قائد انقلاب ميانمار يدافع عن الاستيلاء على السلطة وسط احتجاجات حاشدة
نايبيداو - (بي بي سي)
ألقى زعيم الانقلاب في ميانمار أول خطاب تلفزيوني له، محاولا تبرير الإجراء وسط احتجاجات حاشدة.
وقال مين أونغ هلاينغ إن انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني، التي فاز فيها حزب الزعيمة المنتخبة المحتجزة أونغ سان سو تشي، كانت غير عادلة.
وبدأ الجيش في فرض قيود في بعض المناطق، بما في ذلك حظر التجول وفرض قيود على التجمعات.
وخرجت احتجاجات حاشدة الاثنين لليوم الثالث على التوالي، إلى جانب إضراب على مستوى البلاد لمعارضة الانقلاب.
وقال أحد الأطباء المتظاهرين - الذي لم يرغب في الكشف عن اسمه - لبي بي سي: "اليوم، خرجنا نحن المحترفين، وخاصة المتخصصين في الخدمة المدنية، مثل الأطباء والمهندسين والمعلمين، لإظهار وحدتنا في هذا الأمر، وكذلك لإسقاط الديكتاتورية".
وأثارت كلمة الجنرال معارضة غاضبة، إذ ظهرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي تبين أشخاصا يطرقون الأواني والمقالي احتجاجا أمام شاشات التلفزيون.
وكان الجيش قد استولى على السلطة الأسبوع الماضي وأعلن حالة الطوارئ لمدة عام في ميانمار، المعروفة أيضا ببورما، مع تسليم السلطة إلى الجنرال مين أونغ هلاينغ.
ووُضعت سو تشي وكبار قادة حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، ومن بينهم الرئيس وين مينت، قيد الإقامة الجبرية.
كما اعتقل المستشار الاقتصادي الأسترالي لسو تشي، شون تورنيل، ونشرت عائلته الاثنين بيانا على فيسبوك يدعو إلى الإفراج عنه فورا.
ماذا قال الجنرال؟
ركز خطاب الجنرال مين أونغ هلاينغ بشكل أكبر على أسباب الانقلاب، وبدرجة أقل، على تهديد المحتجين.
وقال إن اللجنة الانتخابية أخفقت في التحقيق في مخالفات على قوائم الناخبين في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني ولم تسمح بحملة عادلة.
وقالت المفوضية إنه لا يوجد دليل يدعم ادعاءات التزييف على نطاق واسع.
ووعد الجنرال مين أونغ هلاينغ بإجراء انتخابات جديدة وتسليم السلطة للفائز. وستشرف لجنة انتخابات جديدة "بعد إصلاحها" عليها.
كما تحدث عن تحقيق "ديمقراطية حقيقية ومنضبطة"، وهي عبارة أثارت ازدراء بعض المعارضين للانقلاب على مواقع التواصل الاجتماعي.
كما طلب من المواطنين "مواكبة الحقائق الصادقة وعدم اتباع المشاعر الخاصة".
ولم يوجه الجنرال تهديدات مباشرة إلى المتظاهرين، واكتفى بالقول إنه لا أحد فوق القانون. وكان الجيش قد نفذ حملات قمع وحشية من قبل، بما في ذلك ما حدث في عامي 1988 و 2007.
لكن بعض المناطق شهدت عمليات تشديد، مع فرض حظر تجول في أجزاء من مدينة ماندالاي الثانية ومناطق أخرى من الساعة 20:00 حتى 04:00 وقصر التجمعات على مجموعات صغيرة من خمسة أفراد أو أقل.
وفي وقت سابق ، حذر بث تلفزيوني حكومي من أنه "يجب اتخاذ إجراءات وفقا للقانون ... لمواجهة الجرائم التي تزعج وتمنع وتدمر استقرار الدولة والسلامة العامة وسيادة القانون".
وقال فيل روبرتسون، نائب مدير قسم آسيا في منظمة هيومن رايتس ووتش: "من السخف، بالنسبة إلى حكومة انقلاب عسكري داس على الديمقراطية وسيادة القانون، أن يزعموا أن لديهم أي حق في" اتخاذ إجراءات قانونية " ضد المتظاهرين السلميين. ."
إعلان الأحكام العرفية
كانت السلطات قد أعلنت الأحكام العرفية في أجزاء من مدينة ماندالاي، ثاني أكبر مدن ميانمار الاثنين، بعد أن احتشد مئات الآلاف في جميع أنحاء البلاد احتجاجا على الانقلاب.
وقالت في بيان إن الأوامر تشمل سبع بلدات في ماندالاي، وتمنع السكان من الاحتجاج أو التجمع في مجموعات يزيد عدد أفرادها على خمسة، وسيسري حظر التجول من الساعة 8 مساء حتى 4 صباحا.
كما صدر إعلان مماثل في بلدة في الجنوب، ومن المتوقع أن تتوالى إعلانات متعلقة بمواقع أخرى الليلة.
وقال البيان الذي صدر في ماندالاي إن "الأمر سيظل ساريا حتى إشعار آخر".
وأضاف: "بعض الناس ... يتصرفون بطريقة مقلقة يمكن أن تضر بسلامة الجمهور وتنفيذ القانون. ومثل هذه السلوكيات يمكن أن تؤثر في الاستقرار، وسلامة الناس ... ولهذا السبب يحظر التجمع والتحدث علنا والاحتجاج باستخدام المركبات والمسيرات ".
وأصدر جنرالات ميانمار تحذيرا شديد اللهجة الاثنين من خروج المزيد الأفراد من الاحتجاجات، بعد أن تسارعت وتيرة المظاهرات المناهضة للانقلاب في البلاد.
وكان مئات الآلاف قد نزلوا إلى الشوارع للمطالبة بالإفراج عن الزعيمة المخلوعة سو تشي.
وفي مواجهة موجة التحدي الجريئة على نحو متزايد، حذرت محطة تلفزيون إم آر تي في الحكومية من أن معارضة المجلس العسكري غير قانونية وأشار إلى شن حملة قمع محتملة.
وقال بيان تلاه مذيع في القناة "يجب اتخاذ إجراءات وفقا للقانون بخطوات فعالة ضد المخالفات التي تعكر صفو الدولة والأمن العام وسيادة القانون وتمنعها وتدمرها".
وامتنع المجلس العسكري حتى الآن عن استخدام القوة المميتة في مواجهة المظاهرات التي تجتاح معظم أنحاء البلاد، ولكن شرطة مكافحة الشغب استخدمت مع تزايد الضغط خراطيم المياه في محاولة لتفريق الآلاف المتجمعين في العاصمة.
واحتجز الجيش الأسبوع الماضي سو تشي وعشرات من الأعضاء الآخرين في حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية الذي تنتمي إليه، مما أنهى عقدًا من الحكم المدني وأثار إدانة دولية.
وتغلب عشرات الآلاف من الأشخاص على حظر الإنترنت على مستوى البلاد للتجمع في عطلة نهاية الأسبوع في أول موجة كبيرة من معارضة الانقلاب
وبدأت الاثنين احتجاجات في جميع أنحاء البلاد مصحوبة بإضراب عن العمل على مستوى البلاد.
وتدفقت في يانغون، العاصمة التجارية للبلاد، الحشود على الطرق الرئيسية بالمدينة، مما أدى إلى شل حركة المرور وتقزيم مسيرة اليوم السابق.
وردد المتظاهرون هتافات "تسقط الدكتاتورية العسكرية"، و "أطلقوا سراح داو أونغ سان سو تشي"، مشيرين برفع ثلاثة أصابع كرمز إلى حركتهم، أطلقت أبواق السيارات.
واكتسبت الدعوات إلى الإضراب على مستوى البلاد زخما خلال عطلة نهاية الأسبوع، حين انسحب عمال النسيج وموظفو الخدمة المدنية وموظفو السكك الحديدية من العمل في المركز التجاري.
ومن بين المتظاهرين معلمون، ومحامون، وموظفو بنوك، وموظفون حكوميون. وسار حوالي ألف معلم من بلدة في يانغون باتجاه معبد سولي باغودا في قلب المدينة الرئيسية في ميانمار.
وصرح أحد المتظاهرين، وهو عامل في مصنع للملابس يبلغ من العمر 28 عاما، ويدعى هنين ثازين، لوكالة فرانس برس "هذا يوم عمل، لكننا لن نعمل حتى إذا خفضت رواتبنا".
وانضم عامل البناء شيت مين، البالغ 18 عاما، إلى مسيرة يانغون، قائلاً إن ولاءه لسو تشي يفوق المخاوف بشأن وضعه المالي.
ونقلت عنه وكالة فرانس برس قوله: "أنا عاطل عن العمل منذ أسبوع بسبب الانقلاب العسكري، وأنا قلق على بقائي".
وسارت بالمثل حشود كبيرة في ماندالاي، ثاني أكبر مدينة في البلاد، وقد أمسك كثير من المتظاهرين بصور سو تشي وأخذوا يلوحون بالأعلام الحمراء.
استخدام خراطيم المياه
استخدمت الشرطة في مدينة ناي بي تاو، عاصمة ميانمار، خراطيم المياه في مواجهة العمال الذين بدأوا إضرابا على مستوى البلاد احتجاجا على الانقلاب العسكري.
ويظهر أحد مقاطع الفيديو على الإنترنت المتظاهرين وهم يفركون أعينهم ويساعدون بعضهم البعض بعد غمرهم بالماء.
وقال كياو زيار أو، الذي صور مقطع الفيديو، لبي بي سي إن مركبتين من خراطيم المياه رشتا المتظاهرين "بدون تحذير مسبق" بينما "كان الحشد يتظاهر بشكل سلمي أمام الشرطة".
وأضاف أنه بحلول ظهر الاثنين، كان الوضع "هادئا تماما"، إذ استمرت الحشود في التجمع، لكن عربات خراطيم المياه كانت لا تزال موجودة.
ولم ترد تقارير حتى الآن عن وقوع أعمال عنف.
ويشارك الآلاف في اليوم الثالث من احتجاجات خرجت في الشوارع مطالبين بالإفراج عن الزعيمة المنتخبة أونغ سان سو تشي وإعادة الديمقراطية.
ويأتي ذلك بعد يوم من أكبر احتجاج تشهده ميانمار منذ أكثر من عقد.
وقال التلفزيون الاثنين إن شعب البلاد يرفض قبول المخالفين الخارجين على القانون، الذين ينبغي منعهم أو إبعادهم.
وجاء ذلك في بيان تزامن مع خروج الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد على الانقلاب الذي وقع الأسبوع الماضي.
وظهرت الرسالة من محطة إم آر تي في على شريط على الشاشة خلال بث البرامج العادية، دون أن تُنسب إلى أي جهة.
وقالت الرسالة إنه يجب اتخاذ إجراءات قانونية لمجابهة الأعمال التي تضر باستقرار الدولة والسلامة العامة وسيادة القانون.
وأفادت تقارير بأن المتظاهرين بدأوا في التفرق في وقت مبكر من المساء.
فيديو قد يعجبك: