"تعبت من الحياة والسجن أهون".. حكاية أم قتلت طفلها في 3 دقائق بإمبابة (صور)
كتب - محمد شعبان:
صدمة ممزوجة بحزن وأسى سيطرت على الحضور بقسم الاستقبال بمستشفى إمبابة العام، الأربعاء الماضي، دموع تتساقط في صمت حزنا على وفاة طفل لم يتعد الـ12 من العمر، يرفع بعضهم أكف الضراعة داعين الله أن يربط على قلب والدته الأربعينية التي فقدت فلذة كبدها للتو لكنهم كانوا على موعد مع صاعقة مع ترديد الأم عبارة واحدة: "أنا اللي قتلته بإيدي".
منذ 20 سنة، تركت "صالحة" مسقط رأسها بمحافظة أسوان رفقة زوجها "حسن" واستقر بهما الحال في شقة بسيطة بعقار مكون من 4 طوابق بشارع مراد المتفرع من ميدان الكيت في منطقة إمبابة، إذ رُزقا بـ"نورا" وطفلين "محمد، إسلام"، وتعاهدا على السير معا لنهاية الرحلة وتربية أطفالهما قدر المستطاع لكن خلافات الزوجين لم تنقطع.
كغيرها من الأمهات، ظل حُلم رؤية ابنتها الكبرى ترتدي فستان الزفاف الأبيض يراودها طيلة حياتها، لكن تحول الحلم سرابا مع ارتباط ابنة الست صالحة عاطفيا بشاب لا يملك قوت يومه بحصوله على لقب "عاطل" فضلا عن أخلاقه غير السوية، وحاولت الأم إثناء فلذة كبدها عن المضي قدما في تلك العلاقة لكن تشبث الابنة حال دون ذلك.
ورضخت الأم لتوسلات الابنة، وتم عقد قرانها على محبوبها، إلا أن تلك الزيجة لم تكلل بالنجاح -كما توقعت- لم تتحمل الابنة زوجها سوى شهر واحد كان كفيلا باكتشافها طباعه وسلوكياته السيئة كما حذرتها والدتها وأصدقائها إلا أنها كانت أسيرة كلامه المعسول، لتعود الابنة إلى منزل أسرتها محملة بخيبة أمل وهموم تُثقل كتفيها.
منذ أشهر عدة، توترت العلاقة بين الست صالحة وزوجها العامل في سنترال الزمالك، غادرت على إثرها المنزل، واستأجرت غرفة بسيطة بمنطقة "الجزيرة" في إمبابة أيضا، لكن عزلتها انتهت منذ 40 يوما لتعود إلى عش الزوجية للعناية بأولادها.
لم تقتصر الخلافات على الزوجين، بل امتدت للأم وابنتها بعد طلاقها، وبات صوت شجارهما سيناريو يومي اعتاد عليه الجيران حسب أحدهم "إحنا كل يوم نسمع صوت خناق من بيت الست صالحة.. اتعودنا خلاص"، لكن سرعان ما يخيم الهدوء على المنزل مع تدخل سكان العقار.
الأربعاء الماضي، تسبب سوء الأحوال الجوية ونشاط الرياح المحملة بالأتربة في التزام الكثيرين منازلهم حتى أن شارع مراد بدى خاليا من المارة وأغلقت غالبية المحال أبوابها هربا من العاصفة لكن عقب صلاة الظهر، نمى إلى مسامعهم صوت استغاثة من منزل الست صالحة، وأسرع الجيران للوقوف على حقيقة ما يدور ليجدوا "إسلام" -الابن الأصغر لها- جثة هامدة على الأرض، بينما تتسمر والدته في موضعها.
حمل الجيران الابن إلى أقرب صيدلية، إلا أن الطبيبة أخبرتهم بضرورة التوجه إلى مستشفى لإنقاذه، ليوقف أحدهم "توك توك" ويصطحب الست صالحة وابنها إلى مستشفى الموظفين ليخبرهما طبيب قسم الاستقبال بالحقيقة المُرة "البقاء لله.. ده مات من ساعة" لتنطلق صرخات الأم مرددة عبارة: "أنا اللي قتلته.. كنت بضربه علشان مش بيذاكر ولا عاوز يروح الامتحان"، ليصاب الجميع بذهول حتى أن أحدهم طلب منها التزام الصمت لتكرر نفس الكلمات قائلة: "خنقته من غير ما أحس.. السجن أهون من العيشة اللي أنا فيها".
على الفور، أبلغ فرد الشرطة في نقطة المستشفى إدارة النجدة، وانتقل العقيد محمد عرفان مفتش مباحث شمال الجيزة والمقدم محمد ربيع رئيس مباحث إمبابة إلى محل البلاغ، واطلعا على التقرير الطبي للمتوفى، واستمعا لأقوال الأم التي أقرت بفعلتها "يا بيه تعبت من الحياة ومشاكلها.. مكنش قصدي أقتله ده ضنايا الموضوع كله محصلش 3 دقائق".
ووسط حراسة أمنية مشددة، اصطحبت قوة من القسم المتهمة إلى منزلها لإجراء معاينة تصويرية بينما يخيم الصمت الممزوج بالحسرة على الأهالي ليؤكد صاحب محل خردوات: "دي كانت روحها فيه.. الست دي صعبانة عليا شافت في حياتها كتير".
فيديو قد يعجبك: