إعلان

45 دقيقة حُبست فيها الأنفاس.. كواليس إنقاذ عامل من "غرفة الموت" في مركب الدقي

08:00 ص الإثنين 08 يوليه 2019

كتب - محمد شعبان:

الزمان: الثالثة عصر الأحد

المكان: كورنيش النيل بمحافظة الجيزة

الحالة: أجواء مألوفة بمحيط مركب عائم يضم "ديسكو" وصالة ألعاب رياضية يرتادها مشاهير ونجوم الفن والرياضة بصفة مستمرة، لكن دقائق معدودات تبدلت معها الأمور ليحل الصراخ والعويل بدل الهدوء، وكر وفر بديلًا عن حركة المارة المتوسطة.

الثالثة والنصف عصرًا، يجلس اللواء هشام صادق مدير الإدارة العامة للحماية المدنية بالجيزة في مكتبه يتابع الحالة الأمنية في قطاعات ووحدات الإطفاء المنتشرة بمراكز المحافظة، استقرار الأوضاع كان لسان حال غرفة العمليات التي لم تتلق أي بلاغات حتى رن جرس الهاتف، أسرع المدير للرد فالمتصل هو مدير الإنقاذ النهري "مركب جولدن جيم بتغرق".

انطلق العميد حازم الرفاعي على رأس 3 مجموعات إنقاذ نهري قاصدًا المركب العائم بالقرب من كوبري الجلاء، وصل في غضون دقيقة بعد استقلاله لنشات الإنقاذ المستقرة أسفل كوبري الجامعة تزامنًا مع تحرك اللواء هشام صادق رفقة فريقي إنقاذ بمشاركة العقيد علاء خلوصي رئيس قسم الإطفاء والمقدم أحمد الشرقاوي.

فور وصوله أطلع العميد "الرفاعي" مدير الحماية المدنية على آخر المستجدات على أرض الواقع "المركب نزلت دور واحد تحت المياه.. وفي حد محتجز" بينما تتعالى في الخلفية أصوات صراخ الفتيات والسيدات من رواد "الجيم" لدى فرارهن من الفرع الشهير.

3 دقائق اكتمل معها نصاب القوات مع وصول 3 فرق إنقاذ نهري من إدارة الإنقاذ النهري بالقاهرة بقيادة العميد محمد عبدالشافي، يستمع اللواء "صادق" إلى شرح وافٍ من مساعده للإنقاذ النهري مع شكوك حول عدد الأشخاص المحتجزين في الداخل، إذ يؤكد العاملون: "مش عارفين في واحد أو اتنين" قبل أن يُحسم الأمر بعمل حصر للعاملين كافة، وتبين: "مفيش غير عامل واحد جوا.. مش بيعرف يعوم".

معاينة سريعة للمركب، ثُبت من خلالها أنه مكون من طابقين الأول ملهى ليلي "ديسكو" ومطعم غير مرخص، والثاني صالة ألعاب رياضية "جيم"، مُثبت على مكعبات من الصاج لتؤدي دور رافعات، لكن تعرضها للتآكل بمفعول المياه وزيادة الحمل تسببا في غرقها، واستقرارها في النهاية على الطمي النيلي، ما تسبب في غرق الطابق الأول واحتجاز أحد الأشخاص داخل غرفة غمرتها المياه باستثناء 30 سم منحته قدرة على التنفس مع تشبثه ببعض المنقولات العائمة "دولاب - مكتب" خوفًا من الموت غرقًا.

واجه رجال الإنقاذ صعوبات عدة في إخراج العامل المحتجز داخل غرفة بباب مصفح، فشلت محاولات إحداث فتحة باستخدام منشار حديدي ثم منشار كهربائي الذي أصابه عطل فني جعله خارج الخدمة، ليقرر اللواء هشام صادق اللجوء إلى الطريقة التقليدية من خلال "مقصات - عتلة".

صعوبة كبيرة واجهها فريق الإنقاذ لإحداث فتحة في الغرفة بينما يحاول غواصون إزالة "حلية" من الخشب لإنجاز المهمة سريعًا. يتساءل قائد فرق الإنقاذ عن حالة العامل المحتجز ليجيبه أحد أعضاء فريق الإنقاذ "لسة عايش.. بدأ يظهر وشايفينه قدامنا يا فندم متشعلق في دولاب".

45 دقيقة من العمل المستمر لرجال الإنقاذ النهري كُلل بالنجاح بإنقاذ العامل قبل غرقه ليتلقى مدير الحماية المدنية الخبر السار: "سحبناه من فتحة صغيرة في جدار من المركب" لتنطلق الزغاريد وصفارات الإشادة من الحضور ليتنفس الجميع الصعداء بالتزامن مع ارتفاع أصوات سارينة الشرطة تبعها ظهور دراجات نارية لرجال المرور معلنة وصول اللواء دكتور مصطفى شحاتة مساعد وزير الداخلية لأمن الجيزة، يرافقه الحكمدار اللواء عادل حجازي، واللواء رضا العمدة مدير إدارة البحث الجنائي.

رويدًا رويدًا بدأت الأجواء تعود إلى طبيعتها، هدوء حذر يسيطر على الجميع، حالة ترقب لما ستسفر عنه الدقائق المقبلة.

بخطوات ثابتة اقترب صاحب الجيم من القيادات الأمنية المتواجدة بموقع الحادث، ليفجر مفاجآت عدة، أولها أنه حرر بلاغًا ضد القائمين على "الديسكو" بقسم شرطة الدقي بسبب تغييرهم الأرضية الخشبية واستبدالها برخام ووضع أبواب مصفحة بكثافة دون الحصول على موافقة الجهات المعنية الأمر الذي تسبب في زيادة الحمولة على المركب وغرقها جزئيًا.

قرار مدير أمن الجيزة جاء صارمًا إذ وجه بإغلاق المركب العائم المعرض لخطر الغرق بالكامل، وتعيين حراسة شرطية لمنع دخول أحد، حرصًا على سلامة الجميع، ومراقبة عملية نقل المعدات والمنقولات بالكامل، وبدء عملية سحب المياه من الطابق الأول ومن ثم إعادة المركب إلى حالتها الأولى.​

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان