عصابة "نورهان" وكافيه فيصل.. تفاصيل كشف لغز السيارات الفارهة في الجيزة
كتب- محمد شعبان:
سيدة يفصلها أيام عن إتمام عامها الثلاثين، منحها الخالق قدرًا عاليا من الجمال، تبدلت حياتها رأسًا على عقب، لدى تعرضها لواقعة نصب، لتقتحم عالم الإجرام بحثا عن تحقيق الثراء السريع الذي أوقع بها على "كافيه" بمحافظة الجيزة لتسدل أجهزة الأمن الستار على لغز سرقة السيارات الفارهة.
نشأت "نورهان" في أسرة ميسورة الحال بـ"عروس الصعيد" محافظة المنيا، والدها مالك صيدلية وشقيقتها طبيبة، جُل همها في الحياة جني المال وامتلاك أرصدة طائلة في البنوك.. طموح منشود أضحت أسيرة بلوغه.
مع تعرضها لحادث نصب، تركت ذات الـ29 ربيعًا مسقط رأسها برفقة زوجها قاصدة منطقة فيصل غربي محافظة الجيزة، استقر بهما الحال في شقة مستأجرة، واستمرت في عملها القديم تنسيقًا مع شركات تأجير السيارات مقابل "عمولة" متغيرة.
في أمسية معتادة، جلست "نورهان" مع زوجها على كافيه بمنطقة فيصل، تعرفت خلالها على صديقه "خالد"، تلك المقابلة التي تحول معها مسار حياتها لاحقًا.
لم تنتظر السيدة العشرينية طويلًا، صباح اليوم التالي أخرجت هاتفها الجوال واتصلت بصديق زوجها طالبته برغبتها في الحديث معه: "عاوزاك في موضوع مهم جدًا".
حضر "خالد" وفق الاتفاق المسبق بينه وبين و"نورهان"، لم يتوقع ما سيقع على مسامعه خلال تلك الجلسة، طالبته بمساعدتها في رفع الحظر عن سيارات ملك الشركة التي تعمل لديها "هتاخد عمولتك زي ما هتحدد.. مش هنختلف".
5 آلاف جنيه حصل عليها "خالد" مع إتمام المهمة، ليتلقى اتصالًا ثانيًا من "نورهان" أخبرته خلاله بأن صفقة العمر في انتظارهما "مصلحة حلوة ليا وليك"، وتقابلا سويًا على مقهى بدائرة قسم شرطة الهرم، روت له خطوط عريضة لما يدور بعقلها: "هجيب لك العربيات وإنت ترفع الحظر من عليها وتظبط لها الورق ونأجرها في المعارض".
حظيت الفكرة بموافقة "خالد" الذي ضم 3 عناصر جدد للتشكيل وهم كل من: "هشام" و"عمرو" و"محمد" تنوعت أدوارهم ما بين تزوير أوراق ملكية السيارة.
6 وقائع بعلامة كاملة ظنت "نورهان" أنها وجدت ضالتها بعد سلسلة اختيارات غير موفقة، إلا أن ضباط مباحث مكافحة سرقة السيارات بمديرية أمن الجيزة كانوا لها بالمرصاد.
داخل مكتبه في ديوان عام المديرية المواجهة لمقر السفارة السعودية، كان العقيد محمد مصطفى رئيس مكتب مكافحة سرقة السيارات بالجيزة، يفحص تقرير دوري يعده ضباط القسم حول حركة البيع والإيجار في معارض السيارات العاملة في نطاق المحافظة، ثمة شيء حاز اهتمامه "فتاة عشرينية رفقة شخصين يعرضون سيارات فارهة بأقل من سعرها الأصلي".
دقائق قلائل تحول معها المكتب لغرفة عمليات، اجتماع مغلق دام قرابة الساعة، بحث خلاله العقيد "مصطفى" خطة العمل للوقوف على نشاط هؤلاء الثلاثة والإجابة عن السؤال الأبرز: "لماذا السيارات الفارهة وبأقل من سعرها؟".
أولى خطوات رجال المباحث كانت معرفة مصدر السيارات بمراجعة أصحاب المعارض فتبين أن الأوراق مزورة بالكامل، تلتها خطوة تحديد هوية الثلاثة محل الشك والريبة، فتبين أن سيدة تدعى "نورهان 29 سنة، سبق اتهامها في 38 قضية، ومطلوب ضبطها على ذمة 29 حكمًا قضائيًا متنوعًا، حاصلة على بكالوريوس تجارة، وأنها تتزعم تشكيلًا عصابيًا بالاشتراك مع 4 آخرين، تخصص نشاطه في تزوير أوراق السيارات الفارهة وبيعها أو تأجيرها بالمعارض.
بدت الصورة أكثر وضوحًا أمام العقيد محمد مصطفى ومعاونيه، عرض ملف القضية على اللواء محمود السبيلي مدير مباحث الجيزة، الذي وجه بسرعة ضبط التشكيل في حالة تلبس.
عقب تقنين الإجراءات، أعدت الشرطة أكمنة عدة أسفرت إحداها عن ضبط "نورهان" و"خالد" في أثناء جلوسهما على كافيه بفيصل وبحيازتهما سيارة فارهة، لتنهار المتهمة الرئيسية وأيدت صحة التحريات وأرشدت عن باقي المتهمين، وأمكن ضبطهم، وكان أحدهم داخل مكتب لإجيار السيارات بصدد إنهاء واقعة جديدة.
تواصل رجال المباحث مع أصحاب المعارض "حسني النية" الذين بادروا بتسليم السيارات المشبوهة، مؤكدين: "كان معاهم توكيل ورخصة ولوحات معدنية سليمة.. مفيش حاجة تخلينا نشك فيهم".
بالانتقال إلى قسم شرطة الهرم المتاخم للمنطقة الأثرية، استمع رجال المباحث إلى اعترافات "نورهان".
بصوت مبحوح يكاد يسمع، وملابس سوداء تكشف عن حزن عميق يسكن القلب، أعربت زعيمة التشكيل عن بالغ أسفها مما أقدمت عليه: "مش عاوزة أهلي يعرفوا عني حاجة.. ميستاهلوش مني كده" بينما يعلو بكاء ذراعها اليمنى "خالد" حسرة على ما آلت إليه الأمور: "كنت باخد 5 آلاف في العملية.. لو فكرت لحظة انه هيتقبض عليا مكنتش عملت حاجة.. مش عارف مراتي وولادي هيعملوا إيه من غيري".
فيديو قد يعجبك: