المشاغبون الأربعة تحت كماشة ثلاثية.. تفاصيل اقتحام "دولاب مخدرات" بأوسيم
كتب- محمد شعبان:
مؤشرات ضبط الوقت تشير إلى السادسة صباح الأربعاء قبل الماضي، لم يكن أهالي مركز أوسيم يعلمون أنهم على موعد مع خبر سار، ساقته "كماشة" ثلاثية من رجال الشرطة، أطبقت على وكر لتجار المخدرات لطالما أزعج جيرانه، ودمر أحلام شباب في مقتبل العمر.
ذاكرة الأهالي الذين وقفوا على أطلال الوكر، ذهبت في رحلة بطريقة الـ"فلاش باك السينمائية" إلى مقهى بلدي بمنطقة الكوم الأحمر، مطلع العام الجاري جلس عليه "شعبان" مع صديقه "محمد" يبحثان تردي حالتهما المادية، يشكو الأول حاجته الماسة للمال، ويزيد الثاني بهروبه من الديانة، تبعتها لحظات صمت قطع جمودها ابتسامة بلهاء علت وجنتي الأول الذي صاح "لقيت فكرة هتخلينا نقب على وش الدنيا".
غادر الصديقان المقهى للحديث بعيدا عن مرتاديه، شرح "شعبان" تفاصيل ما يجول في رأسه بشأن تكوين تشكيل عصابي يتخصص في الاتجار بالمواد المخدرة، متخذين منطقة سكنهما مسرحا لنشاطهما وزيادة أفراد العصابة بضم "نور" و"أمير".
البداية جاءت محدودة، بينما تنسدل أشعة الشمس خلف الغيوم معلنة قدوم ليل يوم جديد يخرج المشاغبون الأربعة لترويج المخدرات على عملائهم بمنطقة الكوم الأحمر والعودة إلى منازلهم في الصباح حتى قرر العقل المدبر وزعيم التشكيل "شعبان" تأسيس بؤرة ثابتة "دولاب" ووقع اختياره على عزبة محيسن.
بمرور الأيام ذاع صيت عصابة المشاغبين الأربعة، باتوا يشكلون خطرا على الأمن العام، وتهديدا لحياة الشباب وسط مخاوف من أولياء الأمور على ذويهم من الانجراف إلى تيار الهلاك بسبب تلك السموم.
ظن أفراد التشكيل الإجرامي أن سقوطهم في قبضة الشرطة أمر أقرب للخيال، وأن خطتهم الشيطانية لن تنكشف خباياها، بل جلس الأربعة يبحثون إمكانية التوسع جغرافيا لكسب مزيد من المال.
الخميس قبل الماضي بدت الأجواء غير مألوفة داخل أروقة قسم شرطة أوسيم، خلية نحل أثارت تساؤلات الجميع، تحول الطابق الذي يضم وحدة المباحث إلى أشبه بغرفة عمليات، اجتماع مغلق داخل مكتب رئيس المباحث لبحث واحدة من أهم القضايا.
صمت يطبق على مكان الاجتماع، يشرح المقدم مجدي موسى رئيس مباحث أوسيم، خطة البحث لمعاونيه التي تركزت على جمع المعلومات الدقيقة حول نشاط تلك البؤرة وطبيعة تسليحهم ومصدر المخدرات.
المهمة ليست بالأمر اليسير، لاسيما اهتمام قيادات مديرية أمن الجيزة عامة وقطاع الشمال خاصة بضرورة اقتلاع جذور تلك البؤرة التي باتت تشكل "صداع".
5 أيام من البحث والتحري، بدت معها الصورة أكثر وضوحا أمام العميد عمرو طلعت رئيس المباحث الجنائية لقطاع الشمال، نجح الرائد وليد كمال والنقيب إبراهيم فاروق معاونا المباحث، في إعداد تقرير وافٍ عن التشكيل الأخطر بالتنكر تارة، وتجنيد المصادر السرية أخرى دون ترك ثغرة قد يفلت من خلالها المتهمون.
في وقت متأخر من الثلاثاء قبل الماضي، منح اللواء محمود السبيلي مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، فريق البحث الضوء الأخضر لاقتحام البؤرة وضبط عناصرها في حالة تلبس.
بالانتقال إلى ديوان القسم، هدوء حذر يطبق على المكان، يضع العقيد أحمد الوليلي مفتش مباحث القطاع، اللمسات الأخيرة للخطة، وشملت تقسيم الضباط إلى 3 مجموعات، يضم كل منها رجال مباحث ومخبرين لتضييق الخنا على المتهمين "خطة الكماشة".
ساعة الصفر كانت مع الضوء الأول لنهار يوم الأربعاء قبل الماضي، نجح المقدم مجدي موسى ومعاوناه الرائد وليد كمال والنقيب إبراهيم فاروق في الإيقاع بعناصر العصابة دون إطلاق رصاصة واحدة بفضل عنصر المفاجأة وعمل جاد استمر 120 ساعة، إذ جرت الأمور كما خطط لها.
"المأمور نجحت يا فندم" هكذا تلقى اللواء محمد الشريف مساعد وزير الداخلية لقطاع أمن الجيزة، الخبر السار عبر جهاز اللاسلكي القابع على مكتبه، مشيدا بجهود فريق البحث في توجيه ضربة قاسمة إلى مروجي الكيف.
مكبلين بالأصفاد جلس الأربعة "شعبان. ع" و"محمد. ص"، و"نور. ح" بالاشتراك مع "أمير. ع"، داخل سيارة الشرطة يلومون أنفسهم على ما اقترفته أيديهم وهم ينظرون إلى ما أخرجته قوات الأمن من وكر المشاغبين والذي تخطى "5 فرش حشيش تزن 1 كجم، و114 تذكرة هيروين تزن 500 جرام، و3 لفافات من نبات البانجو المخدر، و4 شرائط لعقار الأبتريل المخدر" إضافة إلى فردي خرطوش محلي الصنع و5 طلقات وهواتف محمولة ومبلغ مالي.
أسدل ضباط إدارة البحث الجنائي بمديرية أمن الجيزة الستار على تلك القضية، ورحلت مأمورية المتهمين إلى سرايا النيابة - وسط حراسة أمنية مشددة - وأمرت النيابة العامة بحبسهم على ذمة التحقيقات.
فيديو قد يعجبك: