إعلان

بعد "حضن" طالبة المنصورة.. هل العقاب التأديبي يمنع المحاكمة أمام الجنح؟

07:00 ص الثلاثاء 15 يناير 2019

كتب- محمود الشوربجي:

على مدار الفترات الطويلة الماضية، وقعت العديد من حالات تقدم طلاب بالمراحل التعليمية المختلفة لخطبة زميلاتهم أمام جمع الطلاب دون حرج، لكن البعض منهم تمادى بصورة لافتة أثناء إقدامهم على ذلك؛ حتى وصل الأمر إلى إقبال أحد الشباب على احتضان زميلته في كافيتيريا كلية اللغة العربية- فرع الجامعة بالمنصورة.

واقعة جامعة المنصورة ليست الأولى التي شهدت هذا الخروج عن المألوف داخل الحرم الجامعي، فقد سبقتها وقائع أخرى، مثل واقعة الطالبة "دينا" صاحبة واقعة الحضن داخل حرم كلية الحقوق بجامعة طنطا.

العقوبة التأديبية التي تصدر ضد هؤلاء الطلاب ربما ليست كافية وفق عدد من القانونيين لردع تلك التجاوزات، ففي واقعة المنصورة قرر مجلس التأديب الأعلى للطلاب بجامعة الأزهر، في جلسة طارئة مساء أمس، إلغاء قرار مجلس التأديب الصادر بالفصل النهائي للطالبة، وتخفيف عقوبتها بالاكتفاء بحرمانها من دخول امتحانات الفصل الدراسي الأول لهذا العام فقط، حرصًا على مستقبلها التعليمي، وذلك بعدما ظهرت في فيديو يقوم شخص باحتضانها داخل حرم الجامعة.

كما قررت جامعة المنصورة، أمس الاثنين، فصل الطالب "محمود.ر.أ" الطالب بالفرقة الأولى بكلية الحقوق، بطل فيديو الحضن لمدة عامين لخروجه عن القيم والأعراف الجامعية بعد عرضه على مجلس التأديب.

وكانت جامعة طنطا، قررت في 16 أكتوبر 2017، حرمان الطالبة "دينا"، صاحبة الحضن الشهير فى كلية الحقوق مع زميلها، من دخول امتحان مادة واحدة، وفصل 6 آخرين لمدة شهر ومنعهم من دخول الكلية طوال تلك الفترة؛ لتصويرهم الواقعة ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، كما قررت الجامعة وقف إخصائي الأمن 3 أشهر عن العمل.

هذه الوقائع ليست وليدة اللحظة فقد سبقتها حالات أخرى، مثل التي حدثت داخل كلية الصيدلة في جامعة الزقازيق، في عام 2015، حينما تداول رواد الـ "فيس بوك" صورًا لواقعة تقدم شاب بجامعة الزقازيق، بتزيين سيارته وحمل بوكيه ورد ووضع لافتة كبرى مكتوب عليها "تتجوزيني".

على هامش العقوبات التأديبية تسأل البعض عما إذا كانت تلك التصرفات قد تعرض مرتكبيها إلى عقوبات من محاكم الجنح وهو ما حاول عدد من القانونيين تفسيره.

يقول طارق نجيده المحامي، إن العقوبات التأديبية التي تصدر في الوقائع المختلفة لا تمنع المحاكمة الجنائية لمرتكبيها؛ حال ارتكاب أفعال تستدعي الإحالة لمحكمة الجنح، موضحًا أن الجامعات التعليمية ينطبق عليها نفس الأمر وأن بعض الوقائع قد تحال إلى المحاكمة سواء كانت تتعلق بطلاب أو موظفين أو أساتذة جامعيين.

أضاف في تصريحات خاصة لمصراوي، أن واقعة "حضن" طالبة جامعة المنصورة من الصعب وصفها على أنها فعل فاضح، وبالتالي من الصعب تقدم أي شخص ببلاغ إلى النيابة العامة يتهمها وزميلها بارتكاب فعل خادش للحياء العام ومن ثم محاكمتهم أمام الجنح، رغم أن القانون لا ينمع إحالة الوقائع التي يثبت أنها "فعل فاضح إلى المحاكمة الجنائية.

أشار إلى أن الأمن الجامعي مطالب بمنع تلك الوقائع بالإضافة إلى أهمية الالتزام بمثياق التعليم الأخلاقي، لمنع وقوع أفعال مماثلة، لافتًا إلى أن قرار الفصل النهائي بحق الطلاب المخالفين يُعد عقوبة مغلظة ومن الممكن تخفيفه حفاظًا على مستقبل هؤلاء الطلاب والاكتفاء بفصل عام دراسي بدلا من القضاء على مستقبلهم التعليمي تمامًا.

لفت إلى أن ارتكاب الفعل الفاضح والمعاقبة عليه يستوجب أن يكون هذا الفعل خادشًا للحياء العام والعادات والتقاليد المتعارف عليها، وهنا يتم معاقبة مرتكبيها أمام محاكم الجنح واحتمالية تعرضهم للحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تتجاوز ثلاثمائة جنيه.

وفي وقت سابق أمس، طالب فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، من مجلس التأديب الأعلى للطلاب بجامعة الأزهر إعادة النظر في العقوبة التي تم توقيعها من قبل مجلس تأديب الطلاب بالجامعة بحق إحدى طالبات كلية الدراسات الإسلامية والعربية بالمنصورة، لإقدامها على تصرف غير مقبول، خلال تواجدها خارج مقر الجامعة، بما يمس تقاليدنا الدينية والشرقية.

ودعا شيخ الأزهر مجلس التأديب الأعلى للطلاب بالجامعة إلى أن يضع في اعتباره حداثة سن الطالبة، والحرص على مستقبلها التعليمي، وأن يقوم بواجب النصح والإرشاد قبل اللجوء لفرض العقوبات.

من جانبه يقول محمد سالم المحامي بالنقض، أن الفعل الفاضح يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة، والتي تبني عقيدتها وفق ما يقدم إليها من صور وفيديوهات ومستندات تؤكد ثبوت ارتكاب الفعل الخادش للحياء، ومن ثم تحديد العقاب المستحق أو البراءة.

أضاف في تصريحات خاصة لمصراوي، أن العقوبات التأديبية التي تصدر بحق كثير ممن ارتكبوا مخالفات لا تمنع إمكانية تعرضهم لعقوبات جنائية أيضًا حال ارتكاب جرم يُعاقب عليه القانون، موضحًا أن وقائع احتضان الطالبات من بعض زملائهم داخل الحرم الجامعي تعد مخالفة يعاقب عليها القانون لكونها فعل خادش للحياء داخل مكان تعليمي له قدسيته الخاصة، وهذا ما حدث داخل جامعة الأزهر بالمنصورة، الممنوع ارتكاب مثل تلك الأفعال بها.

أشار إلى أن أي شخص متضرر من تلك واقعة جامعة المنصورة -سواء كان عميد الكلية أو رئيس الجامعة أو أي من الطالبات داخل الجامعة- يحق له التقدم ببلاغ إلى النيابة العامة مرفق بالفيديوهات المتداولة للواقعة، ومن ثم تقرر النيابة العامة وفق ما تراه سواء بإحالة الواقعة للمحاكمة أمام الجنح أم لا.

وتنص إن المادة رقم 278 من قانون العقوبات، والتي تختص بعقوبة الفعل الفاضح العلني والخادش للحياء، والتي تصل إلى الحبس والغرامة، على أنه: "كل من فعل علانية فعل فاضح مخل بالحياء، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة أو بغرامة لا تتجاوز 300 جنيه".

وكان الدكتور محمد المحرصاوي، رئيس جامعة الأزهر، صرح لمصراوي، أن ما فعلته الطالبة خروج كامل عن القيم الأزهرية والمجتمعية والجامعية كافة.

فيديو قد يعجبك: