عام على انقلاب ميانمار.. مقتل 1500 شخص واحتجاز أكثر من 8 آلاف تعسفيًا
نيويورك - (بي بي سي)
قال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان اليوم الثلاثاء إن هناك 1,500 شخص على الأقل جرى توثيق مقتلهم خلال عام من الاحتجاجات ضد الانقلاب في ميانمار، بالإضافة إلى آلاف آخرين من المحتمل أن يكونوا قد قتلوا في النزاع المسلح في البلاد.
كما جرى احتجاز ما لا يقل عن 11,787 شخصا بشكل غير قانوني خلال تلك الفترة، من بينهم 8,792 شخصا لا يزالون رهن الاحتجاز، وفقا للمتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، رافينا شامداساني.
وأضافت شامداساني في كلمة لها في جنيف حول أعداد الأشخاص المحتجزين قسريا: "هذا بسبب تعبيرهم عن اعتراضهم على الحكم العسكري، سواء عن طريق الاحتجاج السلمي أو حتى من خلال أنشطة على الإنترنت".
وتابعت: "لقد وثقنا مقتل 1500 شخص، لكن هذا فقط في سياق الاحتجاجات"، مضيفة أن من بينهم 200 "قتلوا بسبب التعذيب في المعتقلات العسكرية".
وأضافت أيضا: "هؤلاء الـ 1500 لا يشملون القتلى بسبب الصراع المسلح... نحن نفهم أنهم بالآلاف".
وتحل اليوم الثلاثاء الذكرى الأولى للانقلاب العسكري في ميانمار، بالتزامن مع فرض عقوبات أجنبية جديدة على البلاد، في وقت تعهد فيه متظاهرون بتنظيم احتجاجات ضد الجيش والقمع الدموي الذي يمارسه.
وعم "إضراب صامت" المدن والشوارع الرئيسية في البلاد استجابة لدعوات للاحتجاج ضد سلطة الجيش والقمع "الدموي"، وهو ما أدى إلى توقف كثير من الأعمال والشركات وغياب المارة من الشوارع بشكل ملحوظ.
وقال ناشط يدعى نان لين لوكالة الأنباء الفرنسية: "ربما تعتقلنا السلطات ونقضي حياتنا في السجن إذا حالفنا الحظ.، وربما نتعرض للتعذيب والقتل إذا لم يحالفنا الحظ".
وكان استيلاء الجيش على السلطة في ميانمار، الواقعة في جنوب شرقي آسيا، قد أذكى احتجاجات حاشدة وقمعا للمعارضة فضلا عن مقتل ما يربو على 1500 مدني، بحسب منظمة مراقبة محلية.
ويبذل المجلس العسكري جهودا حثيثة لاحتواء رد الفعل العنيف الذي أثاره الانقلاب على السلطة، في ظل بقاء الاشتباكات اليومية ومناطق في البلاد خارج سيطرته.
وسعت السلطات العسكرية إلى تفادي إضراب يوم الثلاثاء، واعتقلت ما يزيد على 70 شخصا خلال الأيام الثلاثة الماضية بسبب الترويج لهذا الإجراء على وسائل التواصل الاجتماعي، حسبما ذكرت صحيفة "ميانمار ألين" الحكومية.
وأفادت وسائل إعلام محلية أن مين أونغ هلينغ، رئيس المجلس العسكري، مدد يوم الإثنين حالة الطوارئ، التي فُرضت وقت الانقلاب، لمدة ستة أشهر لتسهيل الانتخابات المنتظرة في ظل ما وصفه بتهديدات من "مخربين داخليين وخارجيين" و"هجمات إرهابية وتدمير".
وأكد هلينغ في تصريحات نُشرت يوم الثلاثاء، مجددا ادعاء الجيش بأنه اضطر إلى تولي السلطة بعد تزوير انتخابات عام 2020، التي فاز بها حزب رئيسة الحكومة، أونغ سان سو تشي، والتي وصفها مراقبون دوليون بأنها كانت انتخابات حرة ونزيهة إلى حد كبير.
وقال لصحيفة "غلوبال نيو لايت أوف ميانمار"، التي تديرها الدولة، إن انتخابات "حرة ونزيهة" سوف تجرى بحلول أغسطس/آب عام 2023 في حالة استعادة الاستقرار في البلاد.
وكانت السلطات قد اعتقلت سو تشي وزعماء آخرين من حزب الرابطة الوطنية للديمقراطية في مداهمات جرت صباح يوم الأول من فبراير/شباط العام الماضي، بينما كانوا يستعدون لشغل مقاعدهم في البرلمان، بعد فوزهم في انتخابات أواخر عام 2020، اتهمهم الجيش بتزويرها.
وأثارت الإطاحة بحكومة سو تشي احتجاجات حاشدة في الشوارع، وقتلت قوات الأمن المئات في حملات قمع لاحقة، وردًا على ذلك، شكل المتظاهرون "قوات دفاع شعبية"، بعضها مرتبط بمتمردين من الأقليات العرقية، لمواجهة الجيش المجهز تجهيزا جيدا.
احداث العنف في ميانمار تزداد عنفًا وشيوعًا
عدد قتلى المظاهرات والاشتباكات، من 1 فبراير 2021 إلى 21 يناير 2022. حجم الدائرة يمثل عدد القتلى
وكان إضراب مماثل في ديسمبر / كانون الأول الماضي قد أدى إلى خلو شوارع المدن والبلدات في شتى أرجاء البلاد من المواطنين.
وأظهرت صور نشرتها وسائل إعلام محلية، صباح يوم الثلاثاء، تجمع نحو 12 متظاهرا شابا على ضوء كشاف مضيء في يانغون، ويرفعون لافتة مؤيدة للديمقراطية.
كما نُظمت مسيرات مؤيدة للجيش، بما في ذلك في بلدة تاسي بوسط البلاد، حسبما أظهرت صور نشرتها بوابة "بيبول ميديا" الإخبارية الموالية للجيش.
وأظهرت صور أخرى بثتها قناة "تيليغرام" الموالية للجيش، في العاصمة نايبيتاو، مشاركة الآلاف في مسيرة، وكان بعضهم يرقص ويحمل صورا للحاكم العسكري، مين أونغ هلينغ، مع لافتات تتمنى له الصحة الجيدة.
وكان المجلس العسكري قد هدد، قبل حلول الذكرى السنوية لتوليه السلطة، بالاستيلاء على الشركات التي تغلق أبوابها، كما حذر من توجيه اتهامات بالخيانة أو الإرهاب لأي تجمعات صاخبة أو مشاركة "دعاية" مناهضة للجيش.
عقوبات أجنبية
حث وزراء خارجية دول، من بينها أستراليا وبريطانيا وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي، في بيان مشترك، المجتمع الدولي على وقف تدفق الأسلحة إلى جيش ميانمار.
وكشفت الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا عن فرض عقوبات منسقة تستهدف مسؤولي ميانمار يوم الاثنين، بما في ذلك عقوبات على مسؤولين شاركوا في محاكمة سو تشي.
وفرضت واشنطن عقوبات على المدعي العام، تيدا أو، ورئيس المحكمة العليا، تون تون أو، ورئيس لجنة مكافحة الفساد، تين أو، وقالت إنهم متورطون بشكل وثيق في محاكمة "ذات دوافع سياسية" ضد سو تشي.
وقال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين: "ننسق هذه الإجراءات مع بريطانيا وكندا ... لزيادة تعزيز المساءلة عن الانقلاب والعنف الذي ارتكبه النظام".
وقال الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في بيان مستشهدا بما وصفه بأنه "عنف لا يوصف ضد المدنيين"، وتقويض الاستقرار الإقليمي والفساد "المستشري"، إنه يعمل مع الحلفاء "لمحاسبة المسؤولين".
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد حث المجلس العسكري الحاكم، في تصريحات قبل ذكرى الانقلاب، على السماح بدخول أكبر قدر للمساعدات الإنسانية.
وكان المجلس العسكري قد اتهم الأمم المتحدة بالتحيز والتدخل ورفض الانصياع للضغط الدولي، على الرغم من انسحاب الشركات من ميانمار والعقوبات، كان آخرها يوم الاثنين، عندما أدرجت الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا المزيد من الأفراد المرتبطين بالمجلس العسكري الحاكم على القائمة السوداء.
كما تعثرت الجهود الدبلوماسية، بقيادة رابطة دول جنوب شرق آسيا، مع إخفاق المجلس العسكري في احترام التزامه بإنهاء الأعمال العدائية ودعم الحوار بموجب خطة من خمس نقاط، مما أدى إلى إحباط بعض أعضاء الكتلة بشكل متزايد.
محاكمة أخرى لسو تشي
قال مصدر مطلع إن سو تشي، الحائزة جائزة نوبل، ستواجه محاكمة أخرى بتهمة التأثير على لجنة الانتخابات في البلاد خلال انتخابات 2020.
ومن المتوقع الانتهاء من القضية في غضون ستة أشهر، كما سيواجه الرئيس السابق المؤيد لحزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، وين مينت، نفس التهمة.
وحثت أونغ ميو مين، المتحدثة باسم حقوق الإنسان، المجتمع الدولي على تنفيذ حظر أسلحة وتشديد العقوبات الاقتصادية لقطع التجارة عن النظام الحاكم.
كما دعت نولين هايزر، المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة، إلى "توقف إنساني" عن أعمال العنف بغية السماح بإرسال مساعدات، محذرة من أن مئات الآلاف شردوا بسبب الصراع.
وتُحاكم سو تشي، البالغة من العمر 76 عاما ، في أكثر من 12 قضية تصل عقوبتها القصوى مجتمعة إلى ما يزيد على 150 عاما في السجن، وهي اتهامات يقول نقاد إنها تهدف إلى ضمان عدم قدرتها على العودة إلى السياسة مطلقا.
وحُكم على سو تشي بالفعل بالسجن ست سنوات بتهمة استيراد وامتلاك أجهزة اتصال لاسلكية بشكل غير قانوني، والتحريض ضد الجيش وخرق قواعد الحد من انتشار كوفيد-19.
واحتفظ الجيش بالسلطة لعقود بعد انقلاب عام 1962، لكنه بدأ في الانسحاب من السياسة في عام 2010، وأطلق سراح تشي بعد سنوات من الإقامة الجبرية، وشكل حزبها حكومة بعد انتخابات عام 2015 على الرغم من أن الجيش يمارس السلطة وراء الكواليس.
بيد أن الجيش الجيش قضى على تجربة الإصلاح قبل عام، محطما الآمال، لاسيما بالنسبة للشباب.
وأصبحت الحياة طاحنة بالنسبة للكثيرين منذ ذلك الحين مع تراجع الاقتصاد وانقطاع التيار الكهربائي باستمرار وفرض قيود على الإنترنت، فضلا عن الخوف المستمر لدى البعض من التعرض للاعتقال.
قتلت قوات الأمن في قمعها المعارضين نحو 1500 شخص واعتقلت 11838 منذ الانقلاب، بحسب جمعية مساعدة السجناء السياسيين، بيد أن المجلس العسكري يشكك في عدد القتلى.
حقائق عن ميانمار
ميانمار، المعروفة أيضًا باسم بورما، نالت استقلالها عن بريطانيا في عام 1948. وطوال معظم تاريخها الحديث، كانت تحت الحكم العسكري.
بدأ تخفيف القيود العسكرية منذ عام 2010، مما أدى إلى انتخابات حرة في عام 2015 وتنصيب حكومة برئاسة زعيمة المعارضة المخضرمة أونغ سان سو تشي في العام التالي.
في عام 2017، رد جيش ميانمار على الهجمات التي شنها مسلحو الروهينجا على الشرطة بحملة قمع مميتة، مما دفع أكثر من نصف مليون من مسلمي الروهينجا إلى الفرار عبر الحدود إلى بنغلاديش فيما وصفته الأمم المتحدة لاحقًا بأنه "مثال بشع على التطهير العرقي".
فيديو قد يعجبك: