شنطة ورجل مكسورة واستعانة بصديق.. كيف سقطت عصابة المغامرون الأربعة بالعجوزة؟
كتب - محمد شعبان:
خطة محكمة شرع مسجل خطر في تنفيذها لتحقيق حلم العمر بالثراء السريع بعد فشل مساعيه السابقة التي عادة ما تنتهي بسقوطه في قبضة المباحث، الهدف هذه المرة بدى مختلفا، شركة سياحة شهيرة بمنطقة المهندسين، إذ نجح في الاستيلاء على مبلغ 400 ألف جنيه، وظن أن المهمة كللت بالنجاح ليستفيق على "كمين الشرطة".
منذ أسبوع، كان صاحب الـ39 ربيعًا يتجول في شارع جامعة الدول العربية، وقعت أنظاره على لافتة ضوئية مثبتة على شقة في الطابق الأول علوي حيث مقر شركة سياحة يملكها رجل أعمال يحظى بمكانة مميزة في المجتمع.
وسوس الشيطان للشاب الثلاثيني بأنه على بعد خطوات من توديع "الفقر" وجني المال عبر بوابة السرقة، ليبدأ في مراقبة الشركة على مدار عدة أيام للوقوف على كل صغيرة وكبيرة ومن ثم وضع خطته وحدد "ساعة الصفر" في وقت متأخر من الليل.
تسلل الشاب إلى الداخل، وبدأ في كسر باب الخزينة الحديدي لكن الأمر استغرق قرابة ساعتين، وقعت بعدها عيناه على آلاف الجنيهات حلم معها بغدٍ أفضل، إذ ارتسمت علامات الفرحة على وجهه، وضع صاحب الـ39 سنة الأموال في حقيبة كبيرة -أعدها لذلك- في طريقه للهرب، لكن كُسرت ساقه أثناء قفزه من أعلى، فبات غير قادر على حمل الحقيبة ليقرر مغادرة المكان دونها.
واستقل صاحب السجل الجنائي المتنوع سيارته، وعلامات الحزن تعلو جبينه، وأخرج هاتفه واتصل بـ3 من أصدقائه طلبا للمساعدة: "تعالوا بسرعة في أمر حياة أو موت".
صباح الأحد الماضي، بدا الطقس غير مستقر مع انخفاض درجات الحرارة، ومع وصوله مكتبه، عمد العقيد عمرو البرعي مفتش مباحث قطاع غرب الجيزة، إلى احتساء مشروب ساخن لكن صوت جهاز اللاسلكي القابع أمامه لم يمنحه الفرصة، ليتلقى إشارة من شرطة النجدة بوقوع حادث سرقة لإحدى الشركات بشارع جامعة الدول بدائرة قسم شرطة العجوزة، وأيقن معها أن برودة الطقس ستزول مع سخونة أحداث ذلك اليوم.
شركة في الطابق الأول علوي، بعثرة في محتوياتها، كسر في باب الخزينة، اختفاء مبلغ مالي، تصف الكلمات ما جاء في المعاينة الأولية للمقدم مجدي موسى، وكيل القطاع، ليؤكد مالك الشركة أنه اكتشف سرقة مبلغ 400 ألف جنيه بعد كسر باب الخزينة دون أن يتهم أحد بالوقوف وراء الواقعة.
وحرص العقيد عمرو البرعي على تفقد أرجاء الشركة، ولفت انتباهه وجود نافذة مفتوحة في الجزء الخلفي من الشركة فضلا عن طريقة كسر الخزينة التي تشير إلى أن المتهم استغرق وقتا طويلا في إنجاز مهمته.
بالعودة إلى مقر قطاع شمال الجيزة، يتابع العميد عمرو طلعت رئيس المباحث الجنائية للقطاع، تطورات ذلك البلاغ الصباحي، موجها بفحص العاملين الحاليين والسابقين في الشركة، وتفريغ محتوى كاميرات المراقبة، ومعاينة العقار بدقة شديدة.
48 ساعة فقط احتاجها ضباط المباحث لفك طلاسم الواقعة، إذ رصدة كاميرات المراقبة شابا تسلل إلى الداخل عبر النافذة -التي رصدتها المعاينة- ومكث نحو ساعتين، غادر بعدها دون حقيبة كان يحملها أثناء هروبه، لكن الغريب في الأمر حضوره و3 آخرين تسللوا إلى الداخل، وشوهدوا أثناء هروبهم وبحوزة أحدهم الحقيبة التي تركها المتهم الأول.
من خلال المشاهدات ومراجعة قوائم أرباب السوابق، توصلت جهود المباحث إلى أن المتهم الرئيسي عاطل يقيم في القاهرة سبق اتهامه في عدة جرائم سرقة، وانطلقت مأمورية قادها الرائد مصطفى خليل، رئيس مباحث العجوزة، تمكن من ضبطه.
أمام اللواء محمد عبد التواب، نائب مدير مباحث الجيزة، أدلى المتهم باعترافات تفصيلية قائلا: "حظي وحش.. بعد ما سرقة الفلوس من الخزنة رجلي اتكسرت ومقدرتش أهرب بالشنطة"، مضيفا أنه استعان بثلاثة من أصدقائه الذين حضروا وحصلوا على الحقيبة.
وتمكن النقيب أحمد عادل والنقيب أدهم أبو اليزيد، معاونا مباحث العجوزة، من ضبط المتهمين الثلاثة من خلال أكمنة بالأماكن التي يترددون عليها، وأيدوا صحة التحريات وأقوال "العقل المدبر" الذي أرشد عن المبلغ المستولى عليه، وتم إعادته ليتوجه صاحب الشركة بالشكر لرجال المباحث بالقطاع على جهودهم.
فيديو قد يعجبك: