"مش إحنا اللي نتحبس".. ماذا حدث في واقعة "طفل المرور"؟ (القصة الكاملة)
كتب- محمود الشوربجي:
صباح السبت الماضي، شهدت منطقة زهراء المعادي واقعة تعدي طفل يدعى "أحمد" يقود سيارة مرسيدس بصحبة أصدقائه على أحد رجال المرور؛ أثناء اعترضه لهم بعدما لفت انتباهه الطفل الذي يقود السيارة.
التعدي على رجل المرور وتوثيق الواقعة
رجل المرور الذي استوقف السيارة طالب الطفل برخصة القيادة ورخصة السيارة، لكن سؤاله قوبل برد ساخر وغير لائق، حيث رد الطفل "مش معايا رخصة.. فين كمامتك أنت؟ وابعد شوية عني".
وحينما طالب رجل المرور الطفل بترك السيارة، انطلق الطفل بسرعة كبيرة، وكاد يدهس الشرطي وفر هاربًا.
لحظة التعدي على رجل المرور والسخرية منه وثقها أصدقاء الطفل في فيديو تم تصويره من داخل السيارة والذي انتشر عقب ذلك بمواقع التواصل الاجتماعي، ما زاد من سخط الرأي العام من الواقعة- وهي ليست الوحيدة.
فحص الفيديو
على الفور قامت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية بفحص الفيديو، وتبين من خلاله ظهور طفل يقود سيارة، أثناء قيام أحد رجال المرور بإيقافه لفحص تراخيصه ومناقشته حول كيفية قيادة السيارة.
لكن الطفل قابله بالسخرية منه ثم الهرب بالسيارة، وتم إجراء عملية فحص لتحديد مكان قيادة الطفل للسيارة وتحديد هويته والسيارة التي كان يقودها.
القبض على الطفل والتحقيق بالواقعة
مساء السبت الماضي، أمر المستشار حمادة الصاوي النائب العام، بالتحقيق في واقعة تعدي الطفل على فرد شرطة مرور بالمعادي.
وجاء قرار النائب العام، بالتزامن مع قيام الأجهزة الأمنية بتحديد بيانات السيارة ومالكها بعد فحص الفيديو والتوصل إلى فرد المرور الذي كان بالواقعة ومكانه، وأمرت النيابة باستدعاء الأب والطفل للتحقيق معهما، بناء على قرار النائب العام.
الطفل: العربية مش بتاعتنا واعتذرت لرجل المرور
باستجواب النيابة العامة الطفل قائد السيارة –وعمره ثلاثة عشر عامًا– فيما نُسب إليه من إهانته موظفًا عموميًّا –أحد رجال الضبط– بالقول أثناء وبسبب تأديته وظيفته، وتعديه عليه خلال ذلك، وقيادته مركبة دون الحصول على رخصة قيادة ودون حمل رخصة تسيير، فقرر أن السيارة التي كان يقودها خلال الواقعة مملوكة لصديق والده الذي اشتراها من الأخير، وأنه يومئذ وخلال تواجده بمسكن صديق والده اختلس مفاتيح السيارة للتنزه بها من غير علم مالكها، ثم دعا أصدقاءه لصحبته، ولما التقوا فرد الشرطة استوقفه وسأله عن تراخيص السيارة والقيادة فنفى حملها، ثم دار بينهما الحوار المتداول حتى توجه فرد الشرطة إلى مقدمة السيارة لتدوين رقم لوحاتها المعدنية، فانطلق بها خشيةَ تحرير مخالفة ضد مالكها وفُوجِئ آنذاك باصطدام قدم فرد الشرطة بباب السيارة، فعاد إليه لاحقًا مقدمًا اعتذاره إليه فقبله منه، وأضاف أن أحد أصدقائه قام بتصوير المقطع المتداول، نافيًا علمه بشخص مَن نشره بمواقع التواصل الاجتماعي.
رجل المرور: قبلت الاعتذار
وسألت النيابة العامة فرد الشرطة فشهد أنه في ظهيرة يوم السادس والعشرين من شهر أكتوبر الماضي، أُخطر من مواطنين بقيادة طفل سيارة برعونة بمنطقة زهراء المعادي –محل خدمته-، فاستوقف السيارة وتبين طفلًا يقودها في صحبة آخرين من ذات عمره، فسأله عن تراخيص السيارة والقيادة ففوجئ بتعدي الطفل ومَن معه عليه بالقول وتوعدهم له بالإيذاء، ثم دار بينه وبين قائد السيارة الحوار المصور حتى توجه لمقدمة السيارة لتدوين رقم لوحاتها المعدنية وتحرير مخالفة بالواقعة، ففوجئ بتحرك الطفل بالسيارة مما أخل بتوازنه واصطدمت رجله بباب السيارة، فدون رقم لوحاتها وحرر مخالفة بها، ثم جاءه الطفل قائد السيارة ومن معه لاحقًا للاعتذار إليه، فقبل اعتذاره نافيًا إصابته من الواقعة.
ملكية السيارة
وباستجواب «النيابة العامة» مالك السيارة -صديق والد الطفل المتهم– فيما نُسب إليه من تعريضه حياة طفل للخطر، وتمكينه من قيادة مركبة وهو لم يبلغ ثمانية عشر عامًا وقد نتج عن ذلك ضرر للغير، أنكر ما نُسب إليه، نافيًا علمه أو سماحه للمتهم بقيادة السيارة، موضحًا أن الأخير جاءه ظهيرة يوم الواقعة عائدًا من مدرسته –كما اعتاد منه– ثم فوجئ بمغادرته المسكن بعد فترة، وباستطلاعه أمره من الشرفة رآه يوقف سيارته –المستخدمة في الواقعة- أسفل المسكن، فلما سأله عما فعل أخبره باختلاسه مفاتيحها للتنزه بها، فنهره ونبهه على عدم تكرار فعله، مؤكدًا شراءه السيارة من والد المتهم في مطلع أكتوبر الماضي، حيث قدم «للنيابة العامة» أصل عقد بيعها إليه.
إخلاء سبيل الطفل وتسليمه لأهله
مساء الأحد قررت «النيابة العامة» في ضوء أحكام المادة ١١٩ من قانون الطفل، والتي ألزمت بعدم الحبس الاحتياطيّ للطفل الذي لم يجاوز خمس عشرة سنة، وفي ضوء ما أوصى به الاختصاصي الاجتماعي من تسليم الطفل المتهم إلى ولي أمره مع أخذ التعهد بالمحافظة عليه وحسن رعايته وإخضاعه للتأهيل وجلسات تعديل السلوك، كما أوصى بتقرير «خط نجدة الطفل»، قررت «النيابة العامة» إخلاء سبيل مالك السيارة إذا ما سدد ضمانًا ماليًّا قدره عشرة آلاف جنيه على ذمة التحقيقات، وجارٍ استكمالها باستجواب مَن كان في صحبة الطفل المتهم بالسيارة وقت الواقعة، وطلب تحريات الشرطة النهائية حولها.
"مش احنا اللي نتحبس"
الواقعة لم تنتهي عند هذا الحد بل قام الطفل مساء الأحد أيضًا، عقب مغادرة سرايا النيابة، ببث فيديو عبر أحد مواقع التواصل الاجتماعي برفقة آخرين من أصدقائه يتحدث فيه بطريقة تنمر وعنف.
وتبين من التحقيقات أن رجال الأمن قد رصدوا قيام الطفل"أحمد" عقب إخلاء سبيله وتسليمه لأسرته ، ببث فيديو لايف عبر موقع الانستجرام برفقة أصدقائه ووجه بعض الشتائم لمتابعين الموقع والتنمر عليهم قائلا "مش احنا اللي نتحبس".
القبض عليه مجددًا
وبعد إخلاء سبيله بساعات قليلة ألقت أجهزة الأمن بالقاهرة، القبض مجددا على "طفل المرور "و4 آخرين من أصدقائه، بسبب الفيديو الجديد الذي يقومون فيه بالتنمر وسب المتابعين بألفاظ نابية.
وأحدث الفيديو حالة من الغضب والسخط من رواد السوشيال ميديا على ذلك الفيديو المهين، إلى جانب رصد فيديو آخر يقوم فيه الطفل و4 من أصدقائه، بالتنمر على رجل مرور بمنطقة المعادي.
إيداع الطفل دار رعاية وحبس 4 آخرين
مساء الإثنين، أمر النائب العام المستشار حمادة الصاوي، بإيداع الطفل المتعدي على فرد شرطة المرور إحدى دور الملاحظة، وحبس من كانوا في صحبته احتياطيًّا على ذمة التحقيقات.
وذكرت النيابة العامة في بيان رسمي، أنها كانت في إطار استكمالها للتحقيقات في الواقعة قد تبينت نشر الطفل المتعدي مقطعًا مساء أمس بمواقع التواصل الاجتماعي فور تسليمه لوالديه نفاذًا لقرار "النيابة العامة"، تضمن ارتكابه جريمة جديدة، وكذا أسفرت التحقيقات مع من كانوا معه عن ملابسات منها موالاة تعديهم والطفل المذكور على فرد الشرطة فور انتهاء الواقعة الأولى، وتصويرهم مقطعًا بهذا التعدي تبين "للنيابة العامة" تداوله اليوم بمواقع التواصل الاجتماعي، فضلًا عن مقاطع أخرى لوقائع مماثلة ارتكبها المذكور، الأمر الذي رأت معه "النيابة العامة" عدم التزام والدي الطفل المتهم بتعهدهم إلى "النيابة العامة" كقرارها بتقويم سلوكه وحسن رعايته بعد تسليمه إليهما، حيث أذاع مباشرة فور مغادرته سراي النيابة أمس مقطعًا جديدًا تضمن ارتكابه جريمة أخرى، فأمر المستشار النائب العام لذلك بسرعة ضبطه واستجوابه فيما استحدث من وقائع.
فيديو قد يعجبك: