تفاصيل مقتل بائع الأنابيب في 60 دقيقة ببولاق.. والأهالي :"الحقونا.. جثة"
كتب - محمد شعبان:
بعد عناء يوم طويل من السير بشوارع بولاق الدكرور لبيع أسطوانات الغاز، توجه "سعيد" إلى مقهى اعتاد الجلوس عليه، ليتناول كوب شاي، يرتشف منه رشفات متقطعة، لكن السيناريو اليومي تغير للمرة الأولى والأخيرة، بعدما طالبه أحد الأشخاص بتغيير "أنبوبة" بشقة فوجئ بمسجل خطر وشقيقيه انهالوا عليه بالضرب المبرح حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.
لسنوات عديدة، عرف أهالي منطقة ناهيا "سعيد محمد"، 28 عاما، بالأمانة وحسن الخلق، حيث كانت أسرته تقيم بمنزل قديم قبل الانتقال إلى الشارع الأبيض بكرداسة، يقضي يومه في تغيير أسطوانات الغاز بالشقق والمحلات التجارية حتى أن بعضهم يترك له المفتاح في غيابهم "عينه ما بتترفعش من الأرض وعمره ما خد حاجة"، يؤكد مالك محل بقالة بالمنطقة.
يعود "سعيد" إلى المنزل واضعا ثمرة اليوم بين يدي والدته "خيرة"، فهو عائل الأسرة - المكونة من فتاتين وشابين - عقب وفاة والده، ينطلق بعدها إلى مقهى اعتاد الجلوس عليه كمتنفس له وإيجاد فرصة عمل "طياري"، تعينه على تكاليف الحياة.
مساء السبت الماضي، الهدوء يسود شارع عبد الجليل مصطفى بمنطقة ناهيا، يقطعه صوت صراخ أحد المارة "إلحقونا.. جثة"، هرع الجميع إلى العقار رقم 10 المكون من 4 طوابق، فكانت المفاجئة "جثة سعيد بتاع الأنابيب"، يحاول أحدهم حمله على أمل إنقاذه بالمستشفى لكن عم محسن الرجل الخمسيني منعه منعه "سيبه في مكانه..الشرطة لازم تعاين الجثة".
دقائق معدودة امتلأت معها المنطقة برجال الشرطة الذين طوقوا المكان، تزامنا مع وصول رجال البحث الجنائي وفريق من النيابة العامة لمعاينة الجثة لكن أصوات الصراخ وبكاء السيدات لم تنقطع حزنا على الشاب "ده كان شاب زي الورد عمره ما زعل حد"، تقول أم مصطفى.
فريق بحث موسع بقيادة العميد طارق حمزة، مفتش مباحث غرب الجيزة، بدأ في سماع أقوال الجيران خاصة قاطني العقار محل الواقعة، وأكد عاطل يدعى "يوسف.و"، 33 عاما، أن الوفاة نتيجة تعاطي "سعيد" جرعة زائدة من المخدرات، الأمر الذي نفاه الأهالي: "عمرنا ما شوفناه بيشرب حاجة أبدا"، تؤكد سيدة تدعى "نجلاء" أنه "عمره ما طلعت منه العيبة".
ثناء قاطنو المنطقة على أخلاق المجني عليه دفعت رجال المباحث لجمع التحريات حول صاحب رواية الوفاة نتيجة المخدرات، فتبين أنه مسجل خطر (هتك عرض - خطف أنثى) أنهى مدة حبسه على ذمة إحدى القضايا منذ 5 سنوات، وأنه وشقيقيه "عبد السلام" و"محمود" مصدر إزعاج للجيران، ويفتعلون المشاكل بصفة يومية.
في غضون ساعات قليلة، توصلت تحريات الرائد طارق مدحت، معاون مباحث بولاق الدكرور، إلى أنه قبل وقوع الجريمة بأيام قليلة، تم سرقة (2 كرتونة شيبسي - 3 علب سجائر) من شقة بالطابق الأول في العقار الذي عُثر على جثة أمامه، وأن مالكة الشقة "بسمة" كانت "ماشية زي المجنونة بتقول مين اللي سرق"، مما أثار حفيظة المجني عليه وأخبرها عن هوية السارق فهو نجل خالها "يوسف"، بعدما كسر الباب، واستولى على تلك المسروقات.
رحلة جمع المعلموات لم تتوقف من ضباط المباحث قادتهم إلى شاهد عيان "شوفت سعيد طالع شقة يوسف مع اخواته"، أيقن رجال الشرطة أن المشتبه به الرئيسي هو "يوسف" فتم نصب عدة أكمنة أسفرت إحداها عن ضبطه، لكنه أنكر تماما في بادئ الأمر.
وبتطوير مناقشته، أقر "يوسف" بجريمته، وتبين أن ابنة خاله "بسمة" هددته بتحرير محضر ضده بقسم شرطة بولاق الدكرور بتهمة سرقة بعض البضائع من شقتها، مما دفعه لاستدراج المجني عليه من مقهى، وطالبه بتركيب أسطوانة غاز في شقته.
وأمام اللواء محمد عبد التواب، مدير المباحث الجنائية بالجيزة، أكد المتهم أنه وشقيقيه والمجني عليه تناولوا الشاي، ثم طرحوا أرضا وقيدوه بالحبال، وانهالوا عليه بالضرب قرابة الساعة لإجباره على تغيير شهادته أمام "بسمة" لكنهم واصلوا الضرب مع إصراره على موقفه "مرة واحدة لقينا فيص في إيدينا فرميناه في الشارع".
بالعودة إلى مسرح الجريمة، انتشر الخبر كالنار في الهشيم، وسيطرت حالة من الدهشة على الجميع "ايه ذنبه الشاب الغلبان اللي بيجري على اخواته" يؤكد الحاج مصطفى أن المتهمين الثلاثة "كلنا بنشتكي منهم"، بينما يشدد عامل بمقهى "لو نعرف انه كان متكتف جوه كنا دخلنا وخلصنا عليهم".
وتكثف أجهزة الأمن بالجيزة جهودها لضبط المتهمين عقب هروبهم "لو رجعوا المنطقة هنيمهم نفس النومة" يؤكد أحد أهالي المنطقة أنهم لن يسمحوا بعودتهم مهما كلفهم الأمر "لازم نجيب حق سعيد".
فيديو قد يعجبك: