بعد منع "محام ومتهم" من استخدام وسائل الاتصال.. هل خالفت المحكمة الدستور؟
كتب - طارق سمير:
لم يكن الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة، السبت الماضي، بحظر متهم بـ"أحداث حلوان" من استخدام وسائل الاتصال الحديثة لمدة 5 سنوات، الأول من نوعه؛ إذ سبق وأصدرت "جنايات الإسكندرية" حكمًا مماثلاً على محامي متهم بإهانة الدولة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
تواصل "مصراوي" مع قانونيين، لمعرفة إلى ماذا استندت المحكمة في حكمها سالف الذكر، ومدى دستوريته.
قال أحد قضاة دوائر الإرهاب، إن الحكم الصادر بحظر استخدام اثنين من المتهمين لوسائل الاتصال لمدة 5 سنوات، يتفق مع قانون مكافحة الإرهاب الصادر عام 2015، بموجب المادة 37 التي نصت على أن يحق للمحكمة في منطوق حكمها بعقوبة الحبس، أن تقضي بـ8 تدابير أخرى، من بينها حظر استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بشرط ألا تزيد عقوبة الحظر عن 5 سنوات.
ونصت المادة 27 من قانون مكافحة الإرهاب على أنه "للمحكمة في أية جريمة إرهابية فضلا عن الحكم بالعقوبة المقررة أن تقضي بتدبير أو أكثر من التدابير الآتية، إبعاد الأجنبي عن البلاد، حظر الإقامة في مكان معين أو في منطقة محددة، الإلزام بالإقامة في مكان معين، حظر الاقتراب أو التردد على أماكن أو محال معينة، الإلزام بالوجود في أماكن معينة في أوقات معينة، حظر العمل في أماكن معينة أو مجال أنشطة محددة، حظر استخدام وسائل اتصال معينة أو المنع من حيازتها أو إحرازها، الإلزام بالاشتراك في دورات إعادة تأهيل".
وأضاف القاضي -الذي فضّل عدم ذكر اسمه-لمصراوي، أنه في حالة مخالفة المتهم حكم حظر استخدام وسائل الاتصال، يعرض نفسه لمحاكمة تصل عقوبتها إلى 6 أشهر بتهمة الامتناع عن تنفيذ حكم، مشيرًا إلى أنه يحق للمتهم الطعن على الحكم الصادر بالحبس والحظر، ومن الممكن إلغاؤه أو تأييده.
من جانبه يرى فؤاد عبد النبي أستاذ القانون بجامعة مصر، أن حظر استخدام وسائل الاتصال بموجب قانون مكافحة الإرهاب مخالف للدستور، قائلًا "للحياة الخاصة حرمة والاعتداء عليها جريمة، بموجب المادة 57 من الدستور، التي حرمت أيضًا مراقبة المواصلات البريدية والبرقية والهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال ولا يجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها إلى بحكم قضائي مسبب".
كما ألزم الدستور، الدولة بحماية حق المواطنين في استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها، ولا يجوز تعطيلها أو وقفها أو حرمان المواطنين منها، بشكل تعسفي.
وأضاف "عبد النبي"، لمصراوي، أن قانون مكافحة الإرهاب أباح الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة، ومراقبة المراسلات البريدية، ويجوز الطعن على المواد التي تنتهك حرمة الحياة الخاصة أمام القضاء الإداري، ومن ثم تحال إلى المحكمة الدستورية للفصل في دستوريتها.
خالفه الرأي، عضو لجنة الإصلاح التشريعي، صلاح فوزي، الذي أكد أن حظر استخدام وسائل الاتصال للمتهم ضمن العقوبات التكميلية، بعد حكم الإدانة بعقوبة الحبس، خوفًا من ممارسة المتهم أي أعمال إرهابية من جديد، مشيرًا إلى أن المادة 25 من قانون العقوبات أعطت للمحكمة الحق في إعفاء موظف من وظيفته بعد حكم إدانته، لكن قانون مكافحة الإرهاب أعطى للمحكمة سلطة تقديرية في تقدير العقوبات التبعية بالجرائم الإرهابية، مثل حظر استخدام وسائل اتصال معينة.
وقال "فوزي" في تصريحات لـ"مصراوي"، إن الحظر لا يعتبر عقوبة بل هو تدبير، لأخذ المتهم دورات للاندماج في المجتمع أو التأكد من التزامه بعدم ممارسة الأعمال الإرهابية، مضيفًا أن أوضاع البلاد تسمح للمحكمة بأخذ تلك التدابير للحد من زعزعة استقرار البلاد، والحفاظ على أمنها القومي.
كانت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار حسن فريد، قضت السبت الماضي، بالسجن المشدد 3 سنوات متهم في إعادة إجراءات محاكمة متهم في القضية رقم 19238 لسنه 2016 والمتهم فيها بالتظاهر وإثارة الشغب بحلوان، ووضع المتهم تحت مراقبة الشرطة لمدة 5 سنوات، وحظر استخدامه لوسائل الاتصال الحديثة لمدة 5 سنوات.
يذكر أن محكمة جنايات الإسكندرية، قضت في 13 أبريل الماضي، بحبس المحامي محمد رمضان عبدالباسط لمدة عشر سنوات وتحديد إقامته جبرياً، ومنعه من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمدة خمس سنوات أخرى، لاتهامه بإهانة رموز الدولة وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والتحريض على أعمال عنف.
فيديو قد يعجبك: