوا قراراتهم بناء على مدى فعالية السلاح المستخدم وما إن كان سيؤدي إلى تصعيد الصراع، ولم يمانعوا استخدام السلاح النووي لكونه خطأ أو محظور أخلاقيا.
وقد كان علماء النفس وعلماء الأعصاب يدرسون عملية اتخاذ القرارات الأخلاقية قياسا بمعايير مثل حجم الضرر والإنصاف والاهتمام بالآخرين. لكن منذ عقد مضى، اتضح أن "الأسس الأخلاقية" التي يعتمد عليها الناس في اتخاذ قراراتهم عن الصواب والخطأ تختلف باختلاف الخلفية والثقافة والفكر السياسي.
فإن الليبراليين التقدميين، على سبيل المثال، أكثر ميلا لاتخاذ قراراتهم بناء على مبدأ الإنصاف والرعاية، لتفادي إيذاء الآخرين وتحقيق العدالة. وعلى النقيض، يضع المحافظون في المقدمة القيم الأخلاقية كالولاء واحترام السلطة والطهارة أو العفة، ويراعون العادات والاستقرار الاجتماعي والحفاظ على نمط حياة مجتمعاتهم عند اتخاذ القرارات الأخلاقية.
وهذا يدل على أن لكل شخص أولوياته الخاصة التي يقيس بناء عليها ما هو صائب وما هو خطأ من الناحية الأخلاقية. فإن الشخص المحافظ على سبيل المثال عندما يؤيد سياسات مثل عقوبة الإعدام أو التعذيب أو استخدام القوة العسكرية، لا ينحّي قيمه الأخلاقية جانبا، رغم أن الليبرالي قد يعارضه بشدة.
وقد يواجه الليبرالي الذي يؤيد حركة احتجاجية تقود للفوضى والصدامات العنيفة مع السلطة، معارضة شديدة من خصومه السياسيين، لكنه في النهاية لديه قيمه وقناعاته الأخلاقية التي توجهه لما يراه صائبا.
وفي العام الماضي، أجرى كل من بريان راثبون من جامعة جنوب كاليفورنيا وراشيل ستاين من جامعة جورج واشنطن دراسة عن تأثير المبادئ الأخلاقية على آراء الناس حول الأسلحة النووية. وطلبا من المشاركين أن يضعوا أنفسهم في مكان زعيم يدرس إمكانية شن هجوم نووي على قاعدة عسكرية.
ولاحظ الباحثان أن المشاركين الذين كانوا يولون الأولوية للولاء واحترام السلطة، كانوا أكثر ميلا للموافقة على استخدام الأسلحة النووية، وكانوا أيضا أكثر ميلا بالضرورة لتأييد قرارات الزعماء الذين يشنون هجوما نوويا. وكانت أعلى نسبة من مؤيدي استخدام الأسلحة النووية بين المشاركين الذين يؤمنون بمبدأ "العين بالعين".
ولم يتخل هؤلاء المشاركون عن مواقفهم في حالة ارتفاع عدد الضحايا من المدنيين. لكن تأييد استخدام الأسلحة النووية أخذ في الانخفاض عندما ذكر الباحثان أن عدد الضحايا تجاوز 10 آلاف شخص.
والخلاصة أن مسألة ما إن كان استخدام السلاح النووي صائبا أم خطأ أخلاقيا، تعتمد على الإطار الأخلاقي الذي يستمد منه كل شخص قيمه وقناعاته، ومن المستحيل العثور على إجابة مباشرة لها.
لكن السؤال الأهم هو كيف تؤثر الآراء الأخلاقية الجماعية لشعب ما على قرارات السياسيين في خضم الصراعات. يقول راثبون إن العبرة بأن يكون الرأي العام قويا بما يكفي للتأثير على قرار السياسيين بشن هجوم نووي.
وقد تدل نتائج استطلاعات الرأي السابقة على أن آراء الشعب قد تتغير حيال الأسلحة النووية من وقت لآخر. فبينما تراجع تأييد الشعب الأمريكي للأسلحة النووية عما كان عليه في منتصف القرن العشرين، فمن غير المستبعد أن تتبدل الأمور ويرتفع التأييد مرة أخرى. إذ أشارت دراسة حديثة إلى أن تأييد الشعب الأمريكية لقرار حظر التجارب النووية قد تراجع منذ 2012.
ويقول راثبون: "إننا درجنا على الاعتقاد أن العلاقات الدولية في فضاء التفاعل البشري مجردة من المبادئ الأخلاقية، لكنني أرى أن البشر، من المنظور التطوري، يضفون دائما على تصرفاتهم صبغة أخلاقية".
نهاية كل شيء
وثمة بُعد أخلاقي أخير للأسلحة النووية عبر عنه الفيلسوف توبي أورد من جامعة أكسفورد، في كتابه "الهاوية"، إذ يرى أن حجم القوة التفجيرية للقنبلة الهيدروجينية أصبح هائلا في القرن الحادي والعشرين إلى حد أنه يمثل تهديدا وجوديا للبشر. فقد تتسبب الأدخنة المتصاعدة من العواصف النارية التي تولدها القنابل الهيدروجينية في حجب أشعة الشمس لسنوات، فيما يسمى بالشتاء النووي.
ويقول أورد إن "الانفجار سيودي بحياة مئات الملايين وبعدها سيقضي المليارات نحبهم من الجوع وربما يقود لفناء الجنس البشري".
ويرى أورد أن انقراض الجنس البشري كارثي بكل المقاييس، وينبغي أن يكون الهم الأكبر للعالم الأن الحيلولة دون مواجهة هذا المصير، لأنه سيحرم مليارات ومليارات من الأطفال الذين لم يروا النور من الحق في الحياة والازدهار في القرون المقبلة.
ويقول أورد إننا نقف الآن على حافة مستقبل قد يكون شاسعا وعامرا بالإنجازات، لكن قدرة البشر على تدمير أنفسهم وجميع الأجيال القادمة تفوق حكمتهم وقدرتهم على التمييز. ويرى أورد أن الجانب الأخلاقي للحرب النووية سيبدو مختلفا لو نظرنا إليه بوصفه تهديدا وجوديا وليس في إطار الصراعات القومية.
وبعد الحرب العالمية الثانية، أقيم نصب تذكاري في موقع القنبلة في هيروشيما، ونقشت عليه عبارة: "لترقد جميع الأرواح في سلام، فنحن لن نكرر هذا الشر مرة أخرى".
ويقول موريوكا إن كلمة نحن يقصد بها جميع البشر على وجه الأرض وليس سكان هيروشيما وحدهم.
وفي نفس هذا المكان، وقف رئيس أمريكي سابق منذ أربع سنوات، وقال: "إن ومضات النبوغ التي تميزنا كبشر عن سائر المخلوقات، من أفكارنا وخيالنا ولغتنا وقدرتنا على صناعة الأدوات والتفرد، وتسخير الطبيعة لخدمتنا، هي نفسها التي تمنحنا القدرة على إحداث دمار منقطع النظير. فإن التطور التكنولوجي قد يهلك البشر ما لم يقترن بتقدم في المؤسسات الاجتماعية. وقد تحتاج الثورة العلمية التي أدت لانشطار الذرة إلى ثروة أخلاقية موازية".
ليس من المهم من هو قائل هذه الكلمات، بقدر ما يهم أنه كشأن 10 رؤساء أمريكيين غيره، على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم السياسية، منذ عام 1945، لم يواجه نفس القرارات التي أدت إلى هذا الدمار الذي وقع منذ 75 عاما. فقد كانت الفرصة متاحة أمام الجمهوريين والديمقراطيين على السواء، وكذلك رؤساء الدول الأخرى التي تمتلك أسلحة نووية، لقصف أعدائهم بالقنابل الذرية طيلة السنوات الماضية. ولحسن الحظ أن الشفرة النووية لم يستخدمها زعيم آخر بعد ترومان.وهذا يعد انتصارا، سواء كنت مؤيدا أو معارضا للأسلحة النووية.
فيديو قد يعجبك: