لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بينهم "أم البنات".. حكايات على هامش اشتباكات جزيرة الوراق

11:38 م الأحد 16 يوليو 2017

كتب - طارق سمير:

مع بزوغ ضوء الشمس، خيمت أجواء الهدوء على جزيرة الوراق، قبل أن يقتل ذلك الهدوء دبدبات رجال الشرطة وسيارت الأمن المركزي والمدرعات على أرض الجزيرة، لتنفيذ قرار إزالة عقارات مخالفة ومُقامة على أملاك الدولة.

"ماتخفوش مش هنهد حاجة.. إحنا هنزين الجزيرة"، في بداية الأمر قال أحد ضباط الشرطة للأهالي إن المنازل الفارغة سيتم هدمها، بينما "الساكنة" سيُعاد ترميمها، الأمر الذي اعترض عليه الجميع، ليقرر رجال الأمن بدأ حملة الإزالة بالفعل، ليتم هدم عدد من المنازل، حسبما قال "هشام م." أحد أهالي جزيرة الوراق.

"صراخ وعويل" ومشادات كلامية بين أصحاب العقارات ورجال الأمن، ليقف الأهالي أمام منازلهم "لو هنموت جواها مش هنسيبها"، فيما اعترض شاب يدعى "سيد طفشان، 22 سنة" طريق شرطة إزالة التعديات "محدش هيقرب من البيت"، ليبدأ عِراك بينهما انتهى بأن ودع "طفشان" حياته.

مقتل الشاب أشعل نفوس أهالي الجزيرة الذين رددوا يقولون "طفشان مات"، يقول "هشام م." إن القوات استمرت في الاشتباك مع الأهالي، لم تتوقف قوات الأمن عن إطلاق الأعيرة النارية والقنابل المسيلة للدموع، التي خلَّفت وراءها عدداً من الإصابات "لما لقوا كل الجزيرة واقفلهم قرروا الانسحاب".

أمام حطام منزل، تدخل السيدة "منى ن." في نوبة بكاء لا تتوقف، شاخصة بصرها نحو بناتها الثلاث "هعمل إيه يا ربي أنا والبنات"، تقول السيدة الخمسينية إنها تعمل مأمور ضرائب، وحصلت على قطعة أرض مسجلة بالشهر العقاري، بنيت عليها دورًا واحدًا مكون من ثلاث غرف، وتدفع أقساط شهرية لتتمكن من تكملة بناء المنزل، وتجهز بناتها الثلاث.

"قالولي اطلعي برة خلينا نشوف شغلنا".. جملة قالها رجال الأمن لـ "أم البنات"، لتمتثل "منى" لطلب رجال الأمن.. دقائق معدودة "البيت بقى فى خبر كان".

أصوات الأهالي يقطعها همهمة المهندس "إسماعيل"، صاحب مرزعة فراخ بجزيرة الوراق، موجهًا حديثه لصديقه خلال مرور "المعدية" إلى بر شاطئ جزيرة الوراق "أنا عندي مرزعة باكل منها عيش هعمل إيه". فؤجي المهندس بقرار الإزالة، لافتاً إلى معرفته بقرارات الإزالة بالجزيرة من خلال التليفزيون، جاء مسرعًا للاطمئنان على "مصدر رزقه" الذي حصل عليه منذ 5 سنوات بعقد بيع رسمي مسجل فى الشهر العقاري، بالإضافة إلى "صحة توقيع" أمام رئيس محكمة.

يري الرجل الأربعيني أنه إذا كانت الجزيرة مخالفة، فلابد من محاسبة "كل موظفين الشهر العقاري، والقاضي الذي وقع على صحة عقده، وكل من ساهم فى جلب الحياة على تلك الجزيرة، وأكد أنه سيلجأ للقضاء حال هدم مزرعته".

على مقربة من مشروع كوبري روض الفرج الجديد، تجلس سيدة تُدعى "شكرية" في عقدها السادس، أمام عقارها المنهار، فوجئت بطرق أحد الأشخاص باب منزلي "اطلعي يا حاجة عشان هنزيل البيت"، لتدوى الصُرخات والعويل أرجاء المنزل، هرع الجميع إلى الخارج، وأقدم "جرار" تجاه الجدران وهدم المنزل بما فيه من أثاث.

"إنا لله وإنا إليه راجعون.. توفى إلى رحمة الله تعالى سيد طفشان والدفنة ستشيع الآن".. جملة كررتها مكبرات صوت مسجد جزيرة الوراق، لتعقٌبها اشتباكات دارت بين أهالي الجزيرة وقوات الأمن.

بعد دقائق تظاهر العشرات من أهالي جزيرة الوراق بطول شارع الوراق المؤدي لكوبري رمسيس، فيما سمحت لهم قوات الأمن بالمرور دون قطع طريقهم في اتجاههم المستشفى المركزي.

وبعد خروج الجنازة، هدأت الأحداث مع حلول الساعة الخامسة عصراً، بعد أن شكّل عدد من الأهالي كردون بشري حول القوة المتمركزة بالشارع؛ منعًا للدخول في مشاحنات جديدة بين الأهالي وقوات الأمن.

وأعلنت وزارة الداخلية، القبض على 10 من مثيري الشغب خلال الاشتباكات التي وقعت بين قوات الشرطة وأهالي جزيرة الوراق أثناء حملة لإزالة المنازل المخالفة، اليوم الأحد.

وأوضحت الوزارة -في بيان لها- أن الأهالي تعدوا على القوات بإطلاق الأعيرة الخرطوش والحجارة، مما دفع القوات لإطلاق الغازات المسيلة للدموع لتفريق المتجمعين والسيطرة على الموقف.

الاشتباكات أسفرت عن إصابة 8 ضباط بينهم لواءان، و29 شرطياً ومجندًا بكدمات وجروح وطلقات خرطوش، وتم نقلهم للمستشفى لتلقى العلاج.

كما أكد اللواء محمد كمال الدالي، محافظ الجيزة، أن حملة إزالة التعديات على أراضي الدولة بجزيرة محمد بالوراق التى يتم تنفيذها تستهدف فقط المباني المخالفة غير المأهولة بالسكان، مشيرا إلى أنه فور علمه بهذه الأحداث توجه للموقع برفقة اللواء هشام العراقي مدير أمن الجيزة، معلنًا تأجيل الحملة وعدم استكمالها.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان