ننشر حيثيات رفض إعادة ضابط ملتحي للخدمة
كتب -محمود الشوربجي:
قضت المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها، بمجلس الدولة، اليوم الثلاثاء، برفض دعوى أقامها أحد الضباط الملتحين ويدعى محمد عبد الغفور البتانوني، طعناً على قرار وزير الداخلية بإحالته للمعاش عقاباً على إطلاقه للحيته.
وجاء في حيثيات الحكم، أن المادة (67) من القانون رقم 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة تنص على أن :"لوزير الداخلية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة أن يحيل الضباط - عدا المعينين في وظائفهم بقرار من رئيس الجمهورية - إلى الاحتياط وذلك؛ إذا ثبتت ضرورة ذلك لأسباب جدية تتعلق بالصالح العام ، ولا يسري ذلك على الضباط من رتبة لواء، ولا يجوز أن تزيد مدة الاحتياط على سنتين، ويُعرض أمر الضابط قبل انتهاء المدة على المجلس الأعلى للشرطة؛ ليقرر إحالته إلى المعاش أو إعادته إلـى الخدمة العاملة، فإذا لم يتم العرض عاد الضابط إلى عمله ما لم تكن مـدة خدمته انتهت لسبب آخر طبقاً للقانون، وتعتبر الرتبة التـي كـان الضابـط يشغلها شاغـرة بمجرد إحالته إلـى الاحتياط.
ومن حيث أن المستفاد من هذا النص - حسبما جرى به قضاء المحكمة الإدارية العليا - أن "المشرع خول وزير الداخلية إحالة الضابط، إذا لم يكن معيناً بقرار جمهوري، ولم يكن شاغلاً لرتبة لواء إلى الاحتياط، واشترط لذلك قيام أسباب جدية تتعلق بالصالح العام، تؤكد وتثبت ضرورة إحالة الضابط إلى الاحتياط دون مواجهته بما هو منسوب إليه أو سماع دفاعه في تحقيق أو محاكمة تأديبية.
ويستهدف نظام الإحالة إلى الاحتياط تنحية الضابط من وظيفته لمدة معينة لا تجاوز السنتين، بقصد تنبيهه إلى اعوجاج سلوكه حتى يرجع إلى جادة الصواب – مقتضى ذلك ولازمه وضع الضابط خلال فترة الاحتياط تحت الرقابة والفحص بصفة دائمة طوال مدة الاحتياط حتى يتثنى عرض أمره قبل نهايتها على المجلس الأعلى للشرطة؛ ليقرر إما عودته إلى الخدمة إذا ما تبين أنه استقام في سلوكه واعتدل في تصرفاته، بما يرجح عودته إلى التكيف مع ما تفرضه عليه طبيعة وظيفته من واجبات أو إحالته إلى المعاش إذا ما تبين أنه مازال مصراً على سلوكه المعوج إلى الحد الذي يفقده الصلاحية في هيئة الشرطة –، إن أسباب الإحالة إلى المعاش بعد الإحالة إلى الاحتياط وإن كانت ترتبط بأسباب الإحالة إلى الاحتياط إلا أنها يتعين أن تستخلص من وقائع تالية للإحالة إلى الاحتياط وليست سابقة عليها.
كما ذهبت الحيثيات إلى أن "المشرع سن نظامين لمواجهة اعوجاج سلوك الضباط والمخالفات التي تصدر عنه، أحدهما النظام التأديبي الذي يهدف إلى تقويم سلوك الضابط بتوقيع الجزاء المناسب، وثانيهما نظام الإحالة إلى الاحتياط، وهو نظام من شأنه تنحية الضابط عن وظيفته وسلبه حقوقها ومزاياها وإبقاءه مدة لا تزيد عن سنتين متربصاً إما إعادته للخدمة أو أحالته إلى المعاش، وهو جزاء يُوقع على الضابط بغير الطريق التأديبي الذي نظمه القانون دون تحقيق يجرى معه ثم معاقبته إدارياً، أو بعد محاكمته تأديبياً أمام مجلس التأديب.
والمشرع أسند سلطة الإحالة إلى الاحتياط إلى وزير الداخلية، وقيده في ممارسة تلك السلطة بثبوت ضرورة تلك الإحالة من واقع أسباب جدية تتعلق بالصالح العام، ويصدر قراره بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة، والإحالة إلى الاحتياط يجب أن تكون مستنده إلى ضرورة تقتضيها وأسباب ذات صلة بالصالح العام، وخطورة تبررها، فأسباب الإحالة إلى الاستيداع تخضع لرقابة القضاء سواء من حيث وجودها المادي أو القانوني أو من حيث تكيفها، وتقدير مدة الخطورة الناجمة عنها، ولا يعد ذلك تدخلاً من المحكمة في أمر متروك تقديره للسلطة الإدارية، وإنما هو إعمال لحق المحكمة في الرقابة القضائية والقانونية على القرارات الإدارية.
تابعت الحيثيات: واستقر قضاؤها على أن " المشرع في قانون هيئة الشرطة وضع نظامين لمواجهة سلوك الضباط والمخالفات التي تصدر عنه، أحدهما النظام التأديبي لعقاب الضابط ومجازاته تأديبياً عن المخالفات التي تثبت في حقه وذلك من خلال المحاكمة التأديبية، وثانيهما نظام الإحالة إلى الاحتياط، والذي قد يكون مقدمة إلى الإحالة إلى المعاش، فالنظامان يشتركان في أن كلاً منهما يواجه وقائع ومخالفات إلى الضابط.
أوضحت: إحالة الضابط إلى الاحتياط من شأنها تنحيته عن وظيفته وسلبه حقوقها ومزاياها، وإبقاؤه مدة لا تزيد على سنتين متربصاً أما إعادته إلى الخدمة أو إحالته إلى المعاش، وقرار الإحالة إلى الاحتياط بهذا المعنى يعتبر نوعاً من الجزاء يوقع على الضابط بغير الطريق التأديبي الذي نظمه القانون وبغير إجراء تحقيق مع الضابط – ومن ثم – فهو نظام استثنائي اختصه المشرع بضوابط وشروط خاصة يجب توافرها حتى يسوغ لجهة الإدارة أن تترك النظام التأديبي وهو الأصل إلى نظام الاحتياط وهو الاستثناء، وليس كل خروج على واجبات الوظيفة أو مقتضاها يسوغ لجهة الإدارة التدخل بنظام الإحالة إلى الاحتياط لمواجهة المخالفات التي تنسب إلى الضابط؛ إنما يجب أن يتوافر قدر من الجسامة والخطورة يبرر حالة الضرورة الملحة التي تستوجب الخروج على نظام التأديبي، وذلك بأن تقدم أسباباً جدية تتعلق بالصالح العام، تلك الأسباب تخضع لرقابة المحكمة سواء من حيث وجودها المادي أو القانوني أو من حيث تكييفها.
فيديو قد يعجبك: