هل تُهدد "الدستورية" صلاحيات الرئيس في إلغاء براءة مُتهمي الطوارئ؟
كتب – محمود الشوربجي وطارق سمير:
منذ صدور قانون الطوارئ وما تضمنه من منح سلطة رئيس الجمهورية -وما يفوض فيه رئيس الوزراء- من إلغاء أحكام البراءة التي يحصل عليها المواطنون وإعادة المحاكمات أمام دوائر أخرى في ظل حالة الطوارئ، ولم تصدر أية أحكام بعدم دستوريته طوال السنوات الماضية.
لكن حاليًا بات هذا القانون مهددًا بعدم الدستورية بعد إحالة المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة للمواد (12 و14 و20) من قانون الطوارئ إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستوريتها.
في البداية يقول الفقيه الدستوري فؤاد عبد النبي، إن المحكمة الإدارية العليا، وجدت أنه هناك ضرورة قصوى لإحالة نصوص مواد قانون الطوارئ للدستورية العليا للفصل في مدى دستوريتها، مضيفًا أن صدور أي حكم من الدستورية العليا سيكون مُلزمًا ونهائيًا، باعتبارها صاحبة الكلمة العليا بين الهيئات القضائية فيما يتعلق بمواد الدستور.
حول دستورية المواد المطعون ضدها، يضيف عبد النبي لـ "مصراوي"، أن نص مواد قانون الطوارئ تصطدم بكل من مواد الدستور "92 و97" والمتعلقين بالحقوق والحريات التي تنص على أن "الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلاً ولا انتقاصًا، ولا يجوز لأي قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها".
وفيما يتعلق بعدم إمكانية الطعن على أحكام محاكم أمن الدولة العليا ويكون الأمر مكفولًا للرئيس، يتابع عبد النبي: تلك المواد يشوبها عدم الدستورية لصدامها بنص المادة 184، التي نصت على أن "لا يجوز التدخل في شئون القضاء وعقوبتها لا تسقط بالتقاضي"، فجعل الأحكام معلقة حجتها على تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي يعد تدخلًا في شئون القضاء، حيث يحق لأي متهم الطعن على الأحكام الصادرة ضده، إضافة إلى أن نص المادة الأولى بالدستور أكد على ضرورة سيادة القانون والقضاء.
وأكد أنه بمجرد انتهاء حالة الطوارئ لابد أن ينتهي بأثر رجعي كل التوابع التي نتجت عنه، مشيرًا إلى أنه في حالة عودة الأجواء لطبيعتها، فإن الدستور أكد على حظر محاكمة المدنيين أمام محاكم استثنائية، ولا يحاكم الشخص إلا أمام القضاء العادي، حسب نص المادة 204.
من جانبه أكد الفقيه القانوني محمد حامد أن الأصل في التقاضي لابد أن يكون على درجتين وذلك حماية لحقوق المواطنين في استكمال كافة مراحل التقاضي أمام دوائر أخرى، لكن في حالة قانون الطوارئ فالأمر يختلف باعتبار أن الدولة في ظرف استثنائي.
وأضاف في تصريح خاص لمصراوي، أن التعارض في مواد القانون يعد تعارض استثنائي بسبب حالة الطوارئ ومواجهة الإرهاب بالدولة، وبالتالي لابد من تقبل ذلك حاليًا، لأن القانون يتم تطبيقه لغرض معين ولفترة زمنية محددة.
وأشار إلى أن الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا والخاصة بنظر الطعون على التعيين في الوظائف القضائية تنظر تلك الطعون من درجة واحدة وهذا مخالف للقانون -وفق قوله-، باعتبار أن نظر الطعون لابد أن يكون على درجتين، متسائلًا: كيف يتم إحالة مواد الطوارئ للدستورية وفي نفس الوقت لا يتم الطعن على درجتين في الدائرة الثانية بالإدارية العليا؟، لافتًا إلى أن قرار الإدارية العليا بإحالة الـ 3 مواد المتعلقة بقانون الطوارئ إلى الدستورية العليا يعد بمثابة تصعيد من مجلس الدولة ضد مؤسسات الدولة والرئيس -وفق قوله.
وكانت المحكمة الإدارية العليا أكدت في حيثيات قرار إحالة لنصول المواد للدستورية العليا، أنّ غلق باب الطعن أمام المدانين في الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة طوارئ، مخالف لحق الطعن المقرّر دستورياً، ويتناقض مع مبادئ استقلال القضاء، وحق التقاضي على درجتين على الأقل، مشيرة إلى أنها ترى شبهة "عدم دستورية"، في استمرار نظر محاكم أمن الدولة، للقضايا التي كانت قد أُحيلت إليها حتى بعد رفع حالة الطوارئ، وكذلك حرمان المتهمين الذين كانوا غائبين عن نظر القضية، خلال حالة الطوارئ، من المثول أمام قاضيهم الطبيعي، بعد رفعها.
وتنص المادة 12 على أنّه "لا يجوز الطعن بأي وجه من الوجوه فى الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة، ولا تكون هذه الأحكام نهائية إلا بعد التصديق عليها من رئيس الجمهورية".
أما المادة 19 فتنص على أنه "عند انتهاء حالة الطوارئ تظل محاكم أمن الدولة المختصة بنظر القضايا التي تكون محالة عليها، وتتابع نظرها وفقاً للإجراءات المتبعة أمامها، أما الجرائم التي لا يكون المتهمون فيها قد قدموا إلى المحاكم، فتحال إلى المحاكم العادية المختصة، وتتبع في شأنها الإجراءات المعمول بها أمامها".
كما تنص المادة 20 على أنّه "يسري حكم الفقرة الأولى من المادة السابقة، على القضايا التي يقرر رئيس الجمهورية إعادة المحاكمة فيها، طبقاً لأحكام هذا القانون، ويبقى لرئيس الجمهورية كافة السلطات المقررة له، بموجب القانون المذكور، بالنسبة للأحكام التي تكون قد صدرت من محاكم أمن الدولة، قبل إلغاء حالة الطوارئ، ولم يتم التصديق عليها والأحكام التي تصدر من هذه المحاكم، طبقاً لما تقرّره هذه المادة والمادة السابقة".
فيديو قد يعجبك: