ما الذي يمكن أن يخبرنا به التصويت المبكر عن الانتخابات الأمريكية؟
بي بي سي
يصادف الثلاثاء المقبل 5 نوفمبر يوم الانتخابات الرسمية في الولايات المتحدة، لكن ملايين الأمريكيين قد أدلوا بأصواتهم بالفعل. ومع انتهاء أحداث وفعاليات التصويت المبكر في جميع أنحاء البلاد، أدلى أكثر من 62.7 مليون ناخب، وهو رقم تاريخي، بأصواتهم بحلول يوم الخميس 31 أكتوبر الماضي.
وسارع الحزبين الجمهوري والديمقراطي إلى الاستشهاد ببيانات التصويت المبكر كدليل على أن جانبهم يكتسب نوعًا من التقدم ويحسم نتيجة الانتخابات. ولكن ماذا يعني كل هذا؟
هناك شيء واحد يمكننا قوله على وجه اليقين وهو أن عادات التصويت الأمريكية تغيرت. فإجمالي عدد الأصوات التي شاركت في التصويت المبكر هذا العام أقل بكثير من 101.5 مليون صوت التي سُجلت في عام 2020، عندما أبعد فيروس كوفيد العديد من الناخبين عن مراكز الاقتراع المزدحمة، لكنه رفع من إجمالي الأصوات التي شاركت في الانتخابات المبكرة عام 2016 - التي كانت 47.2 مليون صوت أو عام 2012 - التي كانت 46.2 مليون صوت.
وعلى الرغم من أن كل ولاية تتعامل مع التصويت المبكر بشكل مختلف، إلا أنه يمكننا أيضًا معرفة القليل عن المشاركين. إذ تصدر بعض الولايات إحصائيات أولية للأصوات المشاركة عن طريق بطاقات الاقتراع بالبريد أو تلك التي تصوت بشكل شخصي أو كليهما. وتشارك العديد من الولايات معلومات عن تسجيل الناخبين الحزبي وأحيانًا معلومات ديموغرافية أكثر تفصيلًا، مثل الجنس والعرق والعمر
ومع ذلك، فإن بقية الصورة تبقى أكثر غموضًا، ومن الأفضل التعامل مع أي نظرة ثاقبة لموسم الانتخابات هذا بحذر.
وتستخلص العديد من الاستنتاجات حول التصويت المبكر بناء على البيانات الديموغرافية وحدها. إذ لا يمكن معرفة لأي من المرشحين ذهبت هذه الأصوات حتى اليوم الفعلي للانتخابات.
ولكن إليكم ما لاحظناه، من التقارير الحكومية التي جمعها مختبر الانتخابات بجامعة فلوريدا.
أغلب الجمهوريون أدلوا بأصواتهم في التصويت المبكر
يبدو أن الجمهوريين فقدوا حذرهم من التصويت المبكر. ففي عام 2020، شكلوا 30.5 % من إجمالي الأصوات المبكرة المدلى بها في الولايات الـ20 التي تتبع تسجيل الحزب، مقابل 44.8 % للديمقراطيين. وكان ذلك يرجع جزئيًا إلى تحذير الرئيس السابق دونالد ترامب من أن التصويت بالبريد "مليء بالفساد".
ويغني الرئيس السابق نغمة مختلفة هذا العام، وحتى الآن يفعل الجمهوريون نفس الشيء. إنهم يمثلون 36.1 % من الأصوات المبكرة المدلى بها في جميع أنحاء البلاد، بينما يمثل الديمقراطيون 38.9 %. والربع المتبقي من الأصوات جاء من الناخبين غير المنتمين إلى أي حزب أو الذين سجلوا لدى حزب ثالث.
وهذا مهم لأنه يعني أن تأثير "السراب الأحمر" – اللون المميز للجمهوريين - قد يكون أقل وضوحًا في خارطة النتائج الانتخابية. فقد حقق الجمهوريون تقدمًا مبكرًا قبل 4 سنوات في أماكن مثل بنسلفانيا لأن أصوات يوم الانتخابات أُحصيت قبل أن يفرز العاملون في مراكز الاقتراع الأصوات المبكرة، والتي كانت تميل لصالح الديمقراطيين.
مشاركة نسائية كبيرة
وفي الوقت نفسه، قد يشجع الديمقراطيون هذا العام الفجوة بين الجنسين - على الأقل فيما يتعلق بالمشاركة في التصويت المبكر.
ففي الولايات الـ6 التي تقدم بيانات عن النوع الاجتماعي، بما في ذلك الولايات التي تشهد معارك انتخابية واضحة مثل جورجيا وميشيجان وكارولينا الشمالية، أدلت 54.2 % من النساء بأصواتها في التصويت المبكرة حتى الآن. وهذا أعلى ببضع نقاط مئوية من عام 2020، بحسب المعلومات الموجودة في استطلاعات الرأي بعد الانتخابات، والتي أجرتها شركة "إديسون" للبحوث.
وإذا كانت الاستطلاعات الأخيرة صحيحة وأن النساء يدعمن الديمقراطيين الآن بهامش يُعد كبيرًا تاريخيًا، فقد يعني هذا دفعة للمرشحة الديمقراطية، نائبة الرئيس كامالا هاريس.
صورة مختلطة في الولايات الرئيسية
أما في الولايات الفردية، أدلى أكثر من 50 % من الناخبين المؤهلين بأصواتهم حتى الآن في جورجيا - وهي علامة على أن حماس الناخبين مرتفع. والإقبال المبكر هناك كان أكثره من البيض وكبار السن من الناخبين الذين شاركوا في التصويت المبكر عام 2020، وهذا من شأنه أن يساعد المرشح الجمهوري دونالد ترامب.
كما يتلقى الرئيس السابق أخبارًا جيدة في نيفادا، حيث أدلى عدد أكبر من الجمهوريين المسجلين بأصواتهم مقارنة بالديمقراطيين المسجلين. وهذا يشكل انفصالًا كبيرًا عن الانتخابات السابقة، عندما بنى الديمقراطيون ميزة كبيرة في التصويت المبكر، وخاصة في منطقة لاس فيجاس الحضرية، ما ساعدهم على الانتصار على الرغم من زيادة المحافظين الريفيين الذين صوتوا في يوم الانتخابات.
ومع ذلك، مثل معظم بيانات التصويت المبكر، تأتي جداول نيفادا مصحوبة بعلامة النجمة. إذ أصبح حاليًا عدد متزايد من الناخبين الشباب مستقلين غير منتمين إلى أي حزب على الرغم من ميلهم إلى اليسار. وإذا انتهى بهم الأمر بالإدلاء بأصواتهم لصالح مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس، فقد يضع ذلك الولاية في صف هاريس يوم الانتخابات.
وهناك أمثلة مماثلة، ففي ولاية بنسلفانيا، على سبيل المثال، صوت عدد أكبر من الديمقراطيين المسجلين مقارنة بالجمهوريين - لكنهم يفعلون ذلك بهامش أصغر مما كان عليه في عام 2020، عندما فاز الرئيس جو بايدن بالولاية.
ولا يأخذ أي من ذلك في الاعتبار الناخبين المستقلين، أو الجمهوريين المعتدلين المحبطين في الضواحي الذين قد يصوتون لصالح هاريس أو الديمقراطيين التقليديين من ذوي الياقات الزرقاء الذين أصبحوا الآن من مشجعي ترامب.
ولا ننسى أن 158 مليون أمريكي قد أدلوا بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية عام 2020، أي 65.9 % من السكان المؤهلين للتصويت. وحتى لو لم تصل الأصوات إلى هذا الرقم هذه المرة، لا يزال هناك الكثير من الأصوات المحتملة التي يُنتظر الإدلاء بها.
وربما يكون لدى محبي السياسة رغبة عارمة لقراءة كاملة لنتائج التصويت المبكر قبل أيام قليلة من الانتخابات، ولكن في الوقت الحالي، فإن هذه النتائج ليست أكثر من مجرد أرقام.
فيديو قد يعجبك: