لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مكالمة نص الليل ونار الانتقام.. 72 ساعة "أكشن" كشفت لغز "مزرعة البدرشين"

10:01 ص الجمعة 03 مايو 2019

ارشيفية

كتب - محمد شعبان:

"مش مكفيه رجعناله العربية سليمة.. صعبان عليه كراتين البيض وإحنا مش مهم!" كلمات أشعلت غضب "ر.م" لدى حديثه مع والده الستيني لدى تناقشهما في قرار صاحب العمل بطردهما غير عابئ بما قدماه منذ التحاقهما بالعمل في مزرعة الدواجن ملكه.

حاول الأب أن يكبح جماح نجله الشاب مبشرا إياه بأن الله سيعوضهما خيرا، إلا أن كلماته لم تلق قبولا لدى صاحب الجسد مفتول العضلات الذي راح يؤكد مرة ثانية أنهما لا يستحقان تلك النهاية بقوله: "دي حادثة كبيرة مش صغيرة وعملنا المستحيل علشان ميبقاش في خسائر.. إيه يعني 120 طبق بيض اتكسروا؟".

ينزوي ابن الـ30 سنة في أحد أركان المنزل متذكرا ما حدث صباح ذلك اليوم مطلع شهر أبريل الماضي عندما كان يستقل سيارة تابعة لمزرعة دواجن بمركز البدرشين رفقة والده في طريقهما لتوصيل "طلبية بيض" إلى أحد المتعاملين مع المزرعة لكنهما تعرضا لحادث اصطدام قوي وكادا يفقدان حياتهما، ليأتي قرار صاحب العمل بطردهما.

أسبوعان مرا على طرد الشاب وأبيه من العمل، لم تنطفئ خلالهما نار الانتقام داخل الأول الذي اتخذ قرارا بأن يكرس وقته بحثا عن خطة تمكنه من العودة للانخراط في الحياة مجددا.

الثالثة فجر أحد أيام الشهر الماضي يجلس النقيب محمد جمال معاون مباحث البدرشين في مكتبه حيث "النوبتجية الليلية" ينهي بعض الأعمال المكتبية حتى تلقى إشارة من شرطة النجدة بإبلاغ مالك مزرعة دواجن عن وقوع حادث سطو مسلح وسرقة مبلغ مالي.

دقائق معدودات فصلت الضابط الشاب عن الوصول لموقع البلاغ تبعه بوقت قصير المقدم حسام بكير وكيل فرقة جنوب الجيزة، المعاينة الأولية وأقوال أفراد الأمن الإداري تشير إلى أن ملثمين اثنين يحملان أسلحة نارية تسلللا خلسة عبر فتحة بنافذة خلفية، وقيدا العمال ودلفا إلى غرفة المندوب المالي وكبلاه أيضا بالحبال واستوليا على 400 ألف جنيه.

خلال اليوم الأول لفريق البحث المشكل بتوجيهات من اللواء رضا العمدة مدير مباحث الجيزة ويترأسه نائبه اللوا محمد الألفي بمشاركة العميد عبدالرحمن أبوضيف رئيس قطاع الجنوب، انحصر اهتمام رجال الشرطة على فحص العمال الحاليين والسابقين بالمزارع الأربعة التي يمتلكها المجني عليه بإجمالي 800 شخص.

مع شروق شمس اليوم الثاني بات الفحص أكثر تحديدا ليشمل 200 عامل في المزرعة محل الواقعة، توصلت تحريات المقدم حسام بكير إلى الاشتباه في 6 عمال، ضُبط منهم اثنان تبين عدم تورطهما في ارتكاب الواقعة لتتجه أصابع الاتهام نحو سائق ونجله لا سيما أنه تم فصلهما قبل أسبوعين من الحادث.

يقطن الأب ونجله في نفس الشارع بإحدى قرى مركز العياط، وتم ضبط الأول وتبين أنه هارب من حكم بالسجن المؤبد في قضية سرقة بالإكراه لتزداد شكوك المباحث حول احتمالية تورطه وابنه في ارتكاب الواقعة مع تأكيد التحريات لممارسة الابن أعمال السرقة بالإكراه "تثبيت السيارات" إبان أحداث ثورة 25 يناير عام 2011.

بالعودة إلى مقر انعقاد فريق البحث، كان المقدم حسام بكير يعد مأمورية لضبط "ر.م" بعد التحفظ على أبيه، وأمكن ضبطه بمنزله لكنه حاول مراوغة رجال المباحث بقوله "أنا نمت 11 بالليل وصحيت 7 الصبح" لكن تبين أنه أجرى مكالمات بين الثانية والثانية النصف فجرا "توقيت الحادث".

صباح اليوم الثالث تمكن العقيد علي عبدالكريم مفتش فرقة العياط والبدرشين ونائبه الرائد مصطفى مخلوف والرائد أحمد صبحي رئيس مباحث العياط من ضبط أحد المتهمين بفضل التحريات السرية فكان سقوطه بمثابة مفتاحٍ للغز إذ أدلى باعترافات تفصيلية عما جرى تلك الأمسية وأرشد عن الباقين شارحا دور كل منهم فتمت إعادة جزء من المبلغ المستولى عليه.

لم ينتهِ الأمر بعد رغم وصول عدد المقبوض عليهم إلى 5 متهمين بمشاركة الرائد هاني عماد رئيس مباحث أبوالنمرس والرائد أحمد عكاشة رئيس مباحث البدرشين، لا يزال منفذا الحادث هاربين الأول شهرته "الكابتن" الذي كان يحمل السلاح الآلي والثاني شهرته "بطة".

أعد المقدم حسام بكير والنقيب محمد جمال والنقيب أحمد يحيى أكمنة عدة بمحيط سكنه خشية اقتحام المنزل كونه مسلحا، إلا أنهم فوجئوا لدى خروجه من الباب بتوقف سيارة قفز بداخلها محاولا الهرب، فطارده الضباط لمسافة 3 كيلو مترات حتى لحق به النقيب "جمال" وتمكن من السيطرة عليه قبيل إخراجه بندقية آلية كان يخفيها و5 خزائن داخل جوال.

رويدا رويدا بدأت الصورة تكتمل أمام فريق البحث تفصلهم خطوة واحدة عن إسدال الستار عن تلك القضية. استطاع النقيب محمد جمال إقناع أهل "بطة" بتسليمه خوفا من الفضيحة بين أهالي القرية لكن دون جدوى بسبب مراوغته رجال التحقيق.

مناقشة حادة دارت بين "بطة" وأحد رجال المباحث اضطر على إثرها الأخير لتهديده "هعملك فضيحة لأنك حرامي" لتطلب زوجته تطليقها مؤكدة "مش هبات هنا ولا هروح القسم" ليقرر الإفصاح عما بداخله من معلومات "هقول كل حاجة يا بيه".

48 ساعة فقط احتاجها ضباط المباحث لفك طلاسم القضية وتحديد مرتكبيها، فجاء ضبط المتهم الأول قبل غروب شمس اليوم الثاني، وانتهت في اليوم الثالث بضبط 7 متهمين بحوزتهم سلاح آلي و200 طلقة وجزء من المبلغ المسروق، إذ تبين أن تلك الواقعة هي الأولى للمتهمين، وأن باقي المبلغ ما بين سداد ديون بعضهم أو دفع قيمة السلاح والذخيرة وسط إشادة من اللواء علاء سليم مدير قطاع مصلحة الأمن العام بالجهود المبذولة موجها الشكر لجميع عناصر فريق البحث.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان