لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"كنز علي بابا بينادينا".. كيف سقطت عصابة "عز الضهر" بعد 16 يومًا تحريات؟

08:15 ص السبت 27 أكتوبر 2018

أرشيفية

كتب - محمد شعبان:

5 سنوات قضاها "عصام" داخل أروقة شركة "فارما لاند" لتصنيع وبيع الأدوية، كان قانعًا بما قسمه الله له، إلا أن رفقاء السوء قادوه للتفكير في خيانة الأمانة والتخطيط لتحقيق ثروة طائلة "في غمضة عين"، غير أن المسرحية الهزلية لم تنته أحداثها بحصول البطل على لقب "مليونير" بل زُجّ به خلف القُضبان.

على أحد مقاهي منطقة الهرم في محافظة الجيزة؛ جلس "عصام" مع عدد من أصدقائه، أخذّ يحدثهم عن طبيعة عمله كمشرف على أذونات وخط سير السيارات الناقلة للأموال.

مرَّت كلمات "عصام" على مسامع الحضور مرور الكرام بينما التقطها "حاتم" -المعروف بسجله الإجرامي- ارتسمت بعدها ملامح الفرحة على وجهه ليخبره: "إحنا كنز علي بابا بينادينا.. خلاص يا جدعان هننسى الفقر"، ظنَ الحاضرون أن الأمر محض مُزحة أطلق فيها صديقهم العنان لأفكاره بعيدًا عن أرض الواقع لكنه عاد ليؤكد: "انت إزاي ساكت السنين دي كلها.. أخيرًا الدنيا هتضحك لنا".

بصوت خافت -على غير عادة جلستهم- بدأ "حاتم" يشرح تفاصيل خطته الشيطانية للسطو على إحدى سيارات الشركة التي كانت في طريقها إلى البنك، وراح يوزع الأدوار ما بين المراقبة والتنفيذ: "هنحتاج سلاح وأقنعة.. مش لازم حد يعرفنا".

ظُهر يوم 9 أكتوبر الماضي، بدت الأمور طبيعية داخل قسم شرطة الهرم، يجلس العقيد عادل أبو سريع، مأمور القسم، تأتيه إشارة عبر جهاز اللاسلكي تُفيد بوقوع حادث سطو مسلح في شارع كعابيش.

انطلق مأمور القسم يرافقه المقدم محمد الصغير، رئيس مباحث الهرم، ومعاونوه إلى محل البلاغ، ليهرول مدير الشركة صارخًا: "3 ملثمين راكبين توك توك، ثبتوا عربية الشركة بالسلاح، وسرقوا مليون و800 ألف جنيه".

داخل مكتبه في مديرية أمن الجيزة، تلقى اللواء محمد الألفي، نائب مدير مباحث الجيزة، الخبر ليتصل على الفور بالعميد أسامة عبدالفتاح، رئيس المباحث الجنائية لقطاع الغرب، موجهًا بسرعة تشكيل فريق بحث على أعلى مستوى بالتنسيق مع قطاع الأمن العام؛ لتحديد وضبط مرتكبي الحادث، وإعادة المبلغ المستولى عليه.

بالعودة إلى محل الحادث الذي تحول إلى ثكنة عسكرية وسط انتشار رجال الشرطة (زي مدني - ميري)، وجه المقدم محمد الصغير معاونوه الرائد هاني عجلان والنقيبين محمد سعودي ومصطفى لاشين، بإعداد قائمة بأسماء العمال الحاليين والسابقين بالشركة، وفحص ما التقطته كاميرات المراقبة في المنطقة.

الأمر ليس باليسير، ويحتاج لمزيد من عناصر البحث، يوجه اللواء رضا العمدة، مدير مباحث الجيزة، بمشاركة عدد من ضباط مباحث قطاع الغرب (الجيزة - بولاق الدكرور - الطالبية - العمرانية)، ليصل الإجمالي إلى نحو 15 ضابطًا.

طوال 72 ساعة، جرى استجواب العمال بالشركة، من قِبل الرائد هاني عجلان، معاون مباحث الهرم، حتى وقعت عيناه على تصرفات بدت غريبة بعض الشيء لشاب يُدعى "عصام"، وكأنه يتجسس على تحركات مدير الشركة، ورغبته الملحة في التعرف على نتيجة فحص كشوفات الموظفين من قبل المباحث.

"يا بيه دول 6 عربيات بيطلعوا مع بعض.. 5 محملين بالأدوية والأخيرة فيها الفلوس".. كلمات جاءت على لسان أحد الموظفين، أيقن معها الرائد هاني عجلان أن العقل المدبر للحادث ليس غريبًا وعلى دراية تامة بموعد وخط سير السيارات، وراح يسأل العمال حول المشتبه بهم فكان القاسم المشترك بين جميع الأسماء هو "عصام"، خاصة أنه حصل على إجازة مفاجئة ذلك اليوم.

منذ انضمامه لفريق البحث، عمد الرائد معتصم رزق، معاون أول مباحث الجيزة، إلى تتبع خط سير هروب الجناة، لكن اتساع المساحة الجغرافية صعَبْ المهمة، إذ تم فحص كاميرات مراقبة عشرات المحال التجارية والعقارات، ليتوصل إلى أن سيارة ملاكي كانت في انتظار منفذي الحادث بنهاية شارع العشرين بمنطقة فيصل بعدما سلكوا مطلع الطريق الدائري بالمريوطية، وذلك بعد جهود بحث وتحري استمرت 4 أيام.

على مدار جلسات عدة، عكف الرائدان معتصم رزق وهاني عجلان على مناقشة "عصام" الذي بدى حديثه مُرتبًا لدرجة تثير الشكوك، خاصة بسؤاله عن مكان تواجد أثناء تنفيذ الواقعة: "أنا كنت في العجوزة ومعايا رقم سواق اتصلت من تليفونه"، ليستكمل: "كنت عارف إنكم هتسألوني!"، لتزداد شكوك رحال المباحث، خاصة مع تأكيد التحريات بأنه شخص سيء السمعة والسلوك.

حمل اليوم الخامس مفاجأة سارة تكشفت معها طلاسم القضية -التي حظت باهتمام قيادات المديرية- إذ تبين كذب كلام "عصام" ووجود تناقض في روايته ليُقر بجريمته: "خلاص هعترف.. دي كانت مصلحة وهنعملها ونعيش بعدها"، زاعمًا بأن دوره اقتصر على إمداد منفذي الحادث بالمعلومات فقط.

أمام اللواء محمد الألفي؛ قال المتهم إنه استعان بمسجل خطر يدعى "حاتم" أحضر 6 آخرين بالإضافة إلى شقيقه الأصغر "محمد"، 24 سنة، سائق، والذي اقتصر دوره على نقلهم والمبلغ عقب تنفيذ حادث السطو، مشيرًا إلى أن المتهمين "أحمد مراجيح" و"ياسر بلاوي" شاركا في عملية التنفيذ، وقاد "ماجد" التوك توك، الذي بدل ملامحه "عمل فرش جديد" عقب تنفيذ الواقعة.

بعد سماع اعترافات المتهم الرئيسي، بات الشغل الشاغل هو تحديد وضبط المتهمين، وانطلقت 5 مأموريات بقيادة المقدم محمد علي وكيل فرقة الهرم، والعقيد محمد الشاذلي، مفتش المباحث، والرائد معتصم رزق، معاون أول مباحث الجيزة، والرائدين محمد الجوهري رئيس مباحث بولاق الدكرور والرائد مصطفى عبدالله رئيس مباحث الطالبية بالإضافة إلى الرائد محمد نجيب، معاون مباحث العمرانية، تمكنت من ضبط 5 متهمين بينهم شقيق "عادل"، وبحيازتهم بندقيتين آلي وخرطوش ومبلغ مليون و100 ألف.

مع سقوط المتهمين واحدًا تلو الآخر وإعادة جزء كبير من المبلغ، تنفس الضباط المشاركون في فريق البحث الصعداء بعد 16 يومًا من البحث والتحري والمطاردات على مدار الـ24 ساعة، ليتلقوا إشادة وثناء اللواء دكتور مصطفى شحاتة، مدير أمن الجيزة، الذي نقل لهم تحية وزير الداخلية اللواء محمود توفيق: "انتم شرفتم المديرية كلها يا رجالة".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان