الإدارية العليا: التقادم قرينة على نسيان الفعل من ذاكرة الناس ولا يجوز التسجيل الجنائي سيفًا مسلطاً للأبد
كتب- محمود الشوربجي:
قضت المحكمة الإدارية العليا بإجماع الآراء برفض الطعن المقام من وزارة الداخلية على حكم القضاء الإداري بإلغاء قرار الداخلية بتسجيل أحد المواطنين في السجل الجنائي.
صدر الحكم برئاسة المستشار أحمد الشاذلي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي وسامي درويش نائبي رئيس مجلس الدولة.
قالت المحكمة إن المشرع حدد قواعد ومدد من انقضاء الدعوى الجنائية سواء في مواد الجنايات أو الجنح، فإنه يكون الأمر أولى بالإتباع إذا كان محل التسجيل الجنائي مجرد اتهام لا يرقي إلى الإدانة وبالإحالة إلى المحكمة الجنائية، فوفقا للمبدأ الأصولي في مجال العقاب الجنائي يكون مجرد الاتهام بعد مضى سنوات انقضاء الدعوى الجنائية أو سقوط العقوبة الصادرة بشأنها لغوا لا يأبه به وعدوانا على حرية المواطنين بعد أن كان المسند لهم مجرد اتهام يحتمل الصحة و الخطأ وهو أمر أقل أهمية بيقين من رفع الدعوى الجنائية ضد المتهم أو سقوط العقوبة الصادرة بشأنها.
وأضافت المحكمة أن المشرع جعل انقضاء الدعوى الجنائية في الجنايات بمضي عشر سنين تبدأ من تاريخ ارتكاب الجريمة وتسقط العقوبة المحكوم بها فيها بمضي عشرين سنة وفي الجنح تنقضي بمضي ثلاث سنوات وتسقط العقوبة فيها بمضي خمس سنين.
كما أن انقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة فيها إليه بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو بالإدانة، وهي قواعد تقررت في جملتها انطلاقا من أن مضي الزمن على ارتكاب الجريمة وما يرتبط بها من نسيان الفعل من ذاكرة الناس بحيث يعتبر إقرار نظام التقادم أو السقوط قرينة على أن المجتمع قد نسي هذا الفعل وتعامل مع من ارتكب الجريمة على أنه شخص برئ نشأ له مركز واقعي يتعين إقراره .
واشارت المحكمة أن الثابت بالأوراق أن المطعون ضده اُتهم فى القضية رقم 19 لسنة 1994 حصر تحقيق المكتب الفني للنائب العام المرسل لنيابة أمن الدولة العليا أموال عامة برقم 844 فى 24/2/1996 فى رشوة محافظ البحر الأحمر وسكرتير محافظ البحر الأحمر اَنذاك، وذكر المطعون ضده أنه تم حفظ تلك القضية، بل أنها قد أدركها التقادم.
وأوضحت المحكمة أن الجهة الإدارية الطاعنة لم تقدم ثمة مستندات من بيان ما تم فى تلك القضية وعلى هذا النحو فإن المطعون ضده لم تثبت إدانته ويكون إدراج اسمه ضمن المسجلين جنائيا باعتباره متهما فى تلك القضية إنما يخالف الواقع ويخل بحقه الدستوري في التمتع بأصل البراءة طالما لم يثبت إدانته بحكم قضائي لم يدركه التقادم .
واختتمت المحكمة أن استمرار تسجيل اسم المطعون ضده يجعله محل شبهة من جانب جهة الإدارة القائمة على الأمن العام، على وجه ينال من حريته الشخصية ويؤثر على سمعته ومستقبله وأقاربه وذويه، ويتعين محوه حتى لا يظل سيف الاتهام عن تلك القضايا عالقا به إلى ما لا نهاية مما يخالف الفطرة السليمة للإنسان خاصة وأنه قد ذكر انه يمتلك قرية سياحية بالغردقة ورفضت الادارة اقامته شركة للاستثمار لهذا التسجيل، ومن ثم فإن استمرار جهة الإدارة في تسجيلها أمام اسمه وامتناعها عن محوها من سجلاتها وأجهزتها يشكل قرارا إداريا مخالفا لأحكام الدستور والقانون.
فيديو قد يعجبك: