"عرفتوا المكان إزاي.. إحنا لحقنا".. رحلة الـ48 ساعة لتحرير مزارع من خاطفيه بالصف

كتب - محمد شعبان:

المكان: قسم شرطة الصف جنوب الجيزة

الزمان: الصباح الباكر

الحدث: سمسار أراضي يطلب مقابلة رئيس المباحث "أخويا اتخطف". حاول الضباط تهدئة روعه والتأكيد على "متقلقش كل حاجة هتبقى كويسة".

لم يكد العقيد محمد مختار مفتش فرقة شرق الجيزة، يضع متعلقاته الشخصية على مكتبه لدى وصوله حتى أبلغ شرطي "عندنا بلاغ خطف يا فندم". أيقن العقيد مختار أنه أمام بداية ساخنة ليوم جديد في حياته الشرطية.

في حضور المقدم محمد العشري رئيس مباحث الصف، استمع مفتش الفرقة إلى أقوال مقدم البلاغ بعد تقديم كوب مياه بارد القتط معه أنفاسه.

بصوت مبحوح وكلمات تخرج بصعوبة من فمه، قال (ناجي 40 سنة) سمسار أراضي أنه فوجئ باختطاف شقيقه (علاء 35 سنة) مزارع، على يد 3 أشخاص من أمام منزله بقرية غمازة الكبرى، وتلقيه اتصال من الخاطفين طلبوا فديوة مليون جنيه مقابل إطلاق سراحه.

فريق بحث رفيع المستوى ترأسه العميد أحمد الوتيدي رئيس قطاع الجنوب، عمل عناصره على وضع خطة محكمة تقودهم إلى مبتغاهم سريعا. تركزت الخطة على فحص علاقات مقدم البلاغ وشقيقه والوقوف على وجود خلافات بينهم وبين آخرين ترقى لارتكاب الواقعة.

استعان ضباط المباحث بقطاع المساعدات الفنية برئاسة الرائد محمد المسلمي لتتبع هاتف المختطف وأيضا الهاتف الخاص بالخاطفين لتحديد مكان تواجدهم.

48 ساعة لم يذق فيها ضباط المباحث النوم بالكاد يتناولون ما يسد جوعهم، في سابق مع الزمن لإنقاذ المزارع الثلاثيني. توصل رجال البحث إلى تواجد المتهمين في شقة بحي دار السلام في محافظة القاهرة.

انطلقت مأمورية أملا في حل اللغز لكن وقت قصير فصلهم عن ضبط المتهمين الذين استشعروا قرب وصول الأمن إلى مكان اختبائهم فتركوه.

رغم العودة إلى المربع صفر، لم يتسرب اليأس إلى نفوس الضباط، أقسموا على ألا يعود أحدا منهم إلى منزله قبل الإيقاع بهؤلاء الجناة وتحرير المختطف.

ضيقت الشرطة الخناق على المتهمين مع توجيه شقيق المختطف بمماطلتهم فيما يخص تسليم مبلغ الفدية لمنحهم الوقت الكافي لتحديد مكانهم الأمر الذي تحقق في مساء تلك الليلة.

تحريات ضباط فرقة الشرق توصلت إلى اختباء المتهمين في شقة منطقة المنيب بدائرة قسم الجيزة. انطلقت مأمورية بقيادة النقيب ماجد فوزي معاون مباحث الصف، وتمكنت من ضبط الجناة الثلاثة وهم: "هيثم. أ." مقيم جرجا محافظة سوهاج، و"سيد. م." مقيم حلوان محافظة القاهرة، و"محمود. م." مقيم الشرفا مركز الصف، وبحوزتهم طبنجتين وهواتف محمولة بينها المستخدم في التواصل مع المبلغ.

وتم تحرير المزارع إذ عُثر عليه مقيد اليدين ومكبل القدمين في حالة جيدة، والذي ظن لوهلة أنه في حُلم حتى أنه احتضن رجال الشرطة المشاركين في عملية تحريره بينما كانت الصدمة لسان حال المتهمين "عرفتوا المكان إزاي.. إحنا لحقنا".

وكشفت التحريات أن المُبلغ "ناجي" على خلاف مالي مع الخاطفين الثلاثة بسبب قيمة بيع قطعة أرض اشتراها منذ فترة، فقرروا الانتقام منه، واستقلوا سيارة ميكروباص وتوجهوا إلى استراحة اعتادوا مقابلته هناك وتناول الطعام سويا.

لم يعثر الثلاثة على السمسار لكنوا وجدوا شقيقه الأصغر فاصطحبوه عنوة إلى السيارة تحت تهديد السلاح زعما أنهم رجال شرطة ومنها إلى مقر احتجازه ظنا أن خطتهم ستنتهي بحصولهم على المال لكن تحولت أحلامهم إلى سراب.

بالعودة إلى قسم شرطة الصف، ارتسمت البسمة على وجوه الجميع بعد إسدال الستار على القضية خلال يومين، فضلا عن توجيه أسرة المختطف الشكر إلى رجال المباحث على سرعة استجابتهم للبلاغ واحترافيتهم في تحريره دون تعرضه لمكروه.