سجن غويران: عشرات القتلى في أحد أجرأ هجمات تنظيم الدولة الإسلامية منذ هزيمته في سوريا
دمشق- (بي بي سي):
يدور قتال عنيف في شمال شرقي سوريا بعد أن حاول مقاتلو تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية اقتحام سجن كبير تحرسه قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها الأكراد، وإخراج أعضاء وقيادات سابقة بالتنظيم منه.
وتقاتل قوات سوريا الديمقراطية مدعومة بضربات جوية أمريكية مسلحي التنظيم في مدينة الحسكة، منذ يوم الخميس، إذ تشير تقارير إلى مقتل أكثر من 120 شخصا بينهم سبعة مدنيين.
ويعد هذا الهجوم على سجن غويران أحد أكثر الهجمات جرأة التي يقوم بها التنظيم منذ هزيمته في سوريا قبل ما يقرب من ثلاث سنوات، ونفذه أكثر من 100 من عناصره، وبدأ كالعادة بتفجيرات انتحارية استهدفت السجن.
ويقول المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره في بريطانيا، إن السجن المكتظ يضم 3500 من أعضاء التنظيم المشتبه بهم بما في ذلك بعض القادة.
محاصرة السجن
وأكد المرصد إعادة اعتقال المئات من العناصر الفارة، لكن هناك فارين تجري ملاحقتهم في مناطق محيطة بالسجن الذي تحاصره حاليا قوات سوريا الديمقراطية وتقاتل من أجل السيطرة على الأحياء المجاورة، بعد أن فر منها السكان.
وقال المرصد السوري أيضا إن "77 على الأقل من عناصر داعش (تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية) قتلوا في المعارك، بينما قُتل 39 مقاتلا كرديا من قوى الأمن الداخلي وحراس السجون وقوات مكافحة الإرهاب، سواء داخل السجن وخارجه منذ بدء الهجوم".
وأضاف المرصد، الذي يعتمد على شبكة من المصادر داخل سوريا، أن "اشتباكات عنيفة اندلعت ليلة الأحد ... في إطار محاولة متواصلة من قبل القوات الكردية لاستعادة السيطرة على السجن وتحييد مسلحي التنظيم المنتشرين في المناطق المحيطة".
من ناحية أخرى، أصدر التنظيم مقطع فيديو في 22 يناير، زعم فيه أن العديد من أعضائه قد أُطلق سراحهم في الهجوم على السجن. كما أظهرت اللقطات أن المسلحين يحتجزون عددا من الرهائن.
وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) أن التحالف بقيادة الولايات المتحدة نفذ ضربات جوية دعما للقوات الكردية التي تقاتل عناصر التنظيم.
وأشاد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، بما وصفها بـ "الجهود المقتدرة" لقوات سوريا الديمقراطية، كاشفا عن محاولة التنظيم إطلاق سراح المسلحين من السجن خلال العام الماضي.
وقال سكان في المنطقة لوكالة رويترز للأنباء، إن الدعم لـ "داعش" تزايد في المنطقة الفترة الماضية وسط استياء السكان العرب من الإدارة التي يقودها الأكراد، والتي يتهمونها بالتمييز.
وتنفي قوات سوريا الديمقراطية تلك الاتهامات.
"الدواعش يقتلون الناس"
وذكر مراسل وكالة فرانس برس أن قوات سوريا الديمقراطية انتشرت بكثافة في مناطق حول السجن حيث نفذت عمليات تمشيط واستخدمت مكبرات الصوت لدعوة المدنيين لمغادرة المنطقة.
وقال مواطن شاب كان يفر على الأقدام ويحمل رضيعا، إن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية "يدخلون المنازل ويقتلون الناس".
وأضاف الشاب للوكالة: "لقد خرجنا بمعجزة". "لا يزال الوضع سيئا للغاية. وبعد أربعة أيام ما زالت الاشتباكات العنيفة مستمرة ".
وقالت همشة سويدان، 80 عاما، التي كانت محاصرة في حيها القريب من السجن، إن المدنيين لا يجدون الخبز أو الماء مع احتدام المعركة.
وأضافت لفرانس برس، بينما كانت تعبر إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية في مدينة الحسكة، "نموت من الجوع والعطش.. الآن، لا نعرف إلى أين نذهب".
وكانت معظم الهجمات تتم بطريقة حرب العصابات ضد أهداف عسكرية ومنشآت نفطية في مناطق نائية، لكن تنفيذ الهجوم على سجن الحسكة يمكن أن يمثل مرحلة جديدة في عودة ظهور التنظيم.
"تذكير بأن الجماعة لا تزال تشكل تهديدا"
بقلم كونتين سومرفيل، مراسل بي بي سي في الشرق الأوسط
أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية - وزوجاتهم - توقعوا هذا السيناريو بالضبط منذ سنوات. هروب جماعي من سجن في سوريا.
في مقابلة مع الجهاديين البريطانيين، الشافعي الشيخ وأليكساندا كوتي أعضاء ما يسمى خلية البيتلز، تخيل الرجلان أن يُطلق سراحهما من السجن بواسطة شاحنة قمامة مليئة بالمتفجرات.
بدلاً من ذلك، في الهجوم الأخير في شمال شرق سوريا، ربما يكون تنظيم الدولة الإسلامية قد استخدم ناقلة نفط لاقتحام السجن. ليست هذه هي المرة الأولى التي يحاول فيها تنظيم الدولة الإسلامية اختراق المنطقة. كانت آخر مرة في مدينة "ديريك" في عام 2019. تم استخدام القوة الجوية الأمريكية لإنهائها، لكن ربما هذا الخيار ليس متاحا هذه المرة لأن داعش أخذت رهائن.
واحتُجز جهاديون بريطانيون وأوروبيون آخرون في هذا السجن.
وفي زيارات إلى معسكرات الاعتقال في جميع أنحاء المنطقة، قالت زوجات مقاتلي داعش إنهن توقعن لم شملهن مع أزواجهن، الذين قالوا إنهم سيتحررون من السجن.
ونشأ تنظيم الدولة الإسلامية من حملة "تحطيم الجدران" لاقتحام السجون في العراق في عام 2012. وتعد هذه الحملة بمثابة محك أساسي للتنظيم، ويُنظر إليها على أنها نقطة تحول في حظوظه.
من غير المحتمل أن يكون لعملية الهروب من سجن الحسكة نفس التأثير، فقد تضاءل تنظيم الدولة الإسلامية كثيرًا في المنطقة، لكن هذه المحاولة الأخيرة هي تذكير بأن التنظيم لا يزال يمثل تهديدًا ويمكنه شن هجمات طموحة.
--------------------------------------
دعاية جديدة للتنظيم
وفي إطار حملة الدعاية التي يشنها تنظيم الدولة الإسلامية، نشرت وكالة أعماق التابعة له، أنباء عن سيطرة التنظيم على أسلحة كانت مخزنة داخل السجن، وعن أنه أُطلق سراح المئات من السجناء منذ أن بدأت العملية قبل أربعة أيام.
وأظهر مقطع فيديو بثه التنظيم وزعم أنه من داخل السجن، مجموعة من مقاتليه يحملون العلم الأسود أثناء الهجوم على المنشأة ومحاصرة ما قيل إنها مجموعة من حراس السجن.
وأظهر مقطع فيديو آخر نُشر يوم السبت نحو 25 رجلا قال التنظيم إنه اختطفهم بعد الهجوم، بينهم من يرتدون زيا عسكريا.
ولم يتم التمكن من التحقق بشكل مستقل من صحة اللقطات.
وتعليقا على الفيديو قالت قوات سوريا الديمقراطية إن الأسرى من "طاقم المطبخ" من السجن.
وأضافت في بيان رسمي: "فقدت قواتنا الاتصال بهم خلال الهجوم الأول"، من دون الخوض في التفاصيل.
ولطالما حذرت السلطات الكردية من أنها لا تملك القدرة على احتجاز الآلاف من مقاتلي التنظيم، الذين تم أسرهم في سنوات الحرب ضد التنظيم، ناهيك عن محاكمتهم.
وفقا للسلطات الكردية، هناك أكثر من 12 ألفا من المشتبه بانتمائهم إلى التنظيم المسلح في سجون بمنطقة شمال وشرق سوريا، يمثلون أكثر من 50 جنسية.
ورفضت الكثير من الدول إعادة مواطنيها الذين انضموا إلى تنظيم الدولة الإسلامية وتركتهم في السجون هناك، خوفا من رد فعل شعبي عنيف في الداخل.
فيديو قد يعجبك: