إعلان

حيثيات قضية التمويل الأجنبي: '' المنظمات استعمار ناعم'' يهدف لتفكيك الدولة

02:12 م الأربعاء 05 يونيو 2013

كتب - أحمد أبو النجا ومحمد القاسم:

أودعت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار مكرم عواد بعضوية المستشارين صبحي اللبان و هاني عبد الحليم رئيسي المحكمة، و أمانة سر محمد علاء و محمد طه، حيثيات حكمها في قضية التمويل الأجنبي، الصادر بمعاقبة 27 متهما غيابيا بالسجن 5 سنوات و بمعاقبة 5 آخرين حضوريا بالحبس سنتين و 11 بالحبس سنة مع إيقاف التنفيذ و تغريم كل متهما 1000 جنيها، و إغلاق جميع مقارات و أفرع المعهد الجمهوري الحري و الديمقراطي الأمريكي و فريدم هاوس و كونراد إيناور الألمانية على مستوى محافظات الجمهورية ومصادرة أموالها و الأوراق التي ضبطت بها .

و عن أسباب الحكم أكدت المحكمة في بداية الحيثيات بأنها استهلت حكمها بمقدمة تضمنت أن التمويل أصبح أحد الآليات العالمية التي تشكل في إطارها العلاقات الدولية بين مانح و مستقبل و أن التمويل شكل من أشكال السيطرة و الهيمنة الجديدة ويعد ''استعمار ناعم'' أقل كلفة من حيث الخسائر و المقاومة من السلاح العسكري، تنتهجه الدول المانحة لزعزعة أمن و استقرار الدول المستقبلة التي يراد إضعافها و تفكيكها.

 وأضافت الحيثيات أنه في ظل النظام البائد –الذي قزم من مكانة مصر الإقليمية و الدولية و انبطح أمام المشيئة الأمريكية في مد لسور التطبيع بين مصر و إسرائيل برز على السطح '' التمويل الأجنبي'' لمنظمات المجتمع المدني كأحد مظاهر هذا التطبيع بدعوة الدعم الخارجي و الحوار مع الآخر و دعم الديمقراطية و الحكم و منظمات حقوق الإنسان و غيرها من المسميات التي يتدارؤون و يستترون في ظلها بعد أن افرغوها من محتواها الحقيقي و طبعوا عليها مطامعهم و أعراضهم في اختراق أمن مصر القومي و إفناء موجباته و تقويض بنيان مؤسسات الدولة وتفكيك أجهزتها وصولا لتقسيم المجتمع و تفتيته و إعادة تشكيل نسجيه الوطني و خريطته الطائفية و السياسية.

وذلك بما يخدم المصالح الامريكية و الإسرائيلية التي كانت تعلو –في ظل النظام السابق – على صالح الوطن العام للشعب المصري و بلاده .. و إزاء تردي الأوضاع السياسية و الاجتماعية في مصر وإحساس الشعب بضعف و رخاوة الدولة و تفككها بأنه ترك مصيره في يد  جماعات سياسية ''عصابة'' تحكمها المصالح الخاصة و لا يحكمها الولاء للوطن ,اندلعت في 25 يناير 2011 ثورة شعبية حقيقية لإزاحة هذا الركام عن كاهل الشعب المصري وكسر قيود الهيمنة و التبعية و الارتهان الاسرائيلي التي أدمت معصم كل مصري ..و استعادت الحرية و الكرامة الإنسانية و العدالة الاجتماعية التي غابت عن مصر كثيرا ..فاطاحت بالقائمين عن السلطة و مهدت الطريق نحو بناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة.

وأوجس ذلك في نفس الولايات المتحدة الامريكية و الدول الداعمة للكهيان الصهيوني خيفتا و رعبا ..فكان رد فعل أمريكا أنها رمت بكل ثقلها ضد هذا التغيير الذي لم تعد آلياتها القديمة قادرة على احتواءه و من ثم اتخذت مسألة التمويل الأمريكي أبعادا جديدة في محاولة لاحتواء الثورة و تحريف مثاراتها و توجيها لخدمة مصالحها و مصالح إسرائيل ..فكان من مظاهره تأسيس فروع لمنظمات أجنبية تابعة لها داخل مصر خارج الأطر الشريعية لتقوم بالعديد من الأنشطة ذات الطابع السياسي ''التي لا يجوز على الإطلاق الترخيص بها '' للإخلال بمبدأ '' السيادة'' و هو المبدأ المتعارف عليه و المستقر في القانون الدولي و يعاقب عليه في كافة دول العالم ومن بينها الولايات المتحدة الامريكية نفسها.

و أضافت المحكمة أن الجانب الألماني قام عن طريق المركز الرئيسي لمنظمة ''كونراد اليناورد'' الألمانية بتمويل القائمين على تلك المنظمة من أجل إدارة نشاط سياسي لا يجوز الترخيص به أصلا ونفذ المئات من برامج التدريب السياسي وذورش العمل و تمويل العديد من الأشخاص الطبيعيين و المنظمات و الكائنات الغير مرخص لها بالعمل الأهلي و المدني، مما يخل بسيادة الدولة. المصرية .

و أوضحت المحكمة بأنها اطمئنت إلى شهادة كل من: ''الدكتورة فايزة أبو النجا، وزيرة التخطيط و التعاون الدولي الأسبق، و السفير مروان زكي بدر ،المشرف على مكتب وزيرة التعاون الدولي، و أسامة عبد المنعم شلتوت، مدير شئون المنظمات غير الحكومية بوزراة الخارجية، و ليلى أحمد بهاء الدين نائب مساعد وزير الخارجية لشئون حقوق الانسان و عزيزة يوسف رئيسة الادارة المركزية للجمعيات و الاتحادات بمنظمات التضامن و العدالة الاجتماعية، كذا  تحريات الأمن الوطني و الرقابة الإدارية و الأموال العامة، و ما جاء بتقرير لجنة تقصي الحقائق و ما أقر به المتهمين أمام قاضي التحقيق بقيامهم بتأسيس هذه الفروع من تلك المنظمات و تمويلها من المراكز الرئيسية للمنظمات بالولايات المتحدة الامريكية و كذلك من ألمانيا .. وما أسفر عنه الضبط والتفتيش لمقر المنظمات الذي تم بمعرفة النيابة العامة.

'' جهل المتهمين بالقانون ''

 وتناولت المحكمة في الحيثيات الرد على دفاع المتهمين بشأن  الاعتذار  بجهل المتهمين بالقانون بأن العلم بالقانون الجنائي والقانونين العقابية المكملة له مفترض في حق الكافة و من ثم لا يقبل الدفع بالجهل والغلط فيه كذريعة لنفي القصد الجنائي، وأن قانون الجمعيات و المؤسسات الأهلية رقم 84 لسنة 2002 ذو جزاء جنائي ومن ثم فهو بهذا الاعتبار قانون مكمل لقانون العقوبات فله حكم قانون العقوبات و من ثم لا ينفي الغلط فيها القصد الجنائي ..و بالتالي فإن كون المتهم غير عالم بأن المنظمة غير مرخص بها من الحكومة أمر لا ينفي لديه القصد الجنائي إذ يعتبر جهلا منه بحكم القاعدة الجنائية ذاتها و هو جهل لا يصلح عذرا طالما أن هذه القاعدة الجنائية تفرض على المخاطب بها التزام التحري عن المنظمة التي يعمل بها قبل إقدامه على ذلك فإن هو اغفل عن هذا التحري و فرط في أداء الالتزام به فلا يلومن إلا نفسه فهذا الأهمال و القصد يعتبران شيئا واحدا .   '' قانون العقوبات ''

 و تناولت المحكمة ما أثارته هيئة الدفاع عن المتهمين من أن الاتهامات المسندة للمتهمين تحكمها المواد التي جاءت في قانون الجمعيات و المؤسسات الأهلية رقم 84 لسنة 2002  و اللاحقة في تاريخها على المواد المضافة لقانون العقوبات و هي ألا صلح للمتهمين، و بحسبان أن مواد الاتهام الواردة بقانون العقوبات ملغاة بموجب نص المادة 7 بمواد إصدار قانون الجمعيات والمؤسسات الاهلية ..فردت المحكمة على هذا الدفع بقولها بأن القانون الجنائي يحكم ما يقع في ظله من جرائم إلى أن تزول عنه القوة الملزمة لقانون لاحق ينح أحكامه و أن تغيير الدستور لا يلغي الجريمة التي مازالت في نظر المشرع معاقبا عليها من وقت حصوله حتى الآن مؤدى ذلك تطبيق مواد الاتهام الواردة في قانون العقوبات .   ''قانون الجمعيات''

 أما ما اثاره الدفاع بتطبيق قانون الجمعيات باعتباره الاصلح للمتهمين ..فقد ردت عليه المحكمة بان المادة 76 من قانون الجمعيات المذكور بالباب الخامس منه قد احال على قانون العقوبات او اي قانون اخر اذا كان به عقوبة اشد من العقوبة الواردة في المادة 76 و لما كان الجرائم المسندة للمتهمين يعاقب عليها قانون العقوبات بعقوبات اشد من العقوبات الورادة بقانون الجمعيات و المؤسسات الاهلية و من ثم وجب اعمال مواد الاتهام الواردة بقانون العقوبات المنصوص عليها فيها و لا مجال لاعمال القانون الاصلح للمتهم .

''قانون الجمعيات''

 أما ما أثاره الدفاع بتطبيق قانون الجمعيات باعتباره الأصلح للمتهمين، فقد ردت عليه المحكمة بأن المادة 76 من قانون الجمعيات المذكور بالباب الخامس منه قد أحال على قانون العقوبات، أو أي قانون أخر إذا كان به عقوبة أشد من العقوبة الواردة في المادة 76،  ولما كان الجرائم المسندة للمتهمين يعاقب عليها قانون العقوبات بعقوبات، أشد من العقوبات الورادة بقانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية ومن ثم وجب أعمال مواد الاتهام الواردة بقانون العقوبات المنصوص عليها فيها، و لا مجال لأعمال القانون الأصلح للمتهم.   '' تقادم الجريمة ''

 وأضافت المحكمة بأنه بشأن ما أثاره دفاع المتهمين عن المنظمة الألمانية كونراد اليناورد من تقادم الجريمة، التي يحاكم بشانها المتهمين بمضي المدة.. فقد ردت المحكمة على ذلك بأن الاتهام المسند للمتهمين من أنهم إدارا بغير ترخيص من الحكومة المصرية فرع لمنظمة ذات صفة دولية بغير ترخيص من الحكومة المصرية، وتسلما أموالا مقابل إرتكابهما تلك الجريمة، وأن الجريمة المسندة إليهما هي ليست تأسيس فرع لمنظمة، ولكن إدارة فرع لمنظمة، وهي طبيعة الفعل المادي فيها جريمة مستمرة لا تبدأ المدة المقررة بإنقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة إلا عند انتهاء حالة الاستمرار.. وهو استمرار تجددي ويظل المتهم مرتكبًا للجريمة في كل وقت، وتقع جريمته تحت طائلة العقاب مادامت حالة الاستمرار قائمة ولم تنتهي بعد.   '' تصاريح العمل''

وأوضحت المحكمة في سياق ما أثاره الدفاع بشأن تقديم بعض المنظمات بطلبات أمام وزارة الخارجية للحصول على تصاريح بالعمل منذ عام 2005،..ولم يبت في هذه الطلبات مما يعد تصريح ضمني بالعمل، بأنه لا يجوز لأي منظمة أجنبية غير حكومية ممارسة العمل في مصر، أو فتح فروع لها إلا بعد إبرام إتفاق نمطي مع وزارة الخارجية المصرية، واإرساله لوزارة التضامن والعدالة الاجتماعية ليقوم بتسجيل فرع المنظمة بالوزراة، وأنه لا يترتب على مجرد تقديم الطلب أي أثار قانونية تجيز لتلك المنظمات الأجنبية الغير حكومية العمل في مصر.

لاختلاف وضعها عن الجمعيات و المؤسسات الأهلية المصرية التي يتيح لها القانون التأسيس وممارسة العمل بعد إخطار وزارة التضامن بذلك إذا لم تقم الوزارة بالاعتراض على التاسيسي، أو رفضه بعد 60 يوما من ذلك الإخطار، و من ثم يستوي في عدم وجود التصريح أو الترخيص أن تكون المنظمة قد تقدمت بطلب للحصول عليه من الجهات المعنية، ولم يبت في هذا الطلب، أوصادف رفضًا أولا يكون تقدمت المنظمة بطلب على الإطلاقِ.

'' حقائق هامة ''

وانتهت المحكمة في حيثيات حكمها بأنه أولا، لا يتصور عقلاً ومنطقًا بأن لأمريكا أو لغيرها من الدول الداعمة للكيان الصهيوني أي مصلحة أو رغبة حقيقية في قيام ديمقراطية حقيقية في مصر..فالواقع والتاريخ يؤكد بأن تلك الدول لديها عقيدة راسخة أن مصالحها تتحق بسهولة و يسر مع ديكتاتوريات العاملة ويلحقها الضرر مع الديمقراطيات الحقيقية.    وأن الحقيقة الثانية أن من ما يدفع المال فهو يدفع وفق أجندته الخاصة التي حددها و استراتيجيا يريد تحقيقها من ورائها، وأهداف ينبغي الحصول عليها هي في الغالب تتناقض مع الأهداف النبيلة للمنظمات التطوعية الساعية إلى توعية وتطوير المجتمع والدفاع عن الحقوق الانسانية.   وتتمثل الحقيقة الثالثة في أن التمويل الأجنبي للمنظمات الغير حكومية، يمثل حجر عثرا أمام مصر التي يريدها شعبها، ولكن في الوقت ذاته يمهد الطريق أمام مصر التي يريدها أعدائها.

''التحقيق في واقعة هروب المتهمين الاجانب''

والمحكمة بعد أن أكدت على تلك الحقائق أهابت بالجهات المعنية في الجتمع المصري، أن تحث وتشجع الجمعيات الأهلية وجمعيات حقوق الإنسان التي لا تبغي سوى الحق والارتقاء، بصرح الديمقراطية في المجتمع بوعي ونية خالصة وأن يتم تمويلها من الداخل حتى لا تحوم حولها الشبهة أو يلعب بها الغرض.    وطالبت المحكمة النائب العام بإجراء التحقيق مع المنظمات والجمعيات والكيانات التي طلقت تمويلاً من بعض الدول العربية، والاجنبية والتي ورد ذكرها في لجنة تقصي الحقائق إسوة بما تم مع المنظمات المعنية بهذا الحكم و بسرعة إنهاء التحقيق مع كل من مكن المتهمين الأجانب من الهرب.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان