مصراوي في رحلة للبحث عن حبيب العادلي
كتب - طارق سمير وسامح غيث وعلياء رفعت ومي محمد:
تضاربت التصريحات خلال الفترة الماضية حول هروب وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، من مقر إقامته، ففي الوقت الذي تسلمت فيه النيابة العامة خطابًا من وزارة الداخلية يفيد هروبه، يؤكد محاميه أنه مريض ويخضع للعلاج في إحدى المستشفيات رافضا الإفصاح عنها.
"مصراوي" تواصل مع المحامي فريد الديب، لمعرفة المستشفى التي يقيم فيها وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، لكن جاء الرد "فريد بيه سافر ومش موجود في مصر".
تضارب التصريحات وصعوبة معرفة مقر إقامة الوزير الهارب دفع "مصراوي" للبحث عن مقر إقامة وزير الداخلية الأسبق.
بدأت رحلة "مصراوي" للبحث عن مقر إقامة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، من شارع ناصر الخرافي "الغيث سابقا"، الذى يبعد عن مستشفى الشرطة بالعجوزة بقرابة 200 متر تقريبًا.
الهدوء يسود المنطقة، لا توجد أي حراسات تشير إلى وجوده، الوصول للشقة التي يمتلكها العادلي والواقعة في الطابق الرابع بالعقار الذي يحمل رقم "١٨" لم يكن صعبًا. أمام باب الشقة المغلق الذي غطت الأتربة معالمه، توجد سلتي لقمامة وشيكارة ورقية بداخلها كمية من الرمال.
أسفل العقار تجلس عجوز، بعد التعرف عليها، أخذت تشير برأسها إلى الطابق الرابع، قائلة: "العادلي كان قاعد هنا، وما شوفناهوش من قبل الثورة"، مشيرة إلى أنه خلال إقامته في العقار، كانت توجد حراسات حول العقار، وبانتقاله للإقامة في منطقة أخرى، غادرت الحراسة، ولم نعلم أي شيء عنه.
"مشي من البيت لما بقي وزير" يؤكد أحد سكان العقار أن وزير الداخلية الأسبق انتقل للإقامة بعقار في ميدان لبنان، مشيرا إلى أنه لم يشاهد أي من أفراد أسرته بعد ذلك.
"أشهر بيت في المنطقة كلها" هكذا يُعرفه المارة وأصحاب المحلات كونه منزل العادلي
"الشارع كله كان مقفول" يقول الدكتور أحمد عبد المقصود، صاحب الصيدلية الواقعة أسفل العقار، إن "العادلي"، كان يقيم في الشقة السكنية التي يمتلكها بالعقار حتى تولى منصب وزير الداخلية، مشيرا إلى أنه رغم التشديدات الأمنية في المنطقة خلال إقامته، الا أن السكان كانوا يشعرون بالأمن والأمان: "الصيدلية كانت فاتحة 24 ساعة مكنش بيتاخر عن حد"، يؤكد أن أهالي المنطقة لا يحملون ضغينه للوزير الأسبق، وأنه علم بخبر هروبه من خلال الأخبار المتداولة.
العقار رقم 5
في منطقة الزمالك، كانت الخطوة الثانية في رحلة البحث عن مقر إقامة العادلي بالقرب من نقطة شرطة تأمين منطقة الزمالك يقع محل شهير للحلوى، بمجرد وصولنا والسؤال عن شارع بهاء الدين قراقوش .. قابلنا شابان يقفان أما محل شهير للحلوى، وبابتسامة بادرا بسؤالنا "انتم عايزين عمارة 5؟.. دي أشهر عمارة في المنطقة أصل حبيب العادلي كان ساكن فيها".
ومضى أحدهما يقول: "مراته مدام إلهام على طول بتتعامل معانا" مؤكدًا أن زوجة حبيب العادلي تتردد عليهم بحراسة مشددة لشراء شيكولاتة، ولن يصادف ظهور زوجها بجانبها نهائيًا منذ عملنا قبل الثورة حتى الآن، لافتا إلى أن آخر مرة شاهد فيها زوجة العادلي كانت قبل ثلاثة أسابيع، عندما جاءت إليهم، بحراسة أمنية مشددة، لاسترجاع هدية أرسلت إليها من قبل شخصية ما رافضًا الإفصاح عنها.
"ناس كتير كانت بتهاديهم"، يوضح عامل بالمحل، أن عددا من رجال الأعمال كانوا يطلبون إرسال كميات الحلوى "أوردر" إلى منزلهم بميدان لبنان كهدايا "علب شيكولاتة" من شخصيات عديدة على سبيل المجاملات.
جاره: منذ صدور قرار وضعه تحت الإقامة الجبرية تشهد المنطقة تشديدات أمنية غير مسبوقة
"يا بيه أنا راجل غلبان وماعرفش حاجة، روح اسأل بتوع الأمن"، قالها حارس إحدى العقارات بالشارع، قبل أن يغادر المنطقة.
ويشدد "محمد ن."، فرد أمن بالعقار، أن وزير الداخلية الأسبق، لم يمتلك شقة في العقار، ولم يسبق له الإقامة فيه، لافتا إلى أن زوجته هي التي تمتلك الشقة، وتتردد عليها من فترة لأخرى.
برج الشرطة في العجوزة
في الجهة المواجهة لمركز إعداد يقع برج الشرطة، منطقة مكتظة بالسكان، الضجيج يملأ المنطقة، ازدحام السيارات سمة أساسية فيها، حسب الأهالي.
أسفل العقار يقف أحد عمال شركة عقارات شهيرة، رفض الإفصاح عن اسمه، أوضح أنه يعمل منذ قرابة العامين ولم يكن يعلم أن العادلي يمتلك شقة في العقار: "لا في أمن ولا حراسة".
أوضح "محمد "، فراد أمن إداري بالعقار، أنه يعمل بالعقار منذ شهر نوفمبر 2011، ولم يشاهد الوزير الأسبق خلال تلك المدة، مرجحا بيعه للشقة قبل اندلاع ثورة يناير.
"من حقه يمتلك شقة في العقار" يوضح فرد الأمن، أن البرج يخضع لجهاز الشرطة ومن حق حبيب العادلي شراء شقة؛ نظرا لعمله كضابط شرطة.
شقة ميدان لبنان
في محيط ميدان لبنان، بدت حركة السير طبيعية، المارة يتنقلون بين المحلات الشهيرة، سيولة مرورية لا تُخطئها العين. بينما يسود الهدوء المنزل رقم (50). فلا تقف أمامه أي دوريات شرطية، أو حراسة خاصة.
"أشهر بيت في المنطقة كلها" هكذا يُعرفه المارة وأصحاب المحلات المختلفة كونه منزل أحد رموز النظام السابق، منزل "حبيب العادلي".
يقع المنزل في إحدى العقارات التي تضم محل ملابس شهير، والذي يؤكد أصحابه عدم قدوم أي دوريات للشرطة اليوم بالمكان للبحث عن حبيب العادلي الهارب، والذي أشيع أنه يختبئ بشقة ميدان لبنان.
القوات المتواجدة أمام مسكن العادلي مكونة من أربعة ضباط وعدد من أفراد الشرطة
أمام العقار؛ جلست حارسته. تلك التي خدمت آل "العادلي" زيادة عن عشرة أعوام اقتربت فيها من العائلة بشكلٍ ملحوظ حتى أنها كانت تعلم شخوص الزوار والصِلات التي تربطهم بها. "العيلة كلها سابوا الشقة هنا من قبل الثورة وراحوا أكتوبر، ومن ساعتها محدش فيهم عتب المهندسين.. الشقة دلوقتي مقفولة" قالتها الحارسة مؤكدة عدم وجود العادلي أو أحدًا من عائلته بالمهندسين، كما انها نفت ترددهم على المنزل أو إقامتهم فيه.
بوجهٍ يغلبه الحزن أكدت مديحة حارسة العقار أن "أيام سكن العادلي هنا كانت أحلى أيام.. يا ريتها دامت"، فهو كما تراه كان مُراعيًا للكُل، وكان النظام والانضباط لسان حال ميدان لبنان، لا تجرؤ إحدى العربات على الاصطفاف في الصف الثاني فلا يزور الونش الميدان أبدًا.
على الناحية الأخرى من الشارع المواجه لشقة "العادلي"، وقف "حسبو" يمارس مهامه كحارس لإحدى العقارات. استقر الحال بالرجل الخمسيني بالمهندسين كحارس منذ قدومه من أسوان، فلم يبارح العقار الذي يبعد عن المنزل رقم (50) بأمتار قليلة. "كنا متعودين على وجود الأمن دايمًا هنا، مفيش حد في ميدان لبنان كله ميعرفش إن ده بيت العادلي" قالها حسبو وهو يروى تفاصيل الأيام التى عاشها في رحاب العادلي أثناء توليه منصب وزير الداخلية قبل الثورة. لكن بعد 2011 تغيرت الأحوال كما يقول الرجل الخمسيني "سابوا الشقة هنا وقفلوها وراحوا أكتوبر، وفضلت الحراسة بس هى اللي موجودة لحد وقت قريب".
الحراسة التي كانت تلف منزل العادلي، اقتصرت على حارسين يتناوبون "الشيفتات" أحدهم صباحًا والآخر ليلًا، واستمرت تلك الحراسات رغم عدم وجود آل العادلي بذلك المنزل بعد انتقالهم لأكتوبر قبل الثورة. "معرفش دول حراس شخصيين ولا تبع الحكومة بس معدناش بنشوف حد منهم من شهر فات" هكذا اختتم الرجل الخمسيني حديثه وهو يشير إلى هدوء المحيط منذ ذلك الحين مُدللًا على كلامه "حتى عربيات البوليس مبقيتش تعدي من هنا".
على بُعد خمسة أمتار من المنزل رقم (50) تقع صيدلية "الإسراء"، الكائنة بالحي منذ سنواتٍ عديدة. أصحابها وروادها يعلمون بأن شقة العادلي تقع على الناصية الأخرى فهى كما يصفونها "أشهر من النار على علم". لكنهم لم يسمعوا قط بقدوم دوريات الشرطة للبحث عن العادلي الهارب، فالمحيط هادىء منذ وقتٍ طويل، وآل العادلي قط تركوا الحى قبل ست سنوات كما يوضح مالك الصيدلية.
كمبوند بالم هيلز
المحطة الأخيرة من البحث عن حبيب العادلي كانت فى كمبوند بالم هيلز الذي يبعد عن جهاز مدينة السادس من أكتوبر بحوالي 2000 متر، حيث يمتلك فيلا بداخله.
أمن الكمبوند منتشر بكثافة أمام بوابات الدخول، يمنع دخول أحد باستثناء موافقة أحد السكان المراد الدخول إليه.
"ممنوع يا فندم اتفضل عشان مضرناش" قالها احد افراد امن الكموند بصوت غليظ ردا على طلبنا السماح بالدخول للاستماع لروايات سكان الكموند وجيران العادلي .
بعد مرور ساعة من الترجل حول الكمبوند في محاولة للدخول من إحدى البوابات الثلاث، تقابلنا مع أحد سكان الكمبوند، بعد التعرف عليه أخذ يقول: الوزير ساكن في القصر المجاور لي والذي يبعد عن البوابة رقم ١ بقرابة ١٠٠ متر، وتابع الساكن الذي فضل عدم ذكر اسمه، لم أشاهد العادلي منذ فترة طويلة، وحتى بعد إخلاء سبيله لم أشاهده أو أفراد أسرته.
وعن التشديدات الأمنية داخل الكمبوند، أكد أنه منذ صدور قرار وضعه تحت الإقامة الجبرية، تشهد المنطقة تشديدات أمنية غير مسبوقة يتخللها من حين لآخر مرور عدد من الضباط بمحيط القصر الذي يمتلكه العادلي.
وأوضح أن القوات المتواجدة أمام مسكن العادلي مكونة من أربعة ضباط وعدد من أفراد الشرطة، لافتا بأنه منذ عشرة أيام اقتحمت قوة أمنية كبيرة، منزل الوزير الأسبق بحثا عنه، لكن لم يتوصلوا لشئ، وبعد مرور ٣ أيام حضرت قوة من مباحث القسم، وأخذت تتجول حول مسكنه لمدة دقائق معدودة، ثم غادرت المكان دون التوصل لشئ.
فيديو قد يعجبك: