"سلخانة تعذيب".. سر التمثال والبيت المهجور في سقوط عصابة الـ300 مليون يورو
كتب- محمد شعبان:
طوال 10 سنوات كاملة، ظل منزل الشقيقين "حازم" و"محمد" مهجورًا، تسكنه الأشباح، إلا أن الأمور تبدلت منذ أشهر قليلة، ودبت الحياة في أركانه من جديد، لكن لم يعلم أهالي قرية الشرفا بمركز الصف، جنوب محافظة الجيزة، أن التغير المفاجئ سيكشف النقاب عن واحدة من أكبر عصابات الاتجار في السلاح والمخدرات، والآثار أيضًا.
منذ عدة أيام، رصدت عناصر الشرطة السرية تحركات غريبة بمنزل صاحبي الـ "37، 40" سنة على الترتيب، فهرع المصدر إلى النقيب إسلام مسعد لإخباره بالمعلومات الأولية التي عرضها على مسؤولي قطاع جنوب الجيزة.
فور علم المقدم مروان الحسيني، رئيس مباحث الصف، عقد اجتماعًا بمعاونيه، وضع خلاله خطة بحث محكمة تركزت على تنشيط مصادر المعلومات، تشديد المراقبة على المنزل، فحص كافة المترددين عليه جنائيًا، سماع أقوال الجيران عن أبرز المشاهدات خلال الفترة الأخيرة.
لم تمر سوى ساعات قليلة على تطبيق الخطة الموضوعة حتى تبين أن "رضا"، 37 سنة، وشقيقه "توفيق"، 33 سنة، يتخذان المنزل وكرًا للاتجار في المواد المخدرة والأسلحة النارية غير المرخصة، مستغلين اعتقاد الأهالي أن المنزل لا يزال غير مأهول بالسكان.
الفحص الجنائي للشقيقين كشف أن الأول مسجل خطر "فرض سيطرة"، هارب من حكم بالجسن 3 سنوات في قضية "سلاح ناري"، والثاني كان يقضي عقوبة الحبس في قضايا مخدرات وسرقة.
خلال 48 ساعة، جمع المقدم مروان الحسيني خيوط الواقعة جميعًا، وأعد تقريرًا وافيًا عرضه على العميد ناجي كامل، رئيس مباحث جنوب الجيزة، في انتظار القرار الفصل الذي جاء عبر اللواء إبراهيم الديب، مدير مباحث الجيزة "مداهمة المنزل وضبط المتهمين في حالة تلبس".
باستصدار إذن من النيابة العامة، داهم رئيس مباحث الصف ومعاونيه النقيبين إسلام مسعد ومؤمن فرج المنزل، أمكن ضبط الشقيقين "رضا" و"توفيق"، ونجل عمهم "عبد النبي"، ونجل شقيقة مالي المنزل "22 سنة"، وبحوزة الأول طبنجة عيار 9مم، مبلغ بسرقتها منذ أحداث ثورة 25 يناير، و20 طلقة، وكمية من الأقراص وجوهر الحشيش المخدرين.
طوال المأمورية، كان اللواء محمود شوقي، مساعد مدير أمن الجيزة لقطاع الشرق، يتابع آخر التطورات، متخذا وضع الاستعداد للتدخل حال حدوث أي أمور طارئة، موجها القوات المشاركة بتفتيش المنزل بدقة؛ أملاً في العثور على أدلة تدين المتهمين بشكل أكبر.
المفاجأة كانت حاضرة داخل إحدى الغرف، عُثر على شخص عاري الجسد مقيدًا بسلاسل الحديدية في حالة إعياء شديدة، وتم تحريره وإحضار ملابس يرتديها، واصطحبت قوات الشرطة الجميع إلى ديوان القسم وسط حراسة أمنية مشددة.
تحريات المقدم تامر صالح، وكيل فرقة الشرق، دلت أن الضحية تاجر سيارات بمنطقة حلوان يدعى "عماد"، 50 سنة، به آثار تعذيب بمناطق مختلفة بالجسد "صعق في عضوه الذكري"، بالإضافة إلى آثار حرق جراء إطفاء السجائر في جسده "منها مناطق حساسة".
أمام المقدم مروان الحسيني، أقر المتهمون أنهم فشلوا في التصرف في تمثال أثري، إلا أن تاجر السيارات نجح في بيعه لأحد عملائه بالأقصر مقابل 300 مليون يورو، رافضا منحهم أية أموال، ماد فعه لاحتجازه في المنزل منذ شهر أغسطس الماضي لإجباره على الإفصاح عن مكان إخفاءه قيمة التمثال، لكن دون جدوى.
حُرر محضر بالواقعة، أحاله اللواء عصام سعد، مساعد وزير الداخلية لأمن الجيزة، إلى النيابة العامة التي أمرت بحبس المتهمين 4 أيام على ذمة التحقيق، وحجز تاجر السيارات عقب تقديم الإسعافات اللازمة له.
فيديو قد يعجبك: